اميركا تتهاوى للحضيض
مهدي منصوري
لم تعد سياسة التهور والغطرسة الاميركية بعد اليوم لها ذلك التأثير في العالم، وفي نظرة سريعة لواقع اميركا في المنطقة والعالم وخاصة بعد مجيء المختل عقليا ترامب نجد انها اخذت بالانهيار وبصورة غير متوقعة او مترقبة، لكون الرئيس الاميركي لايفقه من السياسة شيء، ويتعامل مع القضايا بعقلية التاجر الذي يبحث وراء الارباح قد فتح عليه ابوابا من المشاكل والازمات فضلا عن الداخلية الى الخارجية لتعنته وغطرسته غير المتوازنة والمتعقلة، والمصاديق في هذا الامر كثيرة بحيث بدأت حربه الاقتصادية مع الصين والاتحاد الاوروبي وبعض الدول الغربية وهي لازالت محتدمة بحيث لايدري المراقبون كيف ستؤول اليها الامور مستقبلا.
والجانب المهم في الامر هو ان ترامب الذي يعتقد انه يستطيع ان يهيمن على الدول من خلال التهديد والوعيد فقد خاب ظنه وبطل سعيه اذ خدع بالامس العالم بتشكيله تحالف دولي تحت عنوان كاذب وخادع والذي كان ظاهره مكافحة الارهاب وباطنه يمثل الحقيقة بكاملها هو ايقاف المد المقاوم والرافض لكل انواع الاستعباد والاستعمار أعلن عن نفسه واثبت وجوده من خلال تحركات المقاومة البطلة وتصديها لكل المشاريع الاستسلامية .
ولا ننسى في هذا المجال ان نعيد الذاكرة ان اميركا وبعد انتصار الثورة الاسلامية المباركة قد رفعت راية العداء المستحكم لايران، واخذت تعمل وبكل ماوسعها الجهد لاركاعها وسلب ارادة شعبها، وقد تباينت تحركاتها في تحقيق هذا الهدف من خلال مشاريع الشرق الاوسط الكبير والصغير، وزعزعة الاستقرار والامن والمنطقة من خلال التفجيرات الارهابية وغيرها كل ذلك للوقوف بوجه المد الايراني كما تزعم وغيرها من الخطط البعيدة والقريبة المدى، ولكن كل هذه الاساليب قد واجهت جدارا صلدا وقويا تحطمت على اركانه كل هذه الامال والاماني والطموحات بحيث وصلت فيه ليس فقط الادارة الاميركية، بل كل المتحالفين معها في المنطقة والعالم الى طريق مسدود بحيث اصيبت بحالة من الدوار الذي لايمكن ان تتخلص منه يوما ما.
واليوم وبعد انهيار تحالف واشنطن الدولي الذي كان يراد له ان يحقق طموحاتها امام اندحار الارهاب وبهذه الصورة المخزية وفقدت بذلك اميركا معولا قويا كان يمكن له ان يوصلها الى ما ماتريد، بحيث شكل هذا الامر سقوطا فاضحا للسياسة الاميركية في المنطقة على الخصوص بحيث تداعى للجميع ان واشنطن قد فقدت قدرتها على فرض ارادتها على الشعوب.
والمضحك في الامر انه عندما تهاوى الصنم الكبير التحالف الدولي وفي غفلة من الزمن نجد ان الادارة الاميركية دعت بالامس الى تشكيل تحالف آمني وسياسي جديد مع دول الخليج الفارسي ومصر والاردن تحت عنوان "ناتو عربي" بهدف التصدي للتوسع الايراني.
والسؤال المهم في هذا المجال عندما لم يستطع "تحالف واشنطن" الذي ضم 83 دولة وبما يملكه من الامكانيات الهائلة ان يصل الى هذا الهدف وتلاه تحالف السعودية الذي عمل في هذا المجال بحيث تهاوت معه كل الخطط والمشاريع، فهل يعقل او يصدق ان ما اطلق عليه "ناتو عربي" يستطيع ان يقوم بذلك؟، والجواب حتما سيكون بالنفي لان المؤشرات على الارض تؤكد ان لا واشنطن ولاحلفائها ولا من يقف معها يستطيع بعد اليوم ان يغير ماهو قائم في المنطقة اليوم وبحسب ما يحلوله لان الموضوع خارج عن ارادتها وقدرتها، خاصة وان زمام التغيير اليوم بيد الشعوب لاالحكومات، ولذا يمكن القول ان هذا "الناتو" الكسيح سيكون مصيره مصير من سبقه، وان اميركا وبتشكيلها هذا التحالف اكدت مدى انهيارها وسقوطها الى الحضيض، وانها تعيش ازمة حادة لا تدرى كيف الخروج منها، وانها فشلت فشلا ذريعا في ايجاد موطئ قدم لها تستطيع من خلاله ان تتحكم بمقدرات ومصائر الشعوب.