kayhan.ir

رمز الخبر: 8781
تأريخ النشر : 2014October20 - 21:50
حركة النهضة بين الواقع والطموح

قيادي بالنهضة يتهم اليسار بتهديد مستقبل تونس

ميلاد عمر المزوغي

تربعت على عرش تونس عقب أحداث شهدتها مع بعض الدول, كانت اقل دموية تبعا للإمكانيات المتواضعة للأطراف المتصارعة وللحقيقة فان بورقيبة استطاع أن يبني تونس ويجعلها دولة مؤسسات,سنوات حكمه المديد لم تكن ديمقراطية بالمعنى العام ولكنها كانت أفضل من غيرها, قوانين تحصين الثورة أبعدت الكثير من كوادر الحزب الحاكم عن مراكز اتخاذ القرار وكانت المطاردات لهؤلاء جد محدودة.

النهضة لم تسلّم السلطة إلى حكومة توافق وطني طواعية, بل أدركت أن شعبيتها آخذة في التناقص ,انتفضت القوى الحية في تونس إضافة إلى الاتحاد العام التونسي للشغل الذي يمثل شرائح واسعة من المجتمع التونسي,الحركة تتصرف بواقعية(براغماتية),أبعدت المتشددين من أعضائها عن الأضواء لكسب الرأي العام,فقد أدركت أن الإخوان في العالم أصبحوا غير مرحب بهم, وبالتالي فان مستقبلهم رهن بما يقدمونه من تضحيات لأجل البقاء سياسيا وتلميع صورتهم التي شوهها مرسي وزبانيته في مصر فكانت الضربة القاضية والإتيان بالعسكر من جديد.

يبدو أن قوانين تحصين الثورة لم تؤتي أكلها المرجو,فالعديد من أركان النظام السابق ومنهم أصحاب الأيادي غير البيضاء,اخذوا في العودة إلى ارض الوطن, ليس للعيش ومراقبة ما يحدث بل المساهمة في الحياة السياسية من جديد, فقد أعلن العديد منهم الترشح للانتخابات الرئاسية.

الانتخابات النيابية على الأبواب,وعن طريقها يتحدد حجم القوى السياسية,خاصة وان النظام التونسي المستقبلي سيكون برلمانيا, أي أن رئيس الجمهورية ستكون صلاحياته محدودة إن لم نقل سيكون مجرد ديكور,ولعل وضع رئيس الجمهورية الحالي خير دليل, يقولون عنه بأنه يحمي الدستور,فعن أي دستور يتكلمون؟ أي قيمة لدستور لا تكون نصوصه مستوحاة من تعاليم الرب,أي قيمة لدستور إن لم يلزم المرأة بالتحجب,المذيعات والمنشطات في القنوات الوطنية يخرجن علينا بكامل زينتهن,ليس لبعولتهن,بل للعامة وبترخيص رسمي,يقول رسول الإسلام محمد”ص”: "ونساء كاسيات عاريات مميلات مائلات رءوسهن كأسنمة البخت المائلة لا يدخلن الجنة ولا يجدن ريحها وإن ريحها ليوجد من مسيرة كذا وكذا”,أي دستور لا يلزم الدولة بقفل أماكن العهر والمجون و… ,يقول الرب عز وجل: "وَإِنْ خِفْتُمْ عَيْلَةً فَسَوْفَ يُغْنِيكُمُ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ إِن شَاءَ ۚ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ حَكِيمٌ”,سيكون الرئيس العتيد كأقرانه في كل من لبنان (بدون رئيس) والعراق”الرئيس بقي طريح الفراش أكثر من سنة ولم يتم تغييره” سيكون شاهد زور, وكفى! .

تدرك النهضة أن صورتها قد اهتزت لدى المواطن التونسي, فلم تحقق له أي من المطالب التي كان يتوق إلى تحقيقها فالجانب الأمني لا يزال يشكل الهاجس الأكبر,كما أن تعامل النهضة مع العناصر غير "المنضبطة” لم يرق الشارع التونسي,ما سيؤثر سلبا على شعبية الحركة.

النهضة,أضحت الوريث الشرعي لجماعة الإخوان بعد أن أصبح قادتهم مطاردون في مصر, منبوذون من كل الشعوب العربية,إخوان النهضة في ليبيا لم يدخروا جهدا في سبيل البقاء في السلطة,لم يعترفوا بالبرلمان المنتخب ويخوضون حربا ضروسا بحق الشعب الذي اعتقد يوما أنهم سيكونون عونا له في اجتياز المصاعب,فإذا بهم المصيبة الأكبر والجريمة التي لا تغتفر التي ارتكبها الشعب في حق نفسه.

اعتقد انه من الصعوبة بمكان بأن تلمع النهضة صورتها للشعب التونسي, فالأحزاب الدينية مقبرة الديمقراطية وحرية الرأي,الشعب التونسي محتار في الاختيار بين حكام الأمس,الطواغيت المفسدين وبين حكام اليوم الذين يعملون كل شيء باسم الدين والدين منهم براء,كي يسكتوا الأصوات التي تطالب بالديمقراطية,الشعب والنهضة كليهما في مفترق الطرق,كل منهما يخشى الآخر,النهضة في وضع جد حرج وترغب في مواصلة التسلط,وتخشى أن يلفظها الشعب, والشعب يخشى من أن تصبح تونس دولة اخوانية بامتياز تتحكم بمقدراته وتفقد علاقاتها مع دول الجوار التي اكتوت بنيران الإخوان, فهل يتقبل الشعب التونسي النهضة بكل مآسيها؟,أم يعيد انتخاب من يعتقد أنهم خيرة النظام السابق ؟الأمر ليس سهلا.