kayhan.ir

رمز الخبر: 8443
تأريخ النشر : 2014October14 - 19:35

قراءة متأنية لتصريحات سعود الفيصل؟!!

بديع عفيف

دأب وزير خارجية النظام السعودي سعود الفيصل، على مهاجمة سورية في الأعوام الأخيرة، وتحديداً بعد بدء الأزمة في سورية والحرب عليها، ومشاركة السعودية في هذه الحرب؛ إعلاماً وسياسة ودبلوماسية وتمويلاً وتدريباً وتسليحاً ودعما للإرهابيين. وللفهم الحقيقي لتصريحات الفيصل أمس خلال مؤتمر صحفي مع وزير الخارجية الألماني الذي زار السعودية، وماذا تعكس، وكيف يفكّر النظام السعودي، لا بد من ملاحظة ومتابعة عدة ملاحظات وتوضيحها؛

أولاً، لا بد من تذكر حالة "الحَرد" التي مارستها السعودية وتحديداً بعد انتخابها لعضوية مجلس الأمن الدولي، والاستنكاف عن القيام بدورها في المنطمة الدولية تحت حجج وأقاويل غريبة عجيبة. هذا النمط من التعاطي في السياسة الخارجية يعكس فشل المملكة في الاستمرار فيما دأبت على ممارسته خلال العقود الماضية، أي تحقيق كل ما تريد لأنها تحت المظلة الأمريكية، ولأنها تمتلك المال ولأنها مركز انطلاق الدعوة الإسلامية.. بمعنى آخر، كانت السعودية تمارس نوعاً من السلطوية في المنطقة عبر استغلال نفوذها في هذه المجالات. الجديد أن هذا الوضع قد تغيّر بشكل دراماتيكي، وهذا ما لم تفهمه الدبلوماسية السعودية العجوز.

وفي هذا السياق، فإنّ قول سعود الفيصل، إن وجود القوات الإيرانية في سورية هو "احتلال صريح”، وإنه إذا أرادت أن تكون جزءاً من الحل "عليها سحب قواتها فوراً”، هو هرطقة سياسية ونفاق وتضليل وتشويه للواقع بامتياز، وهو أكثر من يعي ويدرك ذلك؛

1- لأنه لا يوجد قوات إيرانية في سورية؛

2- لأن ما هو موجود في سورية، هم آلافٌ من العناصر الإرهابية السعودية التي أرسلتها المخابرات السعودية ورئيسها بندر بن سلطان لتخريب سورية، وهذا أمر يعرفه القاصي والداني ولا يمكن لتصريحات الفيصل التعمية عليه؛

3- إن الفيصل بنى كلامه بشأن الوجود الإيراني ـ وهذا نفاق صريح كما قلنا ـ على قاعدة خبيثة مضللِة أن الدولة السورية ـ ما سماه النظام أو الرئيس السوري، غير شرعيين، وبالتالي لا يحق لهما دعوة قوات أخرى لسورية!! والسؤال من أعطى الوزير الهزاز حقّ منح أو سحب الشرعية؟! الرئيس السوري منتخب شرعياً من مواطنيه، وبنسبة شهد لها العالم أجمع، وجرت تحت رقابة الإعلام المحلي والعربي والدولي، وهذا أمر أقرّ به الأعداء قبل الأصدقاء ـ إلا السعودية ومن لفّ لفها وهم قلة على أي حال. هل نسي الفيصل أن الرئيس السوري ممثل في الأمم المتحدة وأن معظم وأغلبية دول العالم تتعاطى معه كرئيس للجمهورية العربية السورية، وحتى الولايات المتحدة ربّة الفيصل؟! فكيف يستطيع الفيصل سحب هذه الشرعية أو الانتقاص منها؟! ثم، كيف أنّ شخصاً مثل الفيصل، يمثل نظاماً مثل النظام السعودي القمعي والمنغلق والذي لا يعترف بأبسط الحقوق الإنسانية للشعب في شبه الجزيرة العربية، يتحدث عن الشرعية؟ يبدو أنّ الفيصل ما زال يعمل على قاعدة التمني القديمة التي تجاوزها الزمن والواقع العملي، وهذا ينقلنا إلى الجانب الآخر في كلام الفيصل.

ثانياً، اعتبر الفيصل أن ما يسري على القوات الإيرانية (الافتراضية) في سورية، يسري على ما يحدث من تدخل أيضاً في اليمن والعراق وأماكن أخرى، وأن على إيران سحب قواتها. ماذا يعني ذلك؟ يعني عدة أمور؛

1- التمني السعودي بأن "تخسّر" إيران نفسها طوعياً التحسن الذي بنته في علاقاتها الإقليمية والدولية لترضى عنها السعودية، فتوطيد العلاقات الإيرانية مع المحيط وفق المنظور السعودي جاء على حساب السعودية. قد يكون ذلك صحيحاً، ولكن الأسباب هي غير التي تدعيها السعودية؛ السبب الرئيسي والمباشر لتحسّن علاقات إيران الإقليمية هو الدعم الذي تقدمه طهران للأطراف الأخرى في الإقليم والتعاون معها، مقابل التعالي والتنكر والحرب والفوضى التي تقودها السعودية وتمولها؛ هل نذكر، مثلاً، طرد السعودية لأكثر من /200/ ألف عامل يمني قبل أكثر من عام وحرمانهم وعائلاتهم من العمل في السعودية؟

2- أن كلام الفيصل هو اعتراف موارب ـ وبما يناقض ما تدعيه وسائل إعلامه، بخسارة السعودية ـ وكما كنا نؤكد دائماً ـ لعلاقاتها ولموقعها الإقليمي والجيوسياسي. وهذا تؤكده الوقائع والحقائق على الأرض، وإلا لما كان النظام السعودي يتخبط بهذا الشكل. فالسعودية وبعد السياسات المدمرة التي اتبعتها والحروب التي غذّتها ومولتها وسلّحتها، تعرّت بنظر الجميع الذي باتوا يتجنبونها كالعنزة الجرباء.

ثالثاً، قال الفيصل: "نحن متفقون على ضرورة تكثيف الجهود الدولية والعمل على تسريعها لحل هذه الأزمة وعلى أساس مبدأ تشكيل هيئة انتقالية للحكم في سورية وفق ما نص عليه إعلان جنيف”.

السؤال البسيط، من أنتم أيها المتفقون؟! من تمثلون؟! ما هو حجمكم؟! ما قدراتكم؟! هل انتفت الحاجة إلى تغيير الوقائع على الأرض كما كنتم تحلمون؟!

من يحق له الحديث عن الحل في سورية هو الشعب السوري أولاً، وليس من يقتله؛ من يحق له الحديث عن الحل هم أصدقاء سورية الحقيقيون، وليس من يموّل ويسلّح ومن يخرّب سورية وبنية سورية واقتصاد ومدارس سورية ويقتل أطفال سورية ويحاول ضرب واغتصاب مستقبل سورية؛ من يحق له الحديث عن سورية هو الصادق في حب سورية وليس من يتخذ من الحرب عليها وسيلة لتحقيق مآرب ومطامع توسعية أو وسيلة للعب دور إقليمي يتباهى به.

الفيصل! كنّا "نظنّ" في السابق أنك تعيش خارج الزمن والوعي والمنطق والفهم والاحترام لسنّك ومهنتك، الآن نحن متأكدين من ذلك، بل "نعتقده".