إنتكاسة جديدة لعملية السلام في اليمن
عبد الرحمن راجح
دول العدوان السعودي الإماراتي على اليمن لا يبدو أنها جنحت للسلام وإيجاد مخرج سياسي للأوضاع هناك.
فبعد حالة الأمل التي طغت على معظم اليمنيين خلال الأيام والأسابيع الماضية بإيقاف الحرب على بلادهم وإحلال السلام خاصة بعد التوافق الغامض في السويد عادت المؤشرات للوراء نتيجة استمرار الخروقات والتصعيد من قبل هذه الدول وما تحيكها من مكائد سياسية لليمن واليمنيين.
مصادر يمنية مطلعة كشفت أن اتفاق السويد يواجه انتكاسة كبيرة بعد فشل الفريق الأممي المستقر في الحديدة في إيقاف الخروقات المستمرة من قبل قوات المرتزقة والقوات الأجنبية المتمركزة في محيط مدينة الحديدة وعلى امتداد الساحل الغربي، كما فشلت الأمم المتحدة في فتح طريق الحديدة صنعاء إثر تعنت قوات المرتزقة ورفضهم الانسحاب من الخط الفاصل بين كيلو 5 حتى كيلو 16 في هذه الطريق.
وكانت قوات الجيش واللجان الشعبية أعلنت عن تنفيذها المرحلة الأولى من عملية إعادة الانتشار وانسحابها من موانىء الحديدة التي نص عليها الاتفاق وسلمت هذه الأماكن لقوات خفر السواحل.
غير أن دول العدوان رفضت هذه الخطوة وقالت إن هذه الموانىء يجب أن تسلم إلى قواتها، في إشارة واضحة لعرقلة عملية السلام في المدينة والخروج عن نص اتفاق ستوكهولم، وهو ما يمثل انتكاسة حقيقية وكبيرة للعملية السياسية والسلام في اليمن.
خروقات وتفسيرات العدوان للاتفاق الحاصل لم تكن فقط بشأن إعادة الانتشار الأمني في الحديدة وفتح الطرق والممرات الإنسانية، بل إن الغارات على الحديدة واستشهاد بعض المواطنين جراء القصف لازالت مستمرة، كما استقدمت الإمارات معدات عسكرية وقوات جديدة إلى الساحل الغربي، حيث أفادت مصادر يمنية أن ثلاث سفن محملة بالعتاد العسكري وصلت إلى المخاء وتم إرسال هذه القوات إلى الساحل الغربي.
ويعتبر إرسال هذه القوات مخالفة صريحة لنص الاتفاق الذي أكد على عدم إرسال تعزيزات عسكرية جديدة إلى جبهات الساحل الغربي.
وتشير هذه المعطيات على نية أبوظبي في الانقضاض على الاتفاق وإفشاله بعد أن فخخت الساحل بالعديد من المليشيات.
ملف الأسرى أيضاً يواجه انتكاسة أخرى، حيث قالت اللجنة المكلفة بشؤون الأسرى التابعة لحكومة الإنقاذ أن مئات أو آلاف الأسماء التي قدمتها حكومة هادي والتحالف السعودي كانت مكررة أو سبق أن تم الإفراج عن بعض هؤلاء، وكذلك بعض الأسماء لأشخاص من تنظيم القاعدة مسجونين بقضايا إرهاب من عام 2007م حتى اليوم.
وكشفت اللجنة أن لديها المئات من الأسرى الجنوبيين الذين أسروا في الساحل الغربي أو الحدود لم يضمهم التحالف في القائمة التي قدمها، مضيفة أن العملية قد تواجه صعوبات وأزمات إذا استمرت بهذا الشكل.
المؤشرات على انتكاسة عملية السلام وعدم رغبة دول التحالف لم تقتصر على الساحل الغربي واتفاق السويد بل ظهرت خلال الأيام الماضية مؤشرات كبيرة جداً على نية السعودية في استمرار عدوانها.
وكان من ضمن هذه المؤشرات المساعي السعودية في إيجاد انقسام داخل مجلس النواب اليمني بعد أن دعت العشرات من البرلمانيين وجمعهم من بلدان مختلفة في لقاء ترأسه السفير السعودي لدى اليمن الذي يعتبر الحاكم الفعلي للمناطق التي تقع تحت سيطرة الغزاة والمرتزقة.
وتقرر في الرياض أن يقوم هؤلاء الأعضاء بالانقلاب على رئاسة المجلس القانونية المتمثلة في رئيسه الحالي الشرعي الشيخ يحيى الراعي، وأن يقوم هؤلاء الأعضاء بعقد جلسه للبرلمان في المكان الذي ترغب فيه السعودية وإصدار قوانين ملبية لمصالحها ومطامعها في اليمن على رأسها شرعنة العدوان وإيجاد اتفاقيات على قيام السعودية بمد خطوط نفط في المهرة وكذلك تشريع التواجد العسكري للسعودية والإمارات في اليمن.
وقالت مصادر في الرياض إن السعودية دفعت أموالاً طائلة لهؤلاء الأعضاء لكن لازالت هناك اختلافات في اسم الشخص الذي يقود البرلمان.
وتعتبر هذه الخطوة من قبل السعودية دليلاً قاطعاً على عدم نيتها في إحلال السلام وإيجاد مصالحة، بل إنها مازالت مصرة على تواصل حضورها وتواجدها في اليمن واستمرار حروبها وتمددها.
الإمارات أيضاً التي تسعى إلى الحضور والسيطرة على السواحل اليمنية غير جادة في إيجاد سلام دائم في اليمن، حيث أظهر مقطع فيديو بثه ناشطون يمنيون أحد الشخصيات الإماراتية يقول في اجتماع مع شخصيات من جزيرة سقطرى اليمنية أن الإمارات انهت ترتيباتها في منح جميع سكان الجزيرة الجنسية الإماراتية، مضيفا أن الهدف هو ضم هذه الجزيرة للإمارات، ومدعيا أن هذه الجزيرة تربطها علاقات تاريخية وأسرية ونسبية مع الإمارات وأنها تعود تاريخيا للإمارات حسب وصفه، متجاهلا أن دولة الإمارات تشكلت خلال الخمسين عاماً الماضية.
ويثبت هذا الفيديو حسب العديد من اليمنيين النوايا الحقيقة للإمارات في اليمن ومطامعها في التوسع على حساب اليمن الذي يعاني من أزمات.
وكانت مصادر يمنية تحدثت سابقاً أن دول مجلس التعاون رأت في ضعف اليمن وانهياره خلال العام 2011 وحتى 2015 فرصة للتمدد وتقاسم اليمن من حيث النفوذ والجغرافيا، وكانت الحرب على هذا الأساس، حيث اتفقت هذه الدول على تشكيل التحالف المزعوم وشن حرب على اليمن ثم تقاسمه.
غير أن المقاومة التي أبداها اليمنيون أفشلت هذا المخطط، كما أن الأزمة مع قطر أحدثت بعض الشروخ في هذا المخطط، غير أن الإمارات تصر على مصادرة جزيرة سقطرى وسواحل اليمن.
ويعزز هذه الفرضية قيام الإمارات بزراعة عشرات المليشيات المتناحرة فيما بينها في معظم المناطق التي تسيطر عليها، بالإضافة إلى انتشار الفوضى وتدمير ما تبقى من كيان الدولة وتحنيطها من خلال إدارة عبدربه منصور هادي وحكومته، الذين لا يقدمون ولا يأخرون، ولا يلعبون أي دور حقيقي في الأوضاع الحاصلة تحت سيطرتهم.
وإذا ما أخذنا بالاعتبار كل هذه المؤشرات، يتضح جليا أن اتفاق السويد يواجه انتكاسة حقيقة، وأن نوايا دول العدوان لازالت مبيتة، وأن هذه الدول لم تمل حتى الآن من دماء اليمنيين، بل إنها على مايبدو مصرة على قتلهم بشكل جماعي، نظراً لتفاقم الأوضاع الإنسانية وانتشار الجوع والمرض، خاصة في المناطق التي يسيطر عليها الجيش واللجان الشعبية.