عن تشكيك الأمم المتحدة بجرائم ’داعش’
محمد الحسيني
اعتبر المفوض السامي للأمم المتحدة لحقوق الانسان زيد بن الحسين أن "مجموعة الانتهاكات والتجاوزات التي يرتكبها تنظيم الدولة الاسلامية (داعش) والجماعات المسلحة المرتبطة به مذهلة، وقد يرقى العديد من أفعالهم إلى حد جرائم حرب أو جرائم ضد الإنسانية". وأوصى زيد في بيان "الحكومة العراقية بالانضمام إلى نظام روما الأساسي كخطوة فورية والقبول بممارسة اختصاص المحكمة الجنائية الدولية".
شكراً لكم أيها المفوض.. شكراً للأمم المتحدة.. شكراً لجمعيات حقوق الانسان في العالم.. أنتم تقتربون من الاستيقاظ والغفلة.. فالعديد مما ترتكبه "داعش" من أفعال قد ترقى - ونشدّد على "قد ترقى" - إلى حد جرائم حرب أو جرائم ضد الإنسانية.
للعلم فإن "قد" لغوياً تدخل على الفعل ماضياً ومضارعاً وتلازمه، فتكون مع الماضي حرف تحقيق، ومع المضارع حرف تقليل.. وفعل "ترقى" هنا في صيغة المضارع وليس في صيغة الماضي، وبالتالي فإن "قد" في تعبير المفوض الأممي السامي تقع في مقام التقليل وليس التحقيق.. أي إن ما ترتكبه "داعش" ما زال لدى الأمم المتحدة في مقام التشكيك وعدم التحقق؟!!
ولكن ماذا يعني تعبير "الجريمة ضد الإنسانية"؟!.. يعني بالتحديد أي فعل من الأفعال المحظورة والمحددة في نظام "روما" متى ارتكبت في إطار هجوم واسع النطاق أو منهجي موجه ضد أي مجموعة من السكان المدنيين وتتضمن مثل هذه الأَفعال القتل العمد، والإبادة، والاغتصاب، والإبعاد أو النقل القسري للسكان، وجريمةِ التفرقة العنصرية وغيرها، والإبادة الجماعية والجرائم ضد الإنسانية عرضة للعقاب بصرف النظر عن ارتكابها وقت الحرب أو السلام.
كل ما جاء في تعريف "الجريمة ضد الانسانية" لا تقوم بها "داعش"..
وفي تعريف آخر "الجريمة ضد الانسانية"، هي تلك الجرائم التي يرتكبها أفرادٌ من دولةٍ ما ضد أفراد آخرين من دولتهم أو من غير دولتهم، وبشكل منهجي وضمن خُطَّةٍ للاضطهاد والتمييز في المعاملة بقصد الإضرار المتعمَّد ضد الطرف الآخر، وذلك بمشاركةٍ مع آخرين لاقتراف هذه الجرائم ضد مدنيِّين يختلفون عنهم من حيث الانتماء الفكري أو الديني أو العِرْقي أو الوطني أو الاجتماعي أو لأية أسبابٍ أخرى من الاختلاف.
وما ورد في التعريف الثاني.. أيضاً لا علاقة لـ"داعش" بها، فكل المجازر التي تستهدف المدنيين وغير المدنيين، والتطهير الطائفي، وتدمير دور العبادة، والخطف والتنكيل، وبيع النساء في سوق النخاسة و... و.. كل ذلك ما زال تحت مجهر الأمم المتحدة للتحقق؟!
يبدو أن ما ترتكبه "داعش" ومشتقاتها في العراق وسوريا ولبنان وتونس وليبيا والجزائر و.. و..لا يستهدف الانسان.. فبنظر الأمم المتحدة لا وجود للانسان في هذ الدول.. إلا أولئك الذين ينطقون بلسان أميركي..
أما عن توصية المفوض السامي لبغداد "الانضمام إلى نظام روما الأساسي كخطوة فورية والقبول بممارسة اختصاص المحكمة الجنائية الدولية"، فذلك له حكاية أخرى.. وللمناسبة "إسرائيل" ترفض الانضمام إلى هذا النظام.. لماذا؟!