kayhan.ir

رمز الخبر: 79489
تأريخ النشر : 2018July24 - 20:35

دماغك.. متى ينتهي تاريخ صلاحيته؟!


مع مرور السنوات تصل لسن الخمسين، تفقد الكثير من قدراتك الجسمية والعقلية، تصبح كثير النسيان وضعيف الانتباه. تنسى أين وضعت مفاتيحك، هل أخذت الدواء أم لا، قد تنسى حتى موعدا مهما.. تبقى تتحسر على شبابك وعلى قدراتك العقلية في العشرينات. فالعمر له حقه ولابد من حدوث هذا! مرحبا! أنا ذلك الجزء الصغير منك، وزني لا يتجاوز ١٣٠٠غ، عدد الخلايا داخلي بلايين الخلايا، أنتمي أيضا لعائلة النبلاء. أستقبل المعلومات، أنسقها وأنظمها. أنظم أغلب أجهزتك. أنا المسؤول عن تفكيرك، إبداعك، حكمتك، اتخاذك القرارات، وشفاءك. أنا أتحكم بك أم أنت تتحكم بي؟ سنرى! بعد قليل. نعم.. نعم، أنا الدماغ.

جئت أكلمك لأصلح الكثير من المفاهيم الخاطئة، التي تم تصديقها لسنوات. وأنبهك لضرورة اعتنائك بي لأبقى في صحة جيدة ولأحافظ على قدراتي، رغم تقدمك في السن. أخبروك أني غير قادر على تجديد خلاياي العصبية وأن عددها يقل مع مرور الزمن. هذا خطأ فادح تم ارتكابه في حقي لسنوات، فلتعلم إذا أن بداخلي جزءا صغيرا رماديا يدعى الحصين هو الجزء المسؤول عن التعلم، الذاكرة والعواطف، هو قادر على خلق ٧٠٠ خلية عصبية جديدة كل يوم عن طريق عملية تجديد الخلايا العصبية Neurogenesis وهذا ما كان يجب أن ننتظر حتى نهاية القرن العشرين ليتم اكتشافه. نعم وحين تصل إلى سن الخمسين يكون قد تجدد بالكامل منذ الولادة.

كيف يعمل هذا السيد النبيل؟!

الدماغ مكون من عدد هائل من الخلايا العصبية التي تتصل فيما بينها عن طريق إفراز واستقبال مواد كيميائية محددة. كل مادة كيميائية تفرز في منطقة معينة من الدماغ تكون مسؤولة عن تأثير مختلف، هناك أربع نواقل عصبية أساسية:

حين يخلق الطفل يكون قابلا للتعلم ولديه قدرات ذهنية خارقة. وعند سن الخمس السنوات تتطور الذاكرة وهذا ما يفسر قدرة الطفل آنذاك على تعلم اللغات.

-الدوبامين: هرمون المكافئة، هو مادة كيميائية ينتجها الدماغ في حالات الحماس والخطر، مرتبطة بإفراز الأدرينالين في الجسم، هي المادة المسؤولة عن الحركات الإرادية، الانتباه، التفكير، التحفيز والإدمان. غالبا هي التي تسبب إحساسك بالمتعة بعد كل إنجاز تقوم به، عند الضحك مثلا. هي ما يفرزه دماغك عند قيامك بالخطط طويلة المدى، وتحديدك لأهدافك في الحياة.

-الأستيل كولين: المسؤول عن إبداعك وتقديرك لذاتك، انخفاضه قد يسبب فقدان القدرة على التفكير بوضوح كما يحدث في مرض الزهايمر حين ينسى العقل كيف يعتني بجسده.

-الغابا: هرمون التوازن والهدوء، حين تكون مستويات الغابا معتدلة، يكون المزاج رائع وتكون قادرا على اتخاذ القرار الصحيح. هو مسؤول أيضا عن إفراز الأندورفينات، هي المواد الكيميائية التي تفرز عند القيام بالرياضة أو الجنس.

-السيروتونين: هرمون التناغم، يلعب دورا مهما في عملية الشفاء، والإحساس بالرضا. يحفز زيادة الاتصالات بين الخلايا العصبية وتطوير الشبكات العصبية. أي ارتفاع أو انخفاض في معدلات هذه المواد في الدماغ قد يتسبب في أمراض جسمية ونفسية.

حين يخلق الطفل يكون قابلا للتعلم ولديه قدرات ذهنية خارقة. وعند سن الخمس السنوات تتطور الذاكرة وهذا ما يفسر قدرة الطفل آنذاك على تعلم اللغات. من 13: 20 سنة تتطور قدراته بصورة عالية وتحدث تغيرات كبيرة في جسمه وعقله، يفرز في جسمه ما يقارب ٢٠ هرمونا. رغم قدرته الكبيرة على التعلم في هذه الفترة، قد تكون قراراته وردود أفعاله غير سوية كنتيجة لكل تلك التغيرات الهرمونية. من 20-40 سنة هي فترة يستقر فيها الإنسان، يختار مهنته، ويصنع لنفسه حياة تكون قدراته عالية ومستقرة، أما بعد الأربعين فما فوق: خاصة عند النساء نجد أن نسبة الهرمونات قد انخفضت، وسرعة انتقالها بين الخلايا العصبية قد قلت، هذا ما قد يؤدي إلى شعور زائد بالقلق والتوتر، انخفاض عام في القدرات العقلية، صعوبة في التركيز والتعلم، ميل إلى الاكتئاب وفقدان القدرة على النوم. الرجل أيضا يتلقى نفس الأعراض لكن بعد عشر سنوات تقريبا.

هل حتما هذا هو المسار الوحيد الذي يتخذه الدماغ؟ أم يمكن تجنب ذلك؟ الدماغ يمكنه تجديد خلاياه، يمكنه أن يطور شبكات الاتصال بين خلاياه، ويزيد منها وهذا ما يجعله أكثر حكمة، أكثر ذكاء وأكثر قدرة على اتخاذ القرارات وحل المشاكل. كل هذا مرتبط بالحياة التي تعيشها أنت وبعاداتك اليومية. سواء كنت رجلا أو امرأة، يمكنك التحكم في دماغك وتحسين قدراتك مستقبلا، بقيامك بالخطوات اللازمة. أنت الوحيد المسؤول عن مدى صحة هذا العضو. كيف يمكنني التحكم في التجديد؟ بتغيير أمور بسيطة في أسلوب حياتك، عاداتك الصغيرة اليومية هي التي تنحت حياتك العظيمة.

المحافظة على نشاط دماغي محفز ومجدد:

سنتعلم مصطلحا جديدا من مصطلحات القرن الواحد والعشرين وهو المرونة العقلية Neuroplasticity وهي قدرة العقل على التغير والتأقلم مع كل ما يحدث له، إذا تعلمت شيئا جديدا يقوم العقل بخلق شبكة جديدة من الروابط بين خلاياه العصبية، إذا عشت تجربة ما حفزت أجزاء مختلفة من دماغك يقوم أيضا بالربط بينها وفق ما يحدث، عاداتك اليومية البسيطة تخلق مسارات داخل دماغك وبعد مدة من الزمن يصبح الأمر أتوماتيكيا ويتوقف هو عن النمو. رتابتك تؤدي إلى عدم تجدده. ألا تعمل بنفس العمل مدة أربعين سنة، تضع نفس العطر، تجلس في نفس المقعد، وتقوم بنفس المهام. كل هذا يؤدي إلى أنه يفقد قدراته مع مرور الزمن. قلقك المفرط يؤذيه أكثر، قلة نومك، غذائك الغير متوازن والمليء بالدهون، كل هذا يجعله يشيخ مبكرا.

القيام بتمارين عقلية Neurobics:

تتمثل في تمارين بسيطة تقوم بها لتمرن بها دماغك كما تمرن عضلات جسدك قبل أن تترهل وتنكمش. الدماغ يستقبل معلوماته من حواسك كالبصر، السمع والشم.... وحتى من العواطف. يقوم بخلق شبكة من الروابط بينها ويبثها. لكنك غالبا في سائر أيامك تستخدم حواسا أكثر من حواس أخرى مثلا: كالبصر والسمع أكثر من الشم والتذوق وتستخدم حواسك بنفس الطريقة وبنفس الرتابة. يمكن أن تستخدم هذه الحواس بطريقة أحسن، زد من استخدام حاسة التذوق والشم، اجمع بينها بطريقة مختلفة عن تلك التي عهدتها. مثلا: اكتب بيدك اليسرى، غير طريقك للعمل، اذهب في رحلة، تحد عقلك، تعلم مهارة جديدة، تعلم لغة جديدة، استعمل حاسة الشم والتذوق، كأن تتعرف على مكونات أكلك من الرائحة، من الذوق وأنت مغمض العينين. هي أمور بسيطة تغيرها في عاداتك اليومية لا داع أن تخصص وقتا لذلك كالوقت الذي تحتاجه لتمارينك الجسمية.

الدماغ يحتاج لغذاء غني بالكربوهيدرات المركبة، التي تزوده بالمادة الأولية لتكوين هرمون الغابا الذي تحدثنا عنه سابقا والذي يجعلك أكثر هدوءا وقادرا على التفكير بوضوح

مواقع التواصل

كيف ستساعدني التكنولوجيا في الحفاظ على لياقتي العقلية؟

خذ دماغك إلى الجيم فقط عبر هاتفك الذكي. هذه التمارين إذا واضبت عليها سترفع من معدل QI الخاص بك. هناك بعض التطبيقات الإلكترونية المجانية التي تساعدك في التدرب، هي مصممة وفق دراسات علمية:

Braingym

Lumosity

Elevate

Neuronation

واظب على الاعتناء بدماغك وبعد فترة ستزيد مرونته وقدرته وستبقيه في صحة جيدة.

التغذية الجيدة:

الدماغ يحتاج لغذاء غني بالكربوهيدرات المركبة، التي تزوده بالمادة الأولية لتكوين هرمون الغابا الذي تحدثنا عنه سابقا والذي يجعلك أكثر هدوءا وقادرا على التفكير بوضوح. هي متواجدة في الحبوب الكاملة، الموز، المكسرات، السبانخ، البرتقال والسمك. الأوميغا ٣ وحمض الفوليك الضروريان للذاكرة، المتواجدان في السمك، الزيوت الطبيعية، المكسرات. أما السيروتونين فمصدرها الأهم هي الشكولاتة السوداء، الدجاج، البيض، والأفوكادو. شرب الماء مهم أيضا. الدماغ يتكون من ٨٠ بالمئة من الماء، هو حساس جدا لأي جفاف قد يحدث في جسدك، لو نقصت كمية الماء بنسبة ٢ بالمئة سيتضرر الدماغ وتصعب عليه مهامه.

النوم الجيد:

أثناء النوم يقوم الدماغ بتنظيف نفسه من المواد السامة التي تكونت به، لكنك بعدم نومك تمنعه من التخلص منها. هذا ما يؤدي إلى أن يشيخ باكرا. النوم الجيد من أساسيات الحفاظ على دماغك ليبقى صحيا.

الرياضة واليوغا:

النشاط الرياضي يزيد من القدرة على التركيز والتعلم. أتبتث الدراسات أيضا أن القدرات الذهنية والسرعة في ردود الأفعال كانت أحسن بعد ممارسة ٢٠ دقيقة من اليوغا مباشرة أكثر من بعد ممارسة الجري.