من جربوا ابن سلمان لن يجربوا "الريتز كارلتون"!
سيد طاهر قزويني
كثيرون فسروا عودة الأمير أحمد بن عبد العزيز آل سعود، شقيق الملك سلمان للسعودية، فسروها انها المقدمة لازالة محمد بن سلمان من ولاية العهد، لكن يبدو ان القضية لا تحسم بهذه العجالة لاسيما مع دخول قوى دولية لصالح ابن سلمان والدفاع عن فكرة مكوثه في السلطة.
فالولايات المتحدة المنقسمة على نفسها حيال مصير ابن سلمان دخلت بقوة على هذا الموضوع، فمن جهة تدافع الادارة الاميركية عن محمد بن سلمان وعن بقائه في السلطة ومن جهة ثانية الشعب الاميركي ونخبته الذين يريدون ان يروا ابن سلمان خارج ولاية العهد.
الادارة الاميركية التي كانت منذ البداية داعمة لابن سلمان والجرائم التي ارتكبها في حرب اليمن، وسكوتها عن انتهاكاته في السعودية واعتقاله من دون محاكمة لمعارضيه ومنتقديه في الداخل السعودي، وكذا اجراءاته في العراق وسوريا ولبنان، كل ذلك يبين ان الادارة الاميركية ليست عالمة بما اتخذ محمد بن سلمان من قرارات بل كانت مساهمة معه في كل خطواته بما في ذلك عدوانه على اليمن.
وبرغم علمها ان الغارات السعودية تقتل العشرات من اطفال اليمن وبرغم جميع المناشدات الدولية والاممية بضرورة وقف الولايات المتحدة لصادراتها التسليحية للسعودية الا ان الادارة الاميركية ضربت عرض الحائط جميع تلك المناشدات واستمرت في دعم ابن سلمان في قتل اليمنيين.
لذا من الصعب توقع تخلي واشنطن عن ابن سلمان خاصة وانه اصبح رجلها الاول في المنطقة بسبب الخطوات الجريئة التي اتخذها لصالح الكيان الاسرائيلي المحتل، وكونه الشخصية المحورية التي يقع على عاتقها تنفيذ مخطط ما يسمى "صفقة القرن" المشؤومة.
ومن هذا الباب جاءت مساندة رئيس وزراء الكيان الصهيوني بينيامين نتنياهو لمحمد بن سلمان واعلانه الصريح عن دعمه لبقائه في السلطة وعدم السماح بانفلات الوضع في السعودية وانهيار الحكم هناك.
نتنياهو ناشد الرئيس الاميركي دونالد ترامب بان يقدم يد العون والمساعدة لاعادة الاوضاع في السعودية كما كانت عليه وعدم السماح لقضية مقتل خاشقجي بان تزيد رقعة الخلاف داخل السعودية.
الخطوة الاولى التي اقدمت عليها الادارة الاميركية هي محاولة رتق الفتق الذي احدثه ابن سلمان بسبب سياساته الهوجاء الطائشة ومنها قراراته بحق ابناء عمومته من الاسرة الحاكمة واعتقال عدد منهم واستنزاف اموالهم.
ان الضمان الذي قدمته الادارة الاميركية للامير احمد بن عبد العزيز بانه لن يمس من قبل محمد بن سلمان في حالة عودته الى الرياض هي محاولة اولية لرأب الصدع داخل الاسرة الحاكمة.
واذا ارادت الادارة الاميركية الابقاء على ابن سلمان في السلطة فيجب ان تحقق الاتفاق عليه داخل الاسرة الحاكمة، فهل هي ستتمكن من تحقيق هذا الامر؟
من الصعب القول انه يمكن لامراء آل سعود الذين اهينوا ومرّغ ابن سلمان انوفهم في الوحل ان يعطوا زمام امورهم الى امير شاب نزق ربما سيقرر في وقت لاحق ان يرميهم في السجون والمعتقلات كما فعل في وقت سابق عندما رماهم في سجن الفندق المعروف "الريتز كارلتون .
مشكلة محمد بن سلمان هي غير محدودة بقضية مقتل الصحفي جمال خاشقجي بل مشكلته كبيرة وهي آخذة بالاتساع لتصل الى مستوى الجرائم التي ارتكبها في اليمن، والاعتقالات التي نفذها بحق الذين وجهوا له انتقادات طفيفة، او حتى جرائمه بحق افراد اسرته.
وفي حالة رضوخ افراد الاسرة الحاكمة للضغوط الاميركية بشأن بقاء ابن سلمان في السطة من الذين سيضمن لهم ان لايعيد ابن سلمان تكرار التجربة نفسها في حالة عودة الهدوء والاستقرار للبلاد؟
ومسألة تغيير ابن سلمان لنمط اسلوبه في الحكم هي ليست بالبساطة التي يتصورها البعض، فهو الذي اتبع هذا النهج لن يتخلى عنه ابدا لانه في واقع الامر لايحسن غير هذا الاسلوب، وبلا شك فإن الافراد البالغين في اسرة آل سعود لن يسمحوا بان يتسلط عليهم شاب بمثل ابن سلمان.
فالتحدي الاكبر الذي تواجهه الادارة الاميركية لاعادة صياغة محمد بن سلمان في الحكم من جديد، هو ليس المجتمع الدولي الناقم عليه ولا النخبة الاميركية الضاغطة لتغييره، غير ان التحدي الاكبر هو كيف ستتمكن الادارة الاميركية من اقناع مشايخ آل سعود الرضوخ لسلطة ابن سلمان الشاب لاسيما وان المثل العربي يقول "من جرب المجرب حلت به الندامة"