العربي والشرق الأوسط الموعود!
منذ أن بدأ الغرب في سعيه المحموم لقيام "الشرق الأوسط الجديد”، عاش العالم العربي الكثير من الأحداث المأساوية الدامية، سواء على مستوى الوطن أو المواطن. ولم يُخفي الغرب حقيقة مسعاه فأطلق على سعيه عبارة "الفوضى الخلاقة” القادرة من وجهة نظره على خلق "الشرق الأوسط الجديد”. لتكون بمثابة الرافعة لهذا السعي المتواصل لولادة " الشرق الأوسط الجديد”. والحق يقال أنها كانت ولا تزال فوضى كارثية وليست خلاقة على الوطن العربي بكل ما للكلمة من معنى. وفاتورة من القتل والدمار لكل ما يمت للأنسان العربي ووجوده. والأغرب أنها بتمويل عربي عن سابق إصرار وترصد! كل هذا من أجل عيون "الشرق الأوسط الجديد” الذي ولغاية اللحظة.. أبى أن يُولد، رغم كل ما تم إنجازه من تدمير لشخصية العربي! مُكتفياً بالبقاء حبيساً داخل عقول أسياده!.
إن الركيزة الأسياسية لقيام الشرق الأوسط الجديد تستند إلى:
_ حلم إسرائيل المتواصل في الثبات كدولة معترف بها من قبل شعوب الدول العربية وحكوماتها على حساب فلسطين الشعب والوطن والمقدسات.
_ الإبقاء على عجز العالم العربي في إمتلاك ناصية قراره، ومنعه من أن يسعى لخلق فكرة الإستقلالية.
_ أطماع الدول الكبرى (وغير الكبرى) المتزايد في إستمرارية التحكّم بخيرات وثروات العالم العربي الهائلة.
هذه العناصر كانت الدافع الحقيقي وراء قيام مخطط "الشرق الأوسط الجديد”. فمنذ أن قرر الرئيس جورج بوش الإبن غزو العراق سنة 2003م تحت ذريعة (أكذوبة القرن الواحد والعشرين) والتي تمثلت بعلاقة العراق بأحداث 11 أيلول 2001م وإمتلاكه أسلحة الدمار الشامل، بدأت تتكشف ملامح مخطط "الشرق الأوسط الجديد”. ومن المنطق نعيد التذكير هنا، أن العراق لم يُدمّر سنة 2003م عبثاً، ولم يُقتل الحريري في لبنان سنة 2005م صُدفة، ولم تتبرع إسرائيل بشن حرب على حزب الله سنة 2006م كرم أخلاق من جانبها، ولم تُضرب البندقية الفلسطينية وتدمُر غزة في سنة 2007_2008م لمجرد هوس إسرائيلي، ولم يُشرق "الربيع العربي” سنة 2010م لأن الغرب ضاق درعاً بدكتاتورية الملوك والأمراء والرؤساء العرب في بلادنا، وكذلك لم تأتينا "جبهة النصرة وداعش” وأخواتهم عبر مصباح علاء الدين.. لتبشر شعوب المنطقة بنشر "ديمقراطية” قطع الرؤوس و”العدل والتسامح” المغولي بين بني البشر!
إنها أحداث محكومة التوقيت والهدف. أحداث متلاحقة من مسلسل "الفوضى الخلاقة” على أن يُبنى على أنقاضه "شرقهم الأوسط الجديد”!
أما الحقيقة المؤلمة حتى العقم الفكري في كل ماسبق، هو أن تنفيذ هذا المسلسل المشؤوم ما كان ليتم لولا أدواته العربية وأمواله العربية!!
وعليه، يحق أن نتساءل وبلسان عربي:
متى نُوقف نحن العرب "وليس غيرنا” هذا المسلسل الدموي التدميري لعالمنا العربي .. وإلى متى سيبقى العربي، ماسخٌ لشخصيته.. وكاره لأخيه.. وقاتل لنفسه.. ومساهم فاعل في تدمير وطنه؟!!
أم أنه وصل به التمزّق الفكري إلى حالة اللا عودة فيصلح فيه قول الشاعر:
لا تلمْني فما جدوى الندم .. كل شيء قد مضى حتى الألم!