kayhan.ir

رمز الخبر: 87420
تأريخ النشر : 2018December21 - 21:21

هل تتخلى امريكا عن كلب حراستها لصالح حارس مرمى الناتو...!؟


محمد صادق الحسيني

تطورات كثيرة متسارعة تشي بان ثمة قرار حاسم قد اتخذ في دوائر الغرب العليا يقضي بتغيير مواقع بيادقها في منطقة آسيا الغربية التي تسمى بالشرق الاوسط ...!

مصادر مطلعة ومتابعة عن كثب لمطابخ صنع القرار هناك تفيد بان بريطانيا ومن ورائها عموم الغرب والدولة العميقة في الولايات المتحدة الامريكية قد قررت نقل محطة التخديم الاساسية لها من شبة الجزيرة العربية الى قلب آسيا المركزية بما يتلائم مع التحولات الجيوسياسية المهمة التي افرزتها تطورات ميدان المواجهة العسكرية والسياسية بينها وبين القوى الرافضة للهيمنة الغربية ..!

وتعتقد هذة المصادر بان القرار المتخذ في هذا السياق يسلط الضوء لاول مرة على الفرق بين الكيان الوظيفي والدولة التاريخية العريقة..!

فهل تكون تركيا حارسة مرمى الناتو هي البديل عن السعودية التي ظلت تلعب دور كلب الحراسة الامريكية خلال العقود الماضية ..!؟

وهل اتت او دبرت قضية خاشقجي لتكون هي القشة التي ستقصم

ظهر البعير ...!؟

وكيف سيتم توظيف الصراع بين الدولة العميقة في واشنطن وادارة ترامب بهذا السياق ، واين هي ” اسرائيل” مما يجري ..!؟

ثمة من تواطئ دولي واقليمي على مايبدو لتكون قضية خاشقجي بمثابة الفرصة الذهبية للقيام بهذة المهمة ولتكون السعودية الملعب الاساس لهذا التحول ..!

في هذة الاثناء ولما كان محمد بن سلمان المرفوض اصلا من الدولة العميقة في واشنطن ، والذي رفعتة الى رأس الهرم الملكي و فرضتة اللوبيات الصهيونية في الولايات المتحدة كولي للعهد ، على اعتبارة المنفذ المنضبط لتعليماتها ، يكون قد تلقى ضربة قاصمة من خلال هذة الواقعة ، فان الامر أعطى دفعا كبيرا لقوى الدولة العميقة كي تشن هجومها المعاكس في اللحظة الحاسمة، في محاولة منها لتصحيح الأمور . بما يعني العودة الى السياسة الاميركية التقليدية في المنطقة والتي سيكون من نتائجها ما يلي :

1. تصحيح العلاقة بين واشنطن والرياض واخراجها من حالة الارتكاز الى علاقات الأفراد فقط ، كعلاقة بن سلمان مع كوشنير ، والعودة بها الى منظومات عمل سياسية كما كان الوضع قبل انقلاب سلمان واولادة على نظام الحكم السعودي التقليدي المعروف .

٢)وبالنظر الى التجربة المرة ، التي عاشتها اركان الدولة الامريكية العميقة ، منذ انقلاب بن سلمان وسلسلة الفشل المتواصلة التي اصابت المشروع الصهيواميركي الأساسي لتفتيت المنطقة ، والدخول الروسي المباشر كطرف دولي أساسي في رسم الاستراتيجيات والعلاقات الدولية ، وبروز ايران كدولة إقليمية كبرى ، لا يمكن تجاوزها عند ما يدور الحديث عن حلول سياسية في الشرق الأوسط ، وعن حلول للقضية الفلسطينية قبل كل شيء ، بالنظر الى كل ذلك فان الدولة العميقة ، وعبر هجومها المضاد على اركان البيت الأبيض وسياساتة الفاشلة ، تحاول اعادة احياء السياسة الامريكية التقليدية القديمة وذلك بالاستغناء عن الركون الى دور الدولة الوظيفية والعودة الى خيار الدولة التاريخية .

ومن نافل لقول ان الدولة التاريخية هنا هي تركيا وان الدولة الوظيفية هي السعودية والى جانبها حليفها العضوي اي الاسرائيلي . وهذا بالضبط ما يفسر هلع نتن ياهو ورهطة من التطورات ، التي اعقبت جريمة اغتيال جمال خاشقجي ، خاصة بعد انكشاف ان خمسة من فريق الاغتيال السعوديين هم أعضاء في مكتب التنسيق الأمني السعودي الاسرائيلي المشترك بقيادة بن سلمان والذي يضم في داخلة الضابط الفاشل والمطرود ، احمد العسيري وذلك لان القادة الاسرائيليين يعرفون تماما ان كيانهم يؤدي دورا وظيفيا مثلة مثل الكيان السعودي وانة عند ما ينتهي هذا الدور فان الحاجة لهذا الكيان ستنتفي بالضرورة ويتم تفكيكة وزوالة عن الوجود.

ومن هنا نرى ان جميع تصريحات المسؤولين والمحللين الاسرائيليين تعتبر الضربة التي تلقاها محمد بن سلمان تمثل كارثة لاسرائيل ...!

وقد يسأل سائل عن علاقة اسرائيل بتداعيات جريمة اغتيال الخاشقجي واعادة رسم السياسة الاميركية في "الشرق الأوسط "او بالأحرى تصحيحها . وهذا سؤال محق يكمن الرد علية في ان قادة الهجوم المضاد للدولة العميقة في الولايات المتحدة ، وبالنظر الى فشل سياسات كوشنير / بن سلمان وعجز اسرائيل الكامل عن لعب حارس مرمى الناتو في الشرق الأوسط ، نقول ان قادة اركان الدولة العميقة قد قرروا الاعتماد في سياساتهم الشرق اوسطية المستقبلية على الدولة التاريخية ، اي العضو في حلف الشمال الأطلسي المؤسس ، تركيا ، وبذلك تحقق الولايات المتحدة هدفين هامين دون الدخول في حروب وصراعات هي في غنى عنها لأسباب عديدة :

الهدف الاول: إضعاف حكم آل سعود الفاشل والمهزوم على كافة الصعد بحيث يمكن احتوائة من قبل عضو الناتو ، دولة تركيا القوية عسكريا والمستقرة سياسيا ، والتي تعتبر بوابة الناتو الجنوبية الغربية التي تتمتع بنفوذ كبير يمتد شعاعة حتى قرقيزستان وشمال غرب الصين شرقا ، وما لذلك من أهمية استراتيجية للولايات المتحدة في صراعها مع روسيا والصين .

الهدف الثاني: وهو المتفرع عن الهدف الاول والكامن في خلق المجال ، او تهيئة الظروف الموضوعية السلسة ، لدمج ما يطلق علية اسم الدول العربية المعتدلة تدريجيا في اطر الناتو السياسية والعسكرية ، بدلا من فكرة الناتو العربي الفاشلة بمشاركة اسرائيل المثيره

للجدل ، بدءا بدول الخليج الفارسي، قطر والكويت وقريبا السعودية ، ومن ثم توسيع هذا التواجد التركي ليشمل دولا اخرى ، وكل ذلك حسب مخطط اميركي يعتمد وسائل السيطرة الناعمة ، المعتمدة على النفس الطويل ، وليس على مزاجيات أشخاص مثل بن سلمان .

اَي ان الولايات المتحدة ، اذا ما نجح الهجوم المضاد لأركان الدولة العميقة ، تتجة الى إلغاء الدور الوظيفي حتى لاسرائيل ، بسبب فشلها هي الاخرى في أداء الدور المنوط بها في المرحلة الحاليّة ، وذلك بدليل عجزها عن مواجهة حلف المقاومة ، ووضع حد لتراكم قوتة التي باتت تهدد المشاريع الاستعمارية في الشرق الأوسط ، على عكس ما كانت حققتة من نجاحات في وضع حد لمشروع الرئيس المصري الراحل ، جمال عبد الناصر ، في خمسينيات وستينيات القرن الماضي وبدعم غربي كثيف ، تزايد كما ونوعا بعد انتصارها في حرب عام ١٩٦٧ وخاصة دعم الولايات المتحدة المالي والعسكري .

ما يعني ان حلا ما للقضية الفلسطينية ، قد لا يرضي اسرائيل ، سيفرض عليها لاحقا ، اذا ما نجح الهجوم المضاد للدولة العميقة في الولايات المتحدة . حلا يعتبرة مخططو الاستراتيجية الاميركية المشار الية اعلاه

حلا استباقيا يمنع تحقق حل حلف المقاومة ، الذي يعتمد هدف التفكيك الكامل ل”اسرائيل” وازالتها من الوجود ...!

بمعنى ان هذة الاستراتيجية ستكون عبارة عن استراتيجية تقوم على الاعتماد على دولة إسلامية سنية مقبولة في العالمين العربي والإسلامي وعضوا مؤسسا في حلف الشمال الأطلسي وقادرة على إراحة الولايات المتحدة من هموم "الشرق الأوسط” وذلك عبر احتوائها ، اَي تركيا ، للاعبين الضعيفين في الاقليم العربي وهما السعودية واسرائيل ، بغض النظر عن بقاء بن سلمان في الحكم من عدمة في المفاهيم الامريكية والمختلفة قطعا مع مفاهيم الدولة التركية ذات التوجهات العثمانية برئاسة اردوغان الذي لا يريد بن سلمان ملكا للسعودية في العقود الخمسة القادمة ...!

وهذا يعني ان تركيا ستتحول الى حجر الرحى الامريكي ، بدون منازع ، في "الشرق الأوسط "والتي يرشحها واضعو الاستراتيجية الامريكية الجديدة لمهمة نقل المواجهة ، في منطقة الخليج الفارسي ، من مواجهة امريكية ايرانية الى مواجهة ايرانية مع حلف الناتو باكملة في المرحلة الحاليّة واستكمال عمليات التطويق الاستراتيجي الذي تنفذة الولايات المتحدة وحلف الناتو ، ضد ايران حاليا ( عبر موضوع الصواريخ والنفوذ ) وروسيا والصين على المدى الطويل .

وفي هذا السياق يمكن فهم التصريحات المتناقضة الصادرة عن الجهات السياسية والتشريعية المختلفة في الولايات المتحدة بما هي انعكاس واضح للتناقضات الكبرى الداخلية بين مراكز القوى الاميركية وليست ناتجة عن سوء فهم او نقص في المعلومات بخصوص عملية إعدام الخاشقجي الاجرامية التي تعرف الأجهزة الأمنية الاميركية كافة تفاصيلها والتي نقلتها لهم خبيرة القتل والتعذيب وإطلاق الكلاب المدربة لنهش اجساد المعتقلين وهم احياء ، بطلة التقاط الصور من جثث ضحاياها في سجن ابو غريب ، مجرمة الحرب مديرة وكالة الاستخبارات المركزية الاميركية الحاليّة ، جينا هاسبل ، والتي يجب ان تقدم هي الاخرى بالمناسبة الى محاكم العدل الدولية وليس فقط المتهم الاول في قضية خاشقجي الامير الهاوي ، محمد بن سلمان ..!

بعدنا طيبين قولوا الله