تركيا.. الصفقة اولا ام السيادة؟!
ما حدث للنظام السعودي خلال الاسبوعين الاخيرين من فضيحة مدوية ممزوجة بقتل مروع وسفك دم بارد يمكن تصنيفه الابشع في عصرنا الحديث، امر قلب المعادلات على رؤوس آل سعود الذين شكلوا صورة مزيفة لهم طيلة العقود الاخيرة على انهم خدمة الحرمين الشريفين وقادة العالم الاسلامي، لكن الالطاف الالهية لم تنقطع يوما على المسلمين لحكمة من الله سبحانه وتعالى وان خفيت عنا الاسباب التي نجهلها لعلمنا المحدود أو عدم اطلاعنا عن الغيب، ومثلما كان وصول ترامب الى سدة البيت الابيض نعمة كبيرة على المسلمين ليلمسوا عن كثب حقيقة اميركا وماهيتها الاجرامية والنهبوية وليس صورتها المزركشة المصطنعة كما فعلوا اسلافه لكن ترامب ولحماقته كشف عن الوجه الحقيقي لاميركا وعراها تماما وهذا ما انسحب على آل سعود ايضا العبيد الاذلال لاميركا حيث جاء العهد السلماني ليكشف كل موبقات آل سعود وفسادهم واجرامهم ودورهم الذيلي في تنفيذ الاملاءات الاميركية وهذا ليس اتهاما فملاحقة امراء آل سعود من قبل محمد بن سلمان واتهامهم بالفساد ومصادرة اموالهم تثبت بالضرس القاطع فسادهم المستشري والواسع في المملكة، واما دورهم في المنطقة هو ما قاله محمد بن سلمان لاحدى الصحف الاميركية وهنا الحديث له بان ترويجنا للوهابية كان بامر من اميركا والغرب لمواجهة السوفييت في افغانستان وهذا يعني تأسيسهم للقاعدة وطالبان وغيرها من القوى التكفيرية واما اجرامهم فواضح ولا لبس واشرسه وابشعه فضاعة في التاريخ حربهم الظالمة على اليمن و ابادة شعبها بالسلاح والتجويع والحصار وكل ما تمتلك هذه العائلة الخبيثة لتمزيق اوصال هذا البلد والعباد فيه. وجاءت جريمتهم الاخيرة والبشعة وبافظع صورها في حق قاشقجي الذي خدمهم ردحا من الزمن لينقلب العالم ضدهم من مسلمين وغير مسلمين ويصبح باعينهم انهم مجموعة لصوص وقتلة وارهابيين متعطشين لسفك دماء الشعوب من خلال افتعالهم للحروب في العراق وسوريا ولبنان وتوجوها باليمن عبر حربهم الظالمة التي اتت على الاخضر واليابس معا.
واليوم فان حلفائها حتى في الغرب واميركا بالذات، بات ينظرون الى هذه المملكة على انها مملكة الشر والاغتيالات وما عبر عنه السيناتور الجمهوري غراهام بالامس على انها سم في المنطقة ويحب الاطاحة ببن سلمان مع انه كان من المناصرين جدا لال سعود.
فالصورة انقلبت اليوم تماما في الولايات المتحدة على ان السعودية ومهما فعل ترامب ومن منطق شهوة الجشع والطمع لنهب ثروات آل سعود فانه لا يريد ان يفرط بالمملكة لكنه قد يقدم على عزل بن سلمان لان الضغط الاعلامي الكبير في اميركا والرأي العام فيها قد تجاوز كل الحدود ومن غير المقبول ان تستمر الولايات المتحدة بعلاقاتها الاستراتيجية والهميمة بمملكة الاستبداد والحروب والاغتيالات الفظيعة وهذا ما يتعارض تماما مع القيم والاخلاق الاميركية حسب اقوالهم.
فهل بعد هذا التحول الكبير في الشعب الاميركي واوساطه السياسية والاعلامية يستطيع ترامب وعبر صفقاته التي يعد لها اعادة المياه الى مجاريها، امر في غاية الصعوبة خاصة ان ما خرج به من تكهن مشبوه بانه من الممكن ان تكون اطراف غير منضبطة قد نفذت عملية قتل خاشقجي قد انهارت تماما خاصة ان الامير خالد بن سلمان السفير الاميركي الحالي في اميركا والتي يبدو ان مهمته انتهت بعد استدعائه الى الرياض حسب نيويورك تايمز قال بالحرف الواحد بانه من غير الممكن ان يجري اي فعل او عمل داخل القنصلية من دون التنسيق مع السلطة في الرياض.
اما الطرف الاكثر حساسية واحراجا هي تركيا التي استبيح سيادتها وامنها القومي هي اليوم امام موقف في غاية الصعوبة ورغم ما قيل بانها قد تنساق الى عمل صفقة تحاول فيه اغلاق هذا الملف بشكل يؤمن مصالحها لكن تبقى السيادة والامن القومي كخطوط حمر لا يمكن تجاوزها أو المساومة عليها وسط معارضة شعبية ورسمية لاي صفقة تمس استقلال البلد وسيادتها.