دي ميستورا والافاق المجهولة
زيارة المبعوث الاممي في الشأن السوري ستيفان دي ميستورا لطهران في اطار جولته على اللاعبين الدوليين والاقليميين المؤثرين في حل الازمة السورية حسب وصفه، هي عملية استكشافية وتشاورية للتواصل مع جميع الاطراف المعنية بالشأن السوري ودراسة سبل انجاح المهمة الموكول بها من قبل الامين العام للامم المتحدة لحل الازمة السورية.
ولا يخفى ان ستيفان دي ميستورا هو دبلوماسي ايطالي رفيع ذو خبرة دولية واسعة عينه الامين العام للامم المتحدة بان كي مون خلفا للأخضر الابراهيمي في هذه المهمة واستهل مهمته بزيارة دمشق ولقاء الرئيس الاسد الذي تمنى له النجاح في مهمته لمواجهة الارهاب وحل الازمة السورية من خلال لقاء المعارضة في دمشق الا انه صارحه في نفس الوقت بانه "ليس هناك جنيف ــ 3". ستيفان دي ميستورا انتقل بعدها الى بيروت ليلتقي بالاطراف اللبنانية خاصة قيادة حزب الله الذي تطابقت وجهة نظرها معه بان الحل في سوريا سياسيا ويجب العمل عليه.
وبعيدا عن صدق النوايا وقدرة الرجل على انجاز هذه المهمة الشاقة والمعقدة ومدى الصلاحيات المخولة له وبالتالي هل ستستمع القوى المهيمنة على مجلس الامن لتوصياته في حل هذه الازمة التي دمرت البنى التحتية للشعب السوري وقتلت وشردت ابناءه طيلة اكثر من ثلاث سنوات ووضعت المنطقة اليوم على فوهة بركان.
فاذا كان الرجل يؤكد من طهران على محاربة الارهاب كاولوية وعلى الازمة السورية سياسيا وعدم تفويت الفرصة بصفته مبعوثا امميا، فانها بادرة ايجابية تستحق التقدير وان جاءت متاخرة جدا لكنها ستضع حدا لماساة الشعب السوري وتكالب القوى الظالمة عليه اقليميا ودوليا والتي تصر ليومنا هذا على التدخل السافر في شأنه وتدريب المعارضة المسلحة للاطاحة حسب زعمهم بالنظام في سوريا.
فالسؤال الملح والمصيري الذي يطرح نفسه كيف يريد ستيفان دي ميستورا المبعوث الاممي في الشأن السوري ان يوفق بين امنياته في محاربة الارهاب كاولوية وحل الازمة السورية سياسيا ومواقف القوى الاقليمية والدولية التي لازالت حتى الان تؤمن بالحل العسكري وتدرب المعارضة السورية المسلحة لاستمرار النزاع في هذا البلد خلافا لكل القوانين الدولية التي تحرم التدخل في شؤون الاخرين.
فمهمة دي ميستورا في ظل هذه الاوضاع المعقدة والخطيرة التي تعيشها المنطقة وهي في حالة من خلط الاوراق واعادة التموضع السياسي والعسكري خاصة في الساحتين السورية والعراقية ليست سهلة بالمرة وفوق طاقته وطاقة المنظمة الدولية التي يمثلها لوجود القوى العالمية الظالمة التي تهيمن على قراراتها.
فطهران ابدت استعدادها كما كانت للتعاون مع أي جهد مخلص لمحاربة الارهاب اينما كان مع التاكيد بان ايران كانت منذ بداية الازمة السورية تصر على انه لا حل لهذه الازمة الا سياسيا وان الجهات التي تنادي اليوم على المنابر محاربة داعش هي من اوجدت هذه الوحش وانها غيرصادقة في ذلك ولو كانت كذلك لاتخذت اولا الخطوات الضرورية لمحاصرة هذا الارهاب من قبل الدول الاقليمية الداعمة والممولة له.