لا خلاص لمحور المقاومة سوى بإعلان الحرب
زكرياء حبيبي
لم يبق أمام محور المقاومة سوى الإعلان الصريح والرسمي، عن الدخول في حرب مفتوحة ضد قوى الشرّ الصهيوداعشية، المدعومة من قبل أمريكا والغرب، والعثمانيين الجدد، المتحالفين مع مشايخ وأمراء وملوك الخيانة "العرب”، فما كان خافيا في الأمس القريب بات جليا اليوم، فالصهاينة أعلنوها جهرا بأنهم يدعّمون الجماعات الإرهابية في سوريا، وأكثر من ذلك، مكنوا الإرهابيين من إقامة منطقة عازلة بالجولان السوري، وبموازاة ذلك، انطلق أردوغان في تنفيذ السيناريو نفسه، بدعم الدّواعش، لتمكينهم من إقامة منطقة عازلة على طول الحدود السورية التركية.
ويتزامن تنفيذ هذه المؤامرة، مع دخول أمريكا على الخطّ المباشر، حيث باتت تقصف البُنى التحتية السورية بذريعة محاربة داعش، وتحت مظلة ما إدعت أنه تحالف دولي، جمعت فيه قوى الإستعمار الجديد، ومشايخ وأمراء وملوك الذلة "العرب”، فبالنظر إلى تسارع الأحداث، وتكالب قوى الشر على سوريا والعراق على وجه الخصوص، لا يمكن أن نصل سوى إلى نتيجة واحدة، وهي أنّ إسرائيل قد انطلقت فعليا في تنفيذ بروتوكولات حكماء صهيون، لكن المثير للإنتباه هذه المرة، هو أنّ الصهاينة نجحوا إلى حدّ بعيد في محاربة العرب والمسلمين، باختلاق جماعات ترفع راية الإسلام، وتُحارب المسلمين، وتتحالف مع الصهاينة في العلن، فما سُمي ب”الدولة الإسلامية” أي "داعش” ما هي في حقيقة الأمر سوى امتداد للفكر الصهيوني الذي استطاع في أزمنة غابرة أن يدس العديد من الأحاديث والروايات غير الصحيحة في الفكر الإسلامي، لتشويه الإسلام بالدرجة الأولى، وهو اليوم، أي العقل الصهيوني، نجح في استقطاب عشرات الآلاف إن لم أقل مئات الآلاف من الشبان العرب والمسلمين، ليوجه بوصلة "الجهاد” في عقولهم، إلى قتل المسلمين وتدمير معالمهم التراثية، فالجهاد في المفهوم الصهيوني الدّاعشي، لا يجوز في أرض فلسطين المحتلة، بل يتوجب القيام به في سوريا والعراق، وكلاهما احتضن دولة الخلافة مع العباسيين والأمويين، وما دام أن الصهاينة قد دخلوا على الخط، وبهذا الشكل المفضوح، والإستفزازي، فلم يعد لمحور المقاومة أي مبرر للإستمرار في سياسة المهادنة، لأن ذلك سيوصل دول هذا المحور كلها إلى المقصلة، ومعها كل من روسيا والصين، فمحور الشر أصبح يلعب داخل دوائر هذه الدول، أو في الحدائق الخلفية لروسيا والصين، كما هو الحال اليوم في أوكرانيا وهونكونغ، وأكثر من ذلك فإن الأمريكيين الذين سينسحبون هذا العام من أفغانستان، اصطنعوا القلاقل بين الهند وباكستان، وروّجوا لإشاعات مبايعة طالبان باكستان ل”داعش”، وكلّ ذلك بهدف تسعير نيران الفتنة، والقضاء على أسباب الإستقرار في منطقة الشرق الأقصى، حتى تشغل روسيا والصين وتُغرقهما في مشاكل هامشية، وتتفرغ هي وحلفائها من الصهاينة والأتراك للإنقضاض على قلب العالم العربي، وأعني به العراق وسوريا ولبنان وفلسطين، والحال كذلك، فإن محور المقاومة بدأ يعي خطورة ما هو قادم، وهذا ما تُؤكده عملية حزب الله الأخيرة في مزارع شبعا، والتي شكلّت رسالة قوية للصهاينة وحلفائهم، مؤداها أن معادلة الردع قد تغيّرت، وأن محور المقاومة لن يبقى إلى الأبد في حالة الدفاع عن النفس، وأنه سيفاجأ ربّما الصهاينة وحلفائهم وفي القريب العاجل، بحرب ستُغيّر خارطة المنطقة ككل، حرب ستضطر روسيا والصين للإنخراط فيها، لوضع إشارات ضوئية حمراء جديدة في وجه أمريكا بالأخص، التي صنّعت الإرهاب وركبته لمُحاربة الشعوب لا غير.
برأيي أن الحرب قادمة لا محالة، لأنها هي الوسيلة الوحيدة التي بإمكانها استعادة الإستقرار للمنطقة والعالم ككل، وبرأيي أن الخاسر الأكبر فيها، سيكون كل من تركيا وإسرائيل، ودول المشايخ الخليجيين، لأنّ الأمريكيين يحاربون خارج بلادهم وبجنود ليسوا أمريكيين، وبأموال خليجية، وحالما يستشعر الأمريكي الخطر، لا حرج عنده أن يعلن التراجع والإنسحاب، لكن الأتراك والصهاينة، سيجدون أنفسهم في قلب الحريق، ولا أظن أنهما سيخرجان بسلام في حال اندلاع هذه الحرب، ولنا في الأحداث الأخيرة التي عاشتها تركيا، مع اندلاع الإحتجاجات ضد غزو داعش لمدينة عين العرب "كوباني”، خير دليل على ذلك، حيث قُتل وجرح العشرات من المتظاهرين على أيدي قوات الأمن التركية، الأمر الذي يؤكد بأن تركيا ستدفع فاتورة غالية للغاية، في حال استمرار سياستها الداعمة للإرهابيين، أما الصهاينة، فحالهم سوف لن يكون أفضل من الأتراك، بل غالب الظن أن الحرب المُقبلة ستزلزل هذا الكيان، الذي أسالت له المقاومة في غزة العرق البارد، وستسيل المقاومة في لبنان وسوريا دماءه بغزارة هذه المرة، لأن المعادلة الحالية في المنطقة، أظهرت لنا بأن السوريين والعراقيين واللبنانيين هم من يدفعون الثمن لوحدهم، وهم من يتحمّل ضغط العدوان الداعشي الصهيوني، وأنه سيأتي اليوم الذي تنفجر فيه الأعصاب وتثور، ويقول السوري واللبناني والعراقي: "عليّ وعلى أعدائي”، وهذا ما لوّح به حزب الله في عملية شبعا الأخيرة، والتي لن تكون الأخيرة بكلّ تأكيد، لأن محور الشر الصهيوني الأمريكي التركي الخليجي الداعشي.. لن يستطيع أن يُعيد عشرات الآلاف من الداعشيين الذين استقدمهم من شتّى بقاع العالم، إلى بلدانهم، كما أن الدواعش، لن يقبلوا بالخروج من أرض "الجهاد” كما أقنعهم بذلك الفكر "الإسلاموي المُتصهين”، وغالب الظن أنهم سيرتدون على مُشغليهم الأتراك والصهاينة، ومشغليهم من مشيخات وإمارات ومماليك الخليج الفارسی"غير العربية”.