kayhan.ir

رمز الخبر: 79296
تأريخ النشر : 2018July21 - 19:42

التغريبة السورية.. وتتريك الشمال السوري


ابراهيم شير

اختتم الفصل الاخير من الازمة الانسانية في سوريا باجلاء كامل سكان بلدتي كفريا والفوعة المحاصرتين منذ اكثر من 3 اعوام ونصف من الحصار في ريف ادلب الشمالي اثر سقوط كامل المحافظة في عام 2015 بيد الجماعات المسلحة بقيادة "النصرة" ذراع تنظيم القاعدة في سوريا..

ليبدأ بعد ذلك حصار خانق مترافق بهجمات شبه يومية، لتتحول البلدتان بعد ذلك الى ورقة ضغط دولية وارهابية ومنع تقدم الجيش السوري بعدة مناطق.. ملف كفريا والفوعة كان من اكثر ملفات الحرب ايجاعا لانه بدأ بالحصار ثم بتحليل دم المحاصرين ومالهم ثم قصفهم وقتلهم ومنعهم حتى من المساعدات الطبية، وكل ذلك حدث على يد من كانوا قبل اعوام جيرانهم في بلدات ريف ادلب.

اغلاق ملف كفريا والفوعة وضع الكثير من علامات الاستفهام حوله، اولها لماذا لم يتم الضغط على تركيا لتجبر مسلحيها على فتح طريق امن لوصول المساعدات للمحاصرين بدلا عن اجلائهم؟ اذا تركيا استطاعت بفرض نفسها حاكما فعليا لادلب وان ما تريده سيحصل بدون التفكير باحد سواء وافقها او عارضها. اذن نحن امام تغيير ديمغرافي مخيف في سوريا عبر تهجير اهالي بلدتي كفريا والفوعة، لان خروجهم يختلف كليا عن خروج المسلحين من مناطق اخرى في سوريا مثل حمص والقلمون والغوطة وحلب، لان الدولة كانت تعرض على من يريد منهم التسوية والبقاء في منزله ومنطقته ومن يصر على حمل السلاح كان يذهب الى ادلب، وحتى هؤلاء لم تصادر املاكهم بل اغلقت ولم يسكنها احد، على عكس ما يحصل الان في بلدتي كفريا والفوعة لان الاهالي اُجبروا على المغادرة وسط معلومات عن وجود تهديد فعلي من قبل النصرة ومن معها بضوء اخضر تركي بانهم ان رفضوا الخروج ستكون هناك هجمة كبيرة عليهم ستودي بحياة الكثيرين منهم. اما منازلهم واراضيهم فقد قسمت على المسلحين في المنطقة "كغنيمة حرب" ووقع اقتتال بين الفصائل على "لمن ستكون هذه المنازل؟"، فالمواطن السوري تملكه مشاعر مختلطة هل يفرح بخروج الاهالي سالمين ام يحزن على كتابة فصل تهجير لمواطنين من ابناء جلدته؟

تركيا تعمدت سياسة مخيفة في الشمال السوري الا وهي تتريك المنطقة ككل بداية من منبج التي فرضت سيطرتها عليها مؤخرا ثم الباب وعفرين ووصولا الى ادلب التي سقطت ككل بعد بلدتي كفريا والفوعة بيد الاحتلال التركي، بعد شهور من الحديث عن انحسار للدور التركي في الشمال السوري. وهذه المنطقة الممتدة من ريف حلب الشمالي الى ادلب تعتبر ارضا خصبة لانقرة لزرع بذور سياساتها الجديدة عبر عدة نقاط ابرزها افتتاح المدارس التركية فيها وادخال افكارها اليها ثم ضمها بطريقة او باخرى لتكون تحت سلطة محافظة "هاتاي" وهي الاسم التركي لمحافظة لواء اسكندرون السورية السليبة، ثم محاولة تدجين الارهابيين المتواجدين في هذه المنطقة وتشكيل جيش جديد اشبه بجيش لحد في لبنان ليكون حامي لتركيا في جنوبها، والابقاء عليهم كورقة ضغط ضد دمشق.

بالمحصلة يمكننا القول إن روسيا قد اخطأت في تقدير نوايا الثعلب التركي في اتفاقية استانا وخفض التصعيد وهو ما حيد محافظة ادلب او اجزاءً مهمة منها اضافة الى تشريع وجود الجيش التركي في سوريا. وفي النهاية اتفاق كفريا والفوعة هو اقل الخيارات سوءا لما كان مخططا للمدنيين في البلدتين الذين خرجوا وقلوبهم في منازلهم التي تركوها الى حين العودة.