أفول قدرة واشنطن بدأ من دمشق
مهدي منصوري
اثار تهافت الانظمة العربية الرجعية على التطبيع مع سوريا بعد ان كانت من اشد الدول المعادية للنظام السوري والتي عملت ما وسعها الجهد من اجل تغيير هذا النظام من خلال تحريك ماكنتها الاعلامية والسياسية والعسكرية مما يعكس الامر صورة جديدة يشهدها الواقع السياسي في المنطقة، لان هذا التحول لم يأت من فراغ وانما هو نتيجة طبيعية للاعتراف بالهزيمة والفشل الذريع بعجزها عن تحقيق ما كانت تطمح اليه خاصة وانها ارتكزت في هذا المجال الى قدرة عالمية كبرى وهي اميركا،
وبنفس الوقت فان هذا الموقف الجديد يعكس ان الرهان على اميركا اصبح مغامرة محفوفة بالمخاطر لان الواقع العالمي اليوم يشهد وبوضوح افول عصر النفوذ الاميركي، وبذا اشارت اوساط اعلامية وسياسية ان التحول من العداء لسوريا الى التودد اليها واعادة السفراء الى هذا البلد وبهذه الصورة المتسارعة امر فرضته قدرة الصمود السوري امام كل الضغوط الكبيرة بمختلف صنوفها والتي استطاعت ان تخرج منها منتصرة.
ولكن والذي يثير التساؤل والاستغراب ان هذه الدول التي سعت لاسقاط الاسد وتغيير النظام من خلال تدمير هذا البلد وتهجير أهله من خلال حرب استنزاف غير عادلة وفيما اذا جاء سفراؤها للقاء الرئيس الاسد ماذا سيكون حديثهم وكيف يمكنهم ان يواجهوا من كانوا يريدون ازالته من سدة الحكم واسقاط نظامه؟.
وبطبيعة الحال فانه وكما هو معروف في علم السياسة انه لا صديق دائم ولا عدو دائم وانما هي المصالح التي تفرض وجودها على مثل هذه القضايا يمكن القول ان واشنطن اليوم لم تعد تلك القوة والقدرة التي يمكن الوثوق بها والاعتماد عليها لانها اصبحت في حالة من الضعف بحيث لا تستطيع ليس فقط حماية نفسها فكيف في أن تضمن حماية الاخرين، فلذا وانطلاقا من ان امن المنطقة لا تحدده المشاريع المعلبة والمستوردة بل هو فرض واجب على دولها فلذلك يتطلب الامر ان تتجه الانظار نحو توجيه الجهود والرؤى لدول المنطقة نحو وضع استراتيجية امنية وسياسية واقتصادية ضمن اي اطار من اجل توفير الامن المستديم فيها اولا من دون الاعتماد او الاستماع الى املاءات الاخرين، وكذلك يمكن ان تشكل قدرة عسكرية واقتصادية استراتيجية مهمه تستطيع ان تكون ذات تاثير كبير في مجريات الاحداث الاقليمية والعالمية.