طهران العين الساهرة
شاء القدر ان تكون مدينة عين العرب اختبارا حقيقيا لمدى صدقية التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة لمحاربة داعش كما تدعي. فالمعارك لازالت على اشدها تدور في شوارع هذه المدينة بين عناصر داعش الارهابية ومقاتلي وحدات حماية الشعب الكردي التي تستبسل في القتال موقعة المزيد من القتلى بين صفوف داعش حيث لازالت غالبية مناطق المدينة تحت سيطرة المقاتلين الاكراد وان تحدثت آخر الاخبار عن سقوط المربع الامني الذي يضم مقر وحدات حماية الشعب الكردي لكن في المحصلة النهائية ان المدينة صامدة حتى الساعة واذا لم تصل لها النجدة ربما ستسقط في اية لحظة وسيكون التحالف الدولي المزعوم مسؤولا عن اية مجزرة تقع فيها لاسمح الله.
فبعد مسلسل الاحداث في سوريا والعراق وتحركات داعش على الارض وتصريحات بايدن الفاضحة التي اعتذر عنها لحفظ ماء الوجه لبعض الدول المنطقة الا انه لم يفندها بالطبع وكذلك مئات الطلعات التي نفذتها طائرات التحالف حسب زعمها لقصف مواقع داعش ولم نجد شيئا ملموسا يؤكد تراجع داعش وتقهقرها وان كان الاميركيون لا يخفون نواياهم الخبيثة حيث صرح الوزير جون كيري وبشكل علني بان عين العرب لم تكن في سلم الاولويات لبلاده. اذن فالسؤال الذي يطرح نفسه ان لم تكن عين العرب المعرضة في اية لحظة لكارثة انسانية فما هي الاولوية في القاموس الاميركي لمحاربة داعش.
ان سير التطورات الجارية في المنطقة يؤكد بما لا يقبل الشك بان داعش صناعة اميركية ــ صهيونية لإلهاء دول المنطقة وتدمير جيوشها خدمة لحماية الامن الصهيوني اولا ومن ثم انتعاش مصالح السلام الاميركية ثانيا لتصدير منتاجاتها الى المنطقة وتسعير المعارك التي تدفع اثمانها دول مجلس التعاون صاغرة والامر الاخر والمهم هو بقاء اميركا في المنطقة.
فاليوم تدور في المنطقة مهزلة ما افظعها وافضحها في التاريخ ان تجتمع ثمانون دولة في اطار التحالف الدولي تحت قيادة الولايات المتحدة الاميركية لمحاربة داعش وهي عاجزة عن انقاذ مدينة صغيرة كعين العرب من مخالب عناصر داعش الارهابية في وقت اعلنت الجمهورية الاسلامية الايرانية عن استعدادها لانقاذ المدينة فيما اذا وافقت سوريا على ذلك، لكن المؤسف والمزري في هذا الوضع المعقد والمأساوي هو الموقف التركي الابتزازي والاستغلالي في اشهار ورقة المساومة امام الغرب، اما القبول بشروطها واما سقوط المدينة وحصول المذابح فيها وهو ابتزازما افظعه انسانيا واخلاقيا ومن دون ان تلتفت الى داخلها المتفجر والذي آخذ بالتصعيد الى مالآت خطيرة لا تحمد عقباها.
طهران العالمة والخبيرة بشؤون المنطقة ودهاليزها المظلمة والاعيبها الخبيثة سبق وان حذرت انقرة من أي تحرك يمس بالسيادة الوطنية السورية او الاعتداء على اراضيها، فهي من غير الممكن ان تسكت امام أي اعتداء تتعرض له سوريا فان ردها سيكون قويا وحاسما وفوريا وهذا ما ابلغته لواشنطن ايضا حيث تعهدت الاخيرة بانها لم تستهدف أيا من المراكز الحكومية السورية وان لم يمكن التعويل على ذلك وفقا لما صرح به مساعد الخارجية الاسلامية حسين عبداللهيان.
ان طهران تراقب الموقف عن كثب ولا تسمح لاية قوة في العالم ان تتلاعب بمقدرات شعوب المنطقة القادرة على ادارة معركتها وشؤونها وهذا ما هو جار اليوم في سوريا والعراق وان كانت النتائج اقل من التوقعات، الا انها ماضية لسحق داعش عبر المشاركة المباشرة والفاعلة لابناء الشعب في المعركة واذا ما توقفت الامدادات بكل انواعها عن داعش وخلصت النوايا لمحاربتها فان النتائج ستؤتي اكلها باسرع ما يكون والمستقبل كفيل باثبات ذلك.