عالم أسوأ مع اميركا!!
مهدي منصوري
أعادت تصريحات نائب الرئيس الاميركي بايدن المتذبذبة والمتناقضة وخلال فترة لم تتعد الثمانية وأربعين ساعة الذاكرة الى المقولة التي أطلقها آية الله الشيخ محمد حسين كاشف الغطاء في الخمسينيات من القرن الماضي عندما سئل عن رأيه في السياسة فأجاب انها "بحر من الكذب"، وقد جسد بايدن هذا القول بمعنى الكلمة السياسة القائمة على مبدأ "الغاية تبرر الوسيلة " لا يخرج منها الا ما اخرجه ان بايدن وبهذه الطريقة الفجة، ولكن ولو أمعنا النظر في اسلوب اميركا في التعامل مع القضايا وخلال فترة عقد ونيف من الزمان ندرك ان هذا الامر ليس جديدا بل هو طابع ارتسمت به السياسة الاميركية لان غزو العراق وافغانستان وغيرها من النشاطات الاميركية خاصة العسكرية منها قد قامت على مبدأ الكذب وهو ما كشفته الايام والتقارير، فلذلك فانه ليس من المستغرب ان يأتي بايدن وفي وقت قصير ليعكس حالة تناقض السياسة الاميركية وبصورة واضحة لا لبس فيها ولا غموض، وبذلك وضعت واشنطن الجميع أمام حالة لم تكن فريدة، بل في الواقع صورة ضبابية حالكة، فكيف يمكن ان تلام كل من تركيا والسعودية والامارات لانها قدمت الدعم اللازم للارهاب والارهابيين، وكيف يتم الاعتذار لكل من تركيا والامارات دون السعودية من هذا التصريح. مما جعل المراقب يقف مبهورا ماذا يصدق التاكيد أم الاعتذار؟.
ولكن في الواقع فان التاكيد والاعتذار كلاهما اسلوب اميركي خادع قد استخدمته اميركا في الكثير من المواقف خلال الفترة التي ذكرناها، ولذلك فانه لاغرابة ان نسمع بعد يوم او يومين ان واشنطن تطلب من الدول ان تحاور داعش وان تفتح سفارات لها في بلدانها، لانها تملك من القوة والقدرة بحيث يصعب القضاء عليها اوانهاؤها، وهو ما يصدر اليوم من تصريحات بهذا المجال وعلى لسان كبار القادة الاميركيين سواء كانوا سياسيين او عسكريين.
ونفس الموقف قد مارسته واشنطن مع طالبان اذ طالبت الحكومة الافغانية بان تعقد جلسات سلام مع هذا التنظيم وطالبت بفتح مكاتب له وكانت قطر الدولة الاولى التي طبقت التصور الاميركي.
والسؤال المهم الان وهو: كيف يمكن للعالم ان يكون حاله ضمن سياسة الكذب والخداع الاميركية؟، فمن الطبيعي جدا ان يكون الجواب ان هذ العالم سيعيش حالة من التعاسة والسوء مما لايمكن تصوره خاصة، واننا نعيش اليوم سوء تلك السياسة وتبعاتها المروعة على المنطقة من خلال زرع وبناء ودعم التنظيمات التي تبنت القتل والتدمير والتي بدأت الاستخبارات الاميركية تظهر لنا الواحدة تلو الاخرى وبالامس عاش العالم حالة من القلق مع القاعدة واليوم يعيش مع داعش وغدا مع خراسان وقد تظهر لنا اسماء اخرى وضعتها هذه المخابرات ضمن قائمتها.
ولما كان الهم الاكبر لواشنطن هو الحفاظ على مصالحها في المنطقة فلذلك فانها لا تألوا جهدا ان تدمر العالم من اجل هذه المصالح، وقد يعكس ما يجري في سوريا والعراق وغيرها من البلدان هذه النظرية الاميركية، ومن هنا وفيما اذا ارادت شعوب المنطقة التخلص من هذا الكابوس الاميركي الخانق فما عليها إلا ان تجند طاقاتها من اجل ضرب المصالح الاميركية اينما وجدت لكي ترفع الذريعة التي تتمسك بها واشنطن للتدخل المباشر وغير المباشر، وبذلك يمكن قطع دابر تواجدها على الارض بحيث لم تجد بدا من مغادرة المنطقة غير مأسوف عليها، وعند ذاك يمكن لهذه الشعوب ان تعيش حياتها آمنة ومستقرة من دون املاءات او ارادات تريد منها ان تكون مستعبدة وذليلة.