اضغاث احلام الاميركان
مهدي منصوري
يلاحظ وفي متابعة دقيقة لجولة وزير الخارجية الاميركي بومبيو المكوكية في المنطقة والتي شملت العديد من دولها ان هدفها الاساس هو ايران وايران فحسب، مما يوحي حالة المرارة التي تعيشها الادارة الاميركية من طهران خاصة بعد فشلها الذريع من تحقيق هدفها الاساس الداعي الى انهيار الاوضاع فيها فيما اذا هي خرجت من معاهدة الاتفاق النووي، وقد كانت تعتقد واشنطن وضمن حسابات خاطئة وغير دقيقة انها وفيما اذا اعلنت خروجها من المعاهدة وفرض قرارات الحظر القاسية فانها ستصل الى هدفها القديم الجديد وهو انهيار الوضع القائم لتزيل عقبة كأداء او صخرة صلدة قوية تجاه تحقق مطامعها في المنطقة.
ولكن وبعد مرور عدة اشهر وجدت ان كل ما قامت به من اجراءات اصبحت غير ذات فاعلية ولم تترك تاثيرا كبيرا في ارادة الشعب الايراني وصموده الرائع وصبره اللامحدود بوقوفه مع قيادته الشرعية بحث يمكن القول انه استوعب وادرك المخطط التامري الاميركي وقابله بحالة من الوعي الكبير بحيث لم يسقط في الفخ الذي اعدته واشنطن له، وقد افقد هذا الصمود الرائع للشعب الادارة الاميركية صوابها واصابها بالدوار بحيث دفعت بوزير خارجيتها الاهوج الى استعراض العضلات الجوفاء من خلال زيارة المنطقة واطلاق رسائل التهديد التي يدرك الاميركيون انها لاطائل من تحتها ولن تستطيع ان توصلهم الى ما يريدون.
والذي لابد من الاشارة اليه وهو المعروف لدى العالم اليوم ان واشنطن قد اغرقت ليست المنطقة فحسب بل العالم بالكثير من المشاكل والازمات من اجل توسيع نفوذها من خلال هذه الازمات، الا انها وفي نهاية المطاف وجدت نفسها عاجزة عن ايجاد الحلول لهذه الازمات او على اقل تقدير التخفيف من اثارها السلبية عليها من خلال ردود الفعل الشعبية الغاضبة، وها هي الازمة داخل دول مجلس التعاون التي افتعلتها ومزقت بها منظومة التعاون والتي خلقت حالة من الانقسام غير المسبوق بين هذه الدول وتلتها الازمة اليمنية التي افتعلتها والتي كان لها يد السبق فيها اذ كشفت عملية العند التدخل الاميركي المباشر في محاربة ابناء اليمن، فضلا عن الازمة السورية والعراقية وقد تطول القائمة فيما اذا اردنا سرد المزيد منها، وان كل هذه الازمات وضعت اميركا في حالة من العزلة وعدم تمكنها من اقناع الدول عن خسائرها في منهجها واسلوبها،بحيث اعتبرها مندوب أمريكا لدى حلف الناتو سابقا، إيفو دالدر، أن واشنطن فقدت خلال العامين الماضيين مركز اللاعب الأكثر أهمية على الساحة الدولية، وقال إنه من الصعب للغاية استعادة هذا المركز، وأعرب الممثل الدائم السابق للولايات المتحدة لدى الناتو، إيفو دالدر، الذي يرأس الآن مجلس شيكاغو للشؤون العالمية، أعرب عن هذا الرأي في مقابلة نُشرت السبت الماضي على موقع قناة "CNN".
ولذلك فان جولة بومبيو في المنطقة قد كتب عليها الفشل الذريع وانه سيخرج منها كما يقال ب"خفي حنين"، وفي الطرف المقابل ستبقى طهران ذلك الكابوس الذي يجثم على انفاس ترامب ومن لف لفه او وقف معه من جانب وستكون الصخرة الصلدة التي تتحطم عليها كل الاحلام الوردية الاميركية لتصبح اضغاث احلام لن تجد طريقها للواقع بعد اليوم.