انطلاق الحملة الانتخابية في تونس
روعة قاسم
لا حديث في تونس هذه الأيام إلا عن الإنتخابات التشريعية والرئاسية التي تبدأ نهاية هذا الشهر، حيث سيختار التونسيون مجلسهم النيابي ورئيس جمهوريتهم لخمس سنوات يخرجون من خلالها من المرحلة الإنتقالية التي دامت سنوات ثلاثاً.
وقد شهدت الإستعدادات لهذه الإنتخابات عمليات تزوير أصابت التونسيين بالإحباط، حيث يفرض القانون الإنتخابي على كل مترشح أن يزكيه عشرة آلاف مواطن أو عشرة نواب من المجلس الوطني التأسيس، وشهدت العملية تقديم تزكيات مزورة من بعض المترشحين، وهي تتعلق إما بأشخاص أقحمت أسماؤهم من دون علمهم، أو بمن زكى أكثر من مترشح أو بمزكين ثبت لاحقا أنه لا وجود لهم.
تتبعات
الهيئة الوطنية المستقلة للإنتخابات أكدت على لسان رئيسها شفيق صرصار وجود عمليات التزوير، كما أن مواطنين أكدوا أنهم سيشتكون لدى النيابة العمومية لفتح بحث تحقيقي لمعرفة الجهة أو الجهات التي أقحمت أسماءهم ضمن مزكين لترشيحات رئاسية. وستشمل التتبعات على ما يبدو مرشحين من الوزن الثقيل يتوقع لبعضهم أن يمر إلى الدور الثاني وبالتالي المنافسة الجدية على عرش قرطاج الذي يشغله المنصف المرزوقي بصورة مؤقتة.
لذلك فإن البعض يتساءل عن مصير الرئيس الذي سينتخب ثم يثبت القضاء لاحقا تورطه في عملية تزوير أو شراء ذمم مزكين لترشحه بالمال السياسي. هل سيواصل ممارسة مهامه أم أنه سيقال ليصعد إلى سدة الحكم لاحقا منافسه المباشر؟ أم هل ستعاد الإنتخابات الرئاسية مع ما يعنبه ذلك من إضاعة للوقت والجهد و المال. وعلى فرض ان الرئيس "المزور" سيواصل مهامه، ألا يعتبر ذلك منافيا للأخلاق وخصوصا أن الأمر يتعلق بالمنصب الأرفع في البلاد الذي يفترض أن يكون شاغله نزيها وعلى قدر كبير من رفعة الأخلاق باعتباره مؤتمنا على البلاد؟
انطلاق الحملات
وبخلاف الإنتخابات الرئاسية التي وصلت أعداد المترشحين إليها إلى 27 ومن المتوقع أن تشهد انسحابات خلال الأيام القادمة، فإن الإعداد للإنتخابات النيابية يجري في ظروف عادية بعد أن انطلقت الحملة يوم عيد الأضحى المبارك. ولم تمنع عطلة العيد الأحزاب من نشر قائماتها وصور المرشحين في الأماكن المخصصة لها من دون أن تحصل مصادمات بين المنتمين إلى هذا الحزب أو ذاك مثلما كان متوقعا.
فحتى رابطات حماية الثورية التي تنعت بأنها الذراع العنيف لحركة النهضة الإخوانية تنظمت في إطار حزبي وشكلت قوائم لخوض هذه الإنتخابات في العديد من الدوائر. كما من المتوقع أن تبدأ وسائل الإعلام التابعة للدولة في تمكين المترشحين من رؤساء القوائم من حيز زمني لإبلاغ أصواتهم إلى جمهور الناخبين مثلما جرت عليه العادة منذ زمن الإنتخابات المزورة خلال الحقبة السابقة.
مناورة نهضوية
ويؤكد جل الخبراء والمحللين أن الإنتخابات النيابية ستكون حاسمة وستؤثر لاحقا على سباق الوصول إلى قصر قرطاج. فإذا فازت حركة نداء تونس بالمرتبة الأولى، على سبيل المثال، وحصلت على الأكثرية في مجلس النواب فإن حظوظ مرشحها للرئاسة الباجي قائد السبسي ستكون وافرة. وإذا فازت حركة النهضة فإن من ستدعمه من المستقلين أو المتحزبين (باعتبارها لم ترشح أحدا من داخل الحركة) سيجد الطريق معبدة إلى الرئاسة.
يشار إلى أن الحركة الإسلامية هي التي فرضت عدم التزامن بين الإنتخابات النيابية والرئاسية وذلك لإدراكها بأن حظوظ الباجي قائد السبسي مرشح حركة نداء تونس وافرة ليكون الرئيس الخامس للجمهورية التونسية بعد إلغاء النظام الملكي وإعلان الجمهورية سنة 1957، حيث يتقدم وزير خارجية بورقيبة ورئيس الحكومة الأسبق الباجي قائد السبسي الجميع وفقا لاستطلاعات الرأي رغم تقدمه في السن