اميركا المفلسة تتمنى المفاوضات
لا شك من ان الرد الصاعق والمزلزل الذي صدر من القيادة الايرانية تجاه التهديدات الاميركية وخاصة الرئيس ترامب قلب المعادلة تماما وحشر الادارة الاميركية في الزاوية الحرجة بشكل جعلتها تتخبط في تصريحاتها حيث لم تمض 24 ساعة على تصريحات بومبيو وزير الخارجية الاميركي الذي قال لا وجود لايران بعد اليوم، حتى خرج علينا وزير الدفاع الاميركي ماتيس ليعلن باننا لم نخطط لتغيير النظام الايراني مع علمنا الاكيد بانه يكذب في وضح النهار وان الادارات الاميركية المتوالية ومنذ انتصار الثورة الاسلامية وحتى اليوم لم تألوا جهدا من خلال المؤامرات والحرب العراقية المفروضة والعقوبات المستمرة وحتى بعض الحروب التي اشعلتها في المنطقة بواسطة الكيان الصهيوني وبعض العربان كلها كانت من اجل القضاء على النظام الاسلامي وكان آخرها وبالطبع وليست الاخيرة تصدير داعش للمنطقة كلها اصطدمت بالحائظ المسدود، لكن هذه المرة اوصلت رجل يتظاهر بالجنون ولايمتلك اي خلفية سياسية ليتعاطى مع دول العالم بلغة مختلفة تماما وليست دارجة في العرف السياسي ويمكن ان نطلق عليه رجل البلطجة والابتزاز للوصول الى اهدافه وهي استخدام لغة التهديد والوعيد ومن ثم اللجوء الى التفاوض لقطف الثمار حسب تصوراته الواهية والمريضة وهذا الاسلوب استخدمه مع كوريا الشمالية التي هددها حتى باستخدام القنبلة الذرية لكننا في النهاية شهدنا كيف انتهى المشهد بقبوله الاجتماع بالزعيم الكوري الشمالي والتفاوض معه لكن دون اية نتيجة تذكر لان الاخير خبُر من التجارب السابقة بانه لايمكن الثقة باميركا وتوقيعها للاتفاقيات والعقود.
مسكين هذا الابله اراد ان يعيد الكرة مع ايران الاسلامية التي كانت عصية على اميركا طيلة اربعة عقود عبر تخويفها وابتزازها بالحرب الاقتصادية والنفسية التي ثبت عقمها في التعامل مع ايران وان لوح بالخيار العسكري الذي بقي طيلة العقود الاربعة تحت الطاولة الاميركية التي تراكم عليها الغبار.
ان الرجل بسلوكه المتهور هذا اثبت انه لم يطلع حتى على سجلات الرؤساء الذين سبقوه ليطلع على سياستهم الفاشلة مع ايران ولو كانت اميركا واثقة من نفسها وقدرتها حتى 50% من نجاح عملياتها العسكرية ضد ايران لما تأخرت لحظة واحدة كما فعلت في افغانستان والعراق، الا ان قيادتها العسكرية تعي ذلك تماما وهذا ما اكده رئيسي اركان الجيش الاميركي في عهد بوش واوباما عندما طلب البيت الابيض منهما اعداد الخطة لضرب ايران جاء الجواب "ليس بالامكان اعداد خطة عسكرية لمواجهة ايران" وهذا طبيعي لسبب بسيط انهم عاجزين حتى التكهن بردود الفعل وحجمها وتداعيات ذلك وهذا يعود الى تلك الفترة التي كانت اميركا القطب الاوحد في العالم اما اليوم فالصورة تختلف تماما. فموازين القوى لم تعد لصالح اميركا وهذا ما يلمسه الجميع، فايران اليوم غير ايران الامس خاصة انها اثبتت عمليا بدحر داعش انها اللاعب الاول في المنطقة والامر الاخر انها محاطة بمحور دول المقاومة وجبهتها العريضة الممتدة في عموم المنطقة، وتحذير الجنرال قاسم سليماني للاميركان كانت رسالة بليغة وهو باستطاعتكم اشعال الحرب لكن نهايتها ليست بايديكم.
يبدو ان الرسائل الايرانية قد فهمها الجانب الاميركي على الظاهر وهذا ما شهدناه في تغيير اللهجة عبر التطبيل لزيارة بن علوي لواشنطن على انها من اجل الوساطة بين اميركا وايران في حين ان طهران ومع احترامها وتقديرها للجانب العماني الموثوق به لا تعلم لا بمضمون الزيارة ولا باهدافها وهذا يدخل في اطار التمنيات الاميركية و رغبتها في التفاوض مع ايران لكن لطهران موقف ثابت وحاسم في التعامل مع الجانب الاميركي الذي لا يمكن التفاوض معه لانه غير جدير بالثقة وليس طرف يطمئن اليه، لكن كما اكد قائد الثورة الاسلامية الامام الخامنئي من قبل ما مضمونه اذا نفذت اميركا التزاماتها تجاه الملف النووي فاننا سننظر في البحث في قضايا المنطقة وبالطبع ليست العلاقات الثنائية.