kayhan.ir

رمز الخبر: 83570
تأريخ النشر : 2018October08 - 20:42


ما استشف منذ يوم الثلاثاء الماضي وحتى كتابة هذه السطور حول مصير "جمال خاشقجي" الذي دخل الى قنصلية بلاده السعودية في اسطنبول، يلفه الغموض والتناقض في وقت ان موضوعه احتل عناوين مختلف وسائل الاعلام الاقليمية والدولية على انه خطف داخل القنصلية وقتل بعد وصول وفد امني سعودي الى اسطنبول ومغادرته في نفس اليوم عائدا الى الرياض.

لكن ما تدور حوله الدوائر والشبهات هو صمت الرياض الرسمي لايام حيال هذه الجريمة التي ان ثبتت ستكون تداعياتها جسيمة ومهلكة على المملكة والنظام الحاكم، لكن العالم ينتظر التحقيقات التركية للكشف عما حصل في القنصلية ومن المقرر ان تصدر السلطات التركية اليوم او بعد غد تحقيقاتها في هذه الملف، الا ان المسلم به وما يعزز القناعة لدى الرأي العام الاقليمي والعالمي بتورط النظام السعودي في تصفية خاشقجي هو سكوتها على مدى أيام وعدم الاشارة الى القضية مع انها كانت الحدث الساخن في العالم. واول تصريح رسمي في هذا المجال صدر عن محمد بن سلمان في حديثه لوكالة "بلومبرغ" بان المملكة مستعدة لفتح قنصليتها امام الشرطة التركية لكن هذا الامر يأتي بعد ايام من الحادثة وفي وقت عثرت الشرطة التركية على مقتول في احد شوارع اسطنبول لم تتضح بعد هويته. غير ان الجانب التركي الذي يحمل الجانب السعودي مسؤولية ما حدث ويطالبها بتوثيق الادلة، يرفض دخول القنصلية الذي لا جدوى منه.

وحسب المعلومات الموثقة ان جمال خاشقجي استدرج من اميركا الى تركيا بعد ان رفضت السفارة السعودية في واشنطن انجاز معاملته واحالته الى القنصلية في اسطنبول وكأنه امر قد قرر ليلقي مصيره لانه عنصر يجب تصفيته وفق قاموس بن سلمان لتصفية من يعارضه.

اما السؤال الاساس الذي فرض نفسه في هذا الظرف الشائك لم هذا الاستهداف وما الغاية منه؟ ومن هي الجهة التي خططت ونفذت؟ هذه تساؤلات كبيرة ومهمة يجب تسليط الضوء عليها. فالرجل قبل ان يكون اعلاميا كان في السلك الامني وفقا للمصادر الغربية وما شغله من مناصب تؤكد ذلك. لقد عمل خاشقجي مستشارا في سفارتي بلده في لندن وواشنطن والاهم من كل هذا وذاك مستشارا للامير تركي الفيصل الرئيس الاسبق للاستخبارات السعودية اضافة الى كل ذلك كان من بين الصحفيين القلائل الذين قابلوا بن لادن في كهوف افغانستان لذلك فان الرجل يمتلك خزانا من المعلومات ومن غير المعقول ان يترك لما يشكله من خطرا على محمد بن سلمان.

فتصفيته ان ثبتت التحقيقات لم تكن من باب تصنيفه في خانة المعارضة لان خاشقجي لم يكن يوما معارضا للنظام السعودي بل هو في تواصل مستمر مع بعض الامراء وقد اكد مؤخرا بانه متمسك ببيعته لملك سلمان لكنه مشكلته الاساسية هو معارضته لسياسة محمد بن سلمان وانه محسوب على الامير محمد بن نايف.

فاسلوب الخطف والقتل والارهاب ليس امرا طارئا على سياسة المملكة حالها كأي دولة ديكتاتورية ومستبدة في العالم فتاريخها حافل بهذا الاسلوب خاصة في العهد السلماني الذي فاق كل التصورات لانه مدعوم اميركيا لاقتضاء مصالح الطرفين. فاختطاف ثلاثة امراء سعوديين في مطلع السنة الحالية وبعدها اختطاف الرئيس الحريري كرهينة وكذلك اعتقال وخطف عشرات العلماء والناشطين ومن بينهم النساء امر طبيعي لعلمه بان الشارع يعاديه ولابد من قمعه واسكاته.

وعلى اية حال ما استشف حتى الان من مواقف المسؤولين الاتراك وتصريحاتهم الغامضة حول مصير خاشقجي وما بدر من الرئيس اردوغان من تخفيف في لهجته يدلل بوضوح على ان تركيا لم تذهب بعيدا في المجازفة بعلاقاتها مع السعودية التي تمتلك استثمارات ضخمة في تركيا، لان الاخيرة تعلم جيدا ان تصرفات بن سلمان هي في غاية الحماقة ولا يمكن التكهن بها لذلك على ما يبدو ان التحقيقات المشتركة التي بدأت مع الجانب السعودي للكشف عن مصير جمال خاشقجي قد تنتهي بتخريجة لا يتضرر منها الطرفان مع ان انظار العالم تتوجه اليوم الى اسطنبول لترى ماذا سيتمخض من التحقيقات التي تجريها السلطات التركية حول هذه الجريمة التي تعتبر من العيار الثقيل وتصنف في اطار "ارهاب الدولة".

اسم:
البريد الالكتروني:
* رأي: