kayhan.ir

رمز الخبر: 8511
تأريخ النشر : 2014October15 - 20:10

غياب الملك السعودي والصراع داخل العائلة وراء تصريحات سعود الفيصل ضد إيران

أكدت صحيفة "الأخبار” اللبنانية الصراع داخل الأسرة الحاكمة في السعودية وتواري الملك عبد الله عن الأنظار لأسباب صحية، هي وراء التصريحات العدائية المفاجئة التي أطلقها وزير الخارجية السعودي سعود الفيصل ضد الجمهورية الإسلامية الإيرانية في وقت كانت تسير فيه العلاقات بين البلدين نحو التحسن.

ورأت الصحيفة في تقرير نشرته اليوم الأربعاء أن عودة سعود الفيصل للإمساك بالملف الخارجي السعودي تأتي بعد أشهر من أحاديث عن هيمنة جناح الملك عبد الله، معتبرة أن التصريح التصعيدي الأخير ضد إيران يعبّر بصدق عن حقيقة مشاعر "سعود الفيصل” الشخص.

وأوضحت الصحيفة أنه في اللقاء الثنائي الذي جمع الفيصل مع نظيره الإيراني جواد ظريف في نيويورك علي هامش الدورة التاسعة والستين للجمعية العامة للأمم المتحدة في ۲۱ أيلول الماضي، بدا منسوب التفاؤل لدي ظريف مرتفعاً أكثر مما ينبغي، حتي إنه اعتبر اللقاء بداية "فصل جديد” في العلاقات بين طهران والرياض، وزاد علي ذلك بأن اللقاء سيكون له أثر إيجابي علي الجهود المبذولة لاستعادة السلام في المنطقة والعالم وحماية مصالح جميع الدول الإسلامية.

أضافت: تصريح سعود بن فيصل كان متناغماً من حيث الشكل مع تصريح ظريف، بقوله "ان ايران والسعودية هما من الدول المؤثرة في المنطقة”، وإن "التعاون بين طهران والرياض يمكن أن يساعد في تعزيز السلام والأمن في المنطقة والعالم بأسره”. ولكن، لم يغلق الوزير السعودي القوس، فقد أضاف عبارة ملغومة "يجب تجنب أخطاء الماضي، بحيث يكون من الممكن إنهاء الأزمات التي تعاني منها المنطقة”. مشيرة إلي أنه في أجواء التفاؤل، ترتدي الكلمات الرديئة معاني برّاقة.

ورأت الصحيفة أن التطوّرات المتلاحقة التي أعقبت اللقاء اليتيم بين الفيصل وظريف عزّزت من مبررات القطيعة وأهمها:

أولاً ـ في اليمن ضربة في صميم النفوذ السعودي تحقّقه جماعة أنصار الله. ومن كيد الصدف، أن يعقد اللقاء بين سعود الفيصل وجواد ظريف في نفس اليوم الذي تسقط فيه حكومة محمد باسندوة، المقرّب من السعودية، علي أيدي من تعتبرهم الأخيرة حلفاء لإيران. وبالرغم من ترحيب الرياض باتفاق السلم والشراكة الذي وقعته القوي السياسية اليمنية في الشمال والجنوب برعاية الرئيس عبد ربه منصور هادي، الا أن ثمة "استفاقة” لاحقة وسريعة لدي الجانب السعودي بدّدت ما كان يعتقد بأنه مناخ إيجابي مع طهران.

أضافت الصحيفة: في اجتماع جدّة لوزراء داخلية مجلس التعاون (في الخليج الفارسي) في الأول من تشرين الأول الجاري، صدر تحذير جماعي يقول "إن دول المجلس لن تقف مكتوفة الأيدي أمام التدخلات الخارجية الفئوية في اليمن، حيث إن أمن اليمن وأمن دول المجلس يعتبر كلاً لا يتجزأ”. في الترجمة الفورية لـ”التدخلات الخارجية” تصبح إيران هي الكلمة المرادفة، وفي الشرح تكون اليمن امتيازاً سعودياً خالصاً (بغطاء خليجي)، وجزءاً من مجالها الحيوي بلا منازع أو منافس.

وأشارت "الأخبار” إلي الحملة التي شنتها الصحافة السعودية الرسمية علي "أنصار الله” لفتت إلي ما نشرته صحيفة "الرياض” المقرّبة من العائلة المالكة في افتتاحية ۱۱ تشرين الأول بأن "دخول إيران علي الخط في توجيه الحوثيين وخلق رئيس لليمن بمواصفات مالكي العراق، سوف يعيدان النظرة السلبية للقاعدة من قبَل دول تريد إغراق اليمن في حروب مذهبية وقبلية، وهذا ما توفره الظروف الراهنة..”.

وأوضحت "الأخبار” أن محاولة عرقنة اليمن، بحسب الصحيفة السعودية، ليست أكثر من رسالة تحذير لليمنيين في الشمال والجنوب بأن أي مسعي نحو تجاوز بنود "المبادرة الخليجية”، سوف يفتح الباب أمام "القاعدة” و”داعش”. وقالت: التلويح السعودي بالإرهاب تماماً كالتلويح الأميركي بالديمقراطية بعد هجمات ۱۱ سبتمبر ۲۰۰۱ حيث ربطت الولايات المتحدة مكافحة الإرهاب بالإصلاح الديمقراطي في الشرق الأوسط فتحوّل لاحقاً الي سلاح سياسي عبّر عنه أحدهم بشعار "Be nice to America or we will bring democracy to your country ". وفي حال سعودة الشعار يصبح: كن طيباً مع السعودية أو سنجلب داعش الي بلدك.

وقالت: في السياق الديني، بلغ التحريض المذهبي أوجه بإطلاق قنوات طائفية ومشايخ وهابيين من مساجد الرياض فتاوي الجهاد ضد الحوثيين، تسيّلت علي الفور في عمل انتحاري وسط المتظاهرين في صنعاء في ۹ تشرين الأول الجاري، وأودي بحياة أكثر من ثلاثين شخصاً وجرح ما يربو علي المئة. الشيخ خالد الغامدي، المقدّم في قناة "وصال” تباهي بزهو طائفي بمشهد الأشلاء في مكان الانفجار، وقال في تغريدات له علي تويتر "كم هو جميل أن يري شخص منظراً في غاية الروعة فيساهم في نشره ليتمتع به الغير”. وتوعّد بالمزيد بقوله "ليس بيننا وبين جماعة الحوثي الإ الدم الدم والهدم الهدم”.

أضافت: ثانياً ـ التحالف الدولي ضد الإرهاب: من وجهة نظر ايرانية، الارهاب ليس أكثر من ذريعة فجّة لحرب متدحرجة تقود الي مواجهة مفتوحة بين المحورين الرئيسيين (الولايات المتحدة ومن ورائها دول الاعتدال، وروسيا ومن ورائها دول الممانعة)، علي أن تكون ساحة الحرب دول المقاومة (سوريا، العراق، لبنان، وتالياً اليمن إن دعت الضرورة).

في النتائج، قالت "الأخبار” تلبّد مناخ العلاقات السعودية الايرانية بكل أشكال الارتياب مجدّداً، وعاد سعود الفيصل للتفرّد بالملف، وكشف عن حقيقة أن ما بين الرياض وطهران هو "صراع نفوذ” متعدّد الاتجاهات، وهو العنوان الذي يفرض نفسه علي علاقتهما الآن وفي المستقبل. هذا ما يقوله سعود بن فيصل بشكل صريح في مؤتمر صحافي مشترك مع نظيره الألماني فرانك فالتر شتاينماير في ۱۳ تشرين الأول الجاري أن "ليس هناك تحفظ عن ايران كوطن ومواطنين، وإنما التحفظ عن سياستها في المنطقة”. وفي الشروط اللاملفوظة في السياسة أن العلاقة بين الرياض وطهران متوقفة علي سحب الأخيرة قواتها من سوريا والعراق واليمن وأي مكان، يكون فيه للرياض قدم سبق. يريد القول يجب علي إيران أن تخلي المنطقة لتكون هي وحدها من يقرر شؤونها. بكلمات أخري، موقف الوزير السعودي حسم التكهّنات بقرب التسوية في ملفات المنطقة من اليمن، وصعوداً الي لبنان، ومروراً بالعراق وسوريا، وأغلق الباب علي ما تبقي من تفاؤل لدي الفريقين.

وعن دوافع التصريح الناري لسعود بن فيصل قالت الصحيفة: إن سعود الفيصل الدبلوماسي المخضرم الذي أسبغ علي "الخارجية” السعودية طابعاً خاصاً وشخصيّاً الي حد كبير، كان يخوض معركته الخاصة داخل العائلة المالكة، وخصوصاً مع جناح الملك عبد الله الذي بدا "مختلفاً” في مقاربة العلاقة مع ايران، مع أن الملك هو صاحب العبارة المشهورة "قطع رأس الأفعي” في إشارة إلي ايران بحسب وثائق ويكيليكس.

ولفتت الصحيفة إلي الدور الذي يقوم به سعود الفيصل لتخريب العلاقات الإيرانية السعودية ، وقالت في هذا السياق: قبل شهور، جري لقاء بين عبد اللهيان ونجل الملك، عبد العزيز بن عبد الله في السنغال وكان الحديث يدور حول "الدور التخريبي” الذي يقوم به سعود الفيصل، ما يحول دون بدء فصل جديد حقيقي في العلاقة بين الرياض وطهران. تعهّد عبد العزيز حينذاك لنظيره الايراني بأن يتولي "جناح الملك” الملف، وطلب منه زيارة المملكة لتمهيد لزيارات أخري أرفع. اكتشف سعود الفيصل نبأ اللقاء وانتظر اللحظة المناسبة لتوجيه دعوة ملغومة لنظيره الايراني، وفهم الأخير منها العكس، أي لا دعوة، وأنه بات علي علم بخبر الترتيبات الخاصة، وأنه وحده من يدير "الخارجية”.

وختمت: تمّ تجميد اللقاءات، وكان اللقاء بين ظريف والفيصل في نيويورك الشهر الفائت قد جري الإعداد له طويلاً، ولكن سعود الفيصل كان يستجيب لطلب عمّه، الملك، قبل أن يتواري (الأخير) عن المشهد، لأسباب غامضة، ترجّح المصادر المتابعة بأنها صحيّة.. كان الوزير السعودي يبحث عن ذريعة لقطع الاتصالات تماماً مع طهران فجاء: الحدث اليمني، والحرب علي "داعش”، إلي جانب الوضع الصحي الغامض للملك ليحسم ناظر الخارجية الموقف بتصريحه الناري، حيث وضع شرطاً تعجيزياً لتطبيع العلاقة بين الرياض وطهران، وكأنه يقول بأن الطريق مغلقة حتي إشعار آخر.. ليس إيجابياً”.