هل ستحقق اميركا احلامها بالحظر الجديد على ايران؟
احمد سعيد
قبل يومين من موعد تنفيذ المرحلة الثانية من الحظر الأميركي على إيران، كشف وزير الخارجية الاميركي مايك بومبيو عن إعفاءات لـ 8 دول من حظر شراء النفط الايراني، متذرعا بان الهدف من ذلك هو الإبقاء على أسعار النفط مستقرة، لتتحقق التكهنات التي كانت تشير الى ان تحقيق اهداف واشنطن الاقتصادية من الحظر ضئيلة جدا، فيما السياسية منها مستحيلة .
سمسار الادارة الاميركية كان يطمح الى جني ثمار شجرة الحظر يوم السادس من أغسطس لكن آماله باءت بالفشل. ويعود ذلك الى ان ايران تتعرض منذ 40 عاما لاجراءات حظر وصفت بعضها بالمشلة، لكنها خرجت منها مرفوعة الراس بفضل حكمة قيادتها واعتمادها على قدراتها الذاتية .
هذا فضلا عن ان محللين يرون بان الحظر الذي يفرض اليوم يختلف عن عام 2012 ، حيث تحاول إدارة ترامب هذه المرة فرض سياسة على العالم أجمع لا تريدها غالبية الدوّل، وخير دليل على ذلك البيان الاخير للاتحاد الاوروبي والذي اعرب فيه عن اسفه لعودة الحظر الاميركي على ايران فضلا عن اطلاقه في مايو الماضي عملية معروفة بـ"قانون التعطيل"، من أجل الحد من تأثير الحظر الأميركي على الشركات الأوروبية التي تريد الاستثمار في إيران، بعد انسحاب واشنطن من الاتفاق. ولو اضفنا الموقفين الروسي والصيني ورفضهما الامتثال للحظر الاحادي الاميركي منذ البداية جملة وتفصيلا، فان الامر سيصبح اكثر وضوحا.
اذا نعود الى موضوع تصفير تصدير النفط الايراني الذي هو الهدف الاساس من الحظر الجديد . فمع غياب ليبيا وفنزويلا عن اسواق النفط وعجز الدول التي كانت واشنطن تعقد الامل عليها في هذا المجال لانشغالها بمشاكلها التي أججتها بسبب عدم نضج قيادتها الجديدة وخوضها غمار نزاعات لا قبل لها بها، يبدو ان هذا الهدف ايضا لن يكون في المتناول بسهولة ، خاصة بعد التحذيرات التي اطلقتها الجهات المختصة بشان ارتفاع اسعار النفط الى ما يتراوح بين 100 و 120 دولارا للبرميل ان غاب النفط الايراني عن الاسواق. ومن هنا يمكن فهم اعفاءات الحظر التي بدات تتوالى تترى من قبل الادارة الاميركية لبعض الدول تارة تحت يافطة ضمان استقرار اسواق النقط واخرى بوصفها بالمؤقتة.
ختاما ينبغي القول ان الحظر ضد ايران سيترك تأثيره لا محالة خاصة على القطاع الاقتصادي، لكن اسلوب التعامل مع التحديات الجديدة يتطلب وضع مخططات وبرامج للتقليل من وقع العقوبات على المواطنين، وهو ما بداته الحكومة الايرانية منذ تلويح اميركا بالانسحاب من الاتفاق النووي ، وقد نجحت الى حد ما في التصدي لتداعياته، وان كانت الامال معقودة على اكثر من ذلك .
ايران دولة لا ينقصها لا الموارد الطبيعية ولا البشرية وهذا ما يعرفه القاصي والداني. اذا هي قادرة على تحويل التهديدات الى فرص كما فعلت سابقا وحققت نتائج باهرة، سواء خاضت الدول الاوروبية غمار التصدي للحظر الاميركي إلى جانبها أم لا ، بل انها حققت معظم انجازاتها حين كان الحظر مفروضا عليها من قبل غالبية الدول العظمى سابقا، فكيف بالان حيث باتت اميركا منعزلة ولا ترى أي حليف الى جانبها من حلفائها السابقين الا اللهم بعض عربان الشرق الاوسط ومرتزقتهم .