قلق السوريين من تأخير تنفيذ اتفاق إدلب
حميدي العبدالله
لا شكّ أنّ السوريين قلقون جداً من تأخير تنفيذ اتفاق إدلب، وهذا القلق لا يقتصر على المسؤولين بالدولة، بل يشمل عامة السوريين، سواء أولئك القاطنين في إدلب، أو في بقية أنحاء سورية .
وهذا القلق له مبرّرات قوية وواضحة، فالجماعات الإرهابية المسلحة التي لا تزال تتمركز في المنطقة العازلة بكامل أسلحتها ولا سيما الأسلحة الثقيلة تستهدف يومياً مواقع الجيش السوري، والأحياء الآمنة في مدينة حلب، إضافةً إلى القرى والبلدات الواقعة في أرياف إدلب وحماة واللاذقية، وليس السبب الوحيد لهذا القلق هو هذه الاعتداءات التي تشلّ الحياة وتتسبّب بوقوع خسائر مادية وبشرية، بل يخشى السوريون أن تعود الجماعات الإرهابية وتشدّ صفوفها وتشنّ هجمات بهدف السعي إلى توسيع نطاق سيطرتها واستعادة مناطق كان الجيش السوري قد حرّرها في وقت سابق ودفع ثمناً باهظاً من دماء أبنائه، وفعلاً لا يكاد يمر يومٌ واحد من دون تسجيل محاولات من قبل الجماعات الإرهابية لتوسيع نطاق سيطرتها، ولكن الجيش السوري الذي يقف بالمرصاد لهؤلاء الإرهابيين، والذي استعدّ لمعركة تحرير إدلب عبر حشد قواته في محيط المحافظة، صدّ جميع هذه المحاولات، بل حوّلها إلى حرب استنزاف للجماعات الإرهابية.
لا شك أنّ قلق السوريين الذين يخشون من تكريس أمر واقع في هذه المنطقة، وفرض شكل من أشكال التقسيم، هو قلق مشروع، وربما يشكل هذا القلق الضمان لعدم نجاح محاولات فرض التقسيم كأمر واقع على سورية.
على أية حال تعثر الاتفاق، وعدم وضعه موضع التنفيذ وخرق الجدولة الزمنية لتنفيذه، كلّّ ذلك لن يمنع الدولة السورية ولا حليفها الروسي من تصحيح هذا الخلل في حال تبيّن أنّ العملية مقصودة من قبل تركيا، وفي حال تبيّن أنّ الفشل في تنفيذ الاتفاق يعود إلى عجز تركيا أو تواطئها مع الجماعات الإرهابية.
الدولة السورية وروسيا أكدتا أكثر من مرة أنّ هذا الاتفاق، حتى لو تمّ تنفيذه بالكامل، فهو اتفاق مرحلي ومحدّد لفترة معينة وليس هو الحلّ النهائي للوضع القائم في هذه المنطقة. وبديهي في ظلّ تعثر التنفيذ فإنّ أمد مدة هذا الاتفاق سيكون أقصر بكثير مما لو تمّ تطبيقه، بل إنّ عدم تطبيقه سيدفع الدولة السورية بدعم من روسيا لاستئناف العملية العسكرية لطرد الإرهابيين بأسرع فيما لو تمّ تنفيذ الاتفاق، ولربما ستكون المعركة بعد التوصل إلى الحلّ السياسي النهائي.
الدولة السورية وروسيا أكدتا أكثر من مرة على وحدة وسلامة وسيادة سورية، وبالتالي لن يقبلا أيّ أمر واقع يقود إلى ما يناقض هذا الموقف المبدئي. خروج مناطق معينة عن سيطرة الدولة لمدة وجيزة لا يعني قبول تقسيم الأمر الواقع، مناطق سورية كثيرة ظلت تحت سيطرة المسلحين والإرهابيين لمدة تزيد عن ست سنوات، ولكن في النهاية عادت إلى سيطرة الدولة السورية، فلا بأس إنْ تأخرت عودة إدلب بضعة أشهر أخرى، ولكن في النهاية ستعود إلى كنف الدولة هذا موقف الدولة السورية النهائي وهذا هو موقف حليفها الروسي.