kayhan.ir

رمز الخبر: 8259
تأريخ النشر : 2014October10 - 21:15

حزب الله و... قرار كبير

ناصر قنديل

- أن تأتي عملية حزب الله في مزارع شبعا مشفوعة بإعلان هو الأول منذ عشر سنوات تقريباً عن تنفيذها، في الظروف المعقدة التي تشهدها المنطقة، حيث الحرب مع أخطر مكونات التنظيمات الإرهابية التي يشكلها "داعش” في سورية والعراق ولبنان، تبدو بنسبة كبيرة حرباً لحزب الله، لا يستطيع التعامل معها باعتبار حضوره فيها مجرد مساهمة سياسية لإثبات الانخراط في هذه الحرب، بل هي كما وصفها الأمين العام لحزب الله مراراً حرب المصير للمنطقة والحزب وحلف المقاومة.

- الحرب مع "داعش” ومتمماتها كـ”النصرة” وسواها، ليست حرب المصير بمعناها العام بالنسبة لحزب الله كفريق رئيسي في حلف المقاومة وفقاً لرؤيته النظرية، بل هي حرب المصير من زاوية فهم أن التعامل الخبيث لقوى الغرب، خصوصاً واشنطن وحلفائها من أنقرة إلى كل الخليج الفارسی، يعني أن حلف الحرب النظري على "داعش” يريد إدارة الحرب لا حسمها، ويريد توجيه نارها نحو حلف المقاومة برسم خطوط حمراء أمام كرة "داعش” المتدحرجة حيث تظهر مصالحه مهددة، كما جرى أثناء تقدم "داعش” نحو أربيل، ويجري العكس في جرود عرسال وعين العرب والقنيطرة.

- لكنها أيضاً حرب المصير من زاوية أن الفوز فيها يقوم على أكتاف المقاومين، وعلى رغم المساهمات الهائلة للجيش السوري ومحاولات الجيشين اللبناني والعراقي تحمل المسؤوليات التي تمليها المعركة، يبدو الطابع المعنوي والميداني للحرب سبباً كافياً ليقتنع حزب الله أن نسبة غير قليلة من هذه الحرب سيتولاها بنفسه في لبنان وسورية والعراق.

- يعرف حزب الله أن "إسرائيل” تريد التعرف إلى مدى تأثير انخراطه بهذه الحرب على جاهزيته للحرب معها، ويؤكد السيد حسن نصرالله دائماً أن على "إسرائيل” أن تدرك أن الجاهزية المادية والمعنوية والبشرية للحرب معها بأفضل مما كانت، لكن حزب الله يعرف أيضاً أن "إسرائيل” التي تشكل عملياً، وليس موضوعياً فقط، المحرك الرئيسي لكل حروب المنطقة، وأنها أقرب من حبل الوريد لـ”داعش” و”النصرة” بدليل ما يجري على جبهة الجولان، تترصد الفرصة لكسر توازن الرعب الذي أنشأته المقاومة على جبهة الجنوب اللبناني، ويعرف أيضاً وأيضاً أن الداخل اللبناني المفتت والمرتبك بيئة سهلة للفوضى التي تبشر بها حروب الفتن، وهو لن يتماسك وراء المقاومة في أي مواجهة مقبلة مع "إسرائيل” طالما أنه لم يفعل في ظروف أفضل من اليوم.

ربما تكون هي فرصة "إسرائيل” التي لا تعوض، وربما يكون وراء التحرشات "الإسرائيلية” في الجنوب والجولان قرار حرب، فليس الوقت وقت العمليات التذكيرية بحق لبنان بالمزارع في شبعا ولا بحق المقاومة بالعمليات فيها.

قرار قيادة الحزب والمقاومة بعملية نوعية في مزارع شبعا ليس كقرار أسر الجنود قبيل حرب تموز 2006، على قاعدة أن العمل جار بصورة منتظمة لعملية خطف ولما تأتي ظروفها ستتم، وعندها فليكن ما يكون، فالعملية نفذت بذاتها ولذاتها بقرار طازج، هو أقرب ما يكون قرار حرب.

حزب الله يبدل إستراتيجيته في مواجهة استحقاقات المنطقة بعد بريتال وعرسال وعين العرب والقنيطرة، يترجم أن ما قاله أمينه العام عن القدرة على إلحاق الهزيمة بـ”داعش” ترجم في بريتال، وما يجري تحضيره لحزام أمني من القنيطرة إلى شبعا كفرشوبا بمجموعات "النصرة” و”داعش” لن يترك له وقت التنفيذ، وأن التواطؤ الغربي في استخدام "داعش” والحرب عليه في آن واحد لن تترك له المبادرة، وأن ما تستعد له "إسرائيل” بعد اكتمال عناصر حربها لتحديد ساعة صفر على توقيتها لن يكون متاحاً.

ينزل حزب الله إلى الساحة بقرار عنوانه قادرون على الحربين وسنخوضهما معاً، فتعالوا إن كنتم تتجرأون، وهو يعلم أنه كلما تعمق مأزق "إسرائيل” بالحرب نفسها أو بحشرها في زاوية التحدي، تعمم المأزق على المتفرقات الملونة لكثيرين.