قمة هلسنكي، خطأ مأساوي ...ترامب خطير و بوتين لاعب ماهر جدا
سحر عباسي
تميزت العلاقات بين الولايات المتحدة وروسيا بالخصومة على مر عقود، لكن اتهام موسكو بالتدخل فى الانتخابات الرئاسية الأميركية عام 2016 فاقم هذه الخصومة بين البلدين
ما هى أهمية اللقاء بين الزعيمين؟
أصبحت العلاقات بين ترامب وبوتين تحت المجهر بسبب اتهام روسيا بالتدخل فى الانتخابات الأمريكية، وهو أمر تنفيه موسكو.
وتعتقد أجهزة المخابرات الأمريكية أن روسيا حاولت دفع الناخبين للتصويت على ترامب. ووصف الرئيس الأمريكى التحقيق فى إمكانية تدخل روسيا وعلاقتها بفريقه الانتخابى بأنه "تصيد له"، كما اتهم الديمقراطيين بالتآمر عليه بعد خسارتهم فى الانتخابات.
ويسعى ترامب منذ توليه الحكم فى يناير 2017 إلى تحسين العلاقات مع روسيا عكس ما دأب عليه الجمهوريون، ودعا الشهر الماضى إلى إعادة روسيا إلى مجموعة الدول السبع، وكانت عضويتها علقت بعد ضمها لشبه جزيرة القرم.
ثنى ترامب فى العديد من المناسبات على بوتين، ووصفه "بالقائد الفذ" عام 2016 وبأنه "أقوى من رئيسنا السابق" فى إشارة إلى باراك أوباما. كما وصفه العام الماضى بأنه "رجل شديد المراس".
وفى مارس الماضى، هنأ الرئيس بوتين على فوزه فى انتخابات مثيرة للجدل، على الرغم من تحذيرات مستشاريه. وكان بوتين أكثر تحفظا فى الحديث عن ترامب ولكن وصفه بأنه "شخص ذكي، وذو كفاءة".
ما هى مجالات التوتر بين روسيا والولايات المتحدة؟
تعود الخلافات إلى الحرب الباردة (1945-1989) والعداء بين الولايات المتحدة والاتحاد السوفييتى سابقا.
لم يتحارب الطرفان مباشرة ولكن الخلافات بقيت حتى بعد سقوط الاتحاد السوفييتى وتربع الولايات المتحدة على عرش القوة العالمية الأولى.
لا يخفى بوتين عزمه على استعادة قوة روسيا بعد سنوات من الإهانة ولو كلف الأمر التصادم مع الولايات المتحدة.
لماذا شعر حلفاء ترامب بالقلق؟
خلال مؤتمر الدول الأعضاء فى حلف الناتو وقع ترامب بيانا مشتركا يندد "بالاعتداء الروسي".
السؤل المطروح هو هل تناول مخاوف حلفاء الولايات المتحدة عندما التقى بوتين مباشرة، ولا يعرف الشركاء الأوروبيون ما الذى يريده ترامب من قمة هلسنكي.
انتقد ترامب الدول الأعضاء فى الناتو على نفقاتها العسكرية، وقال إن "ألمانيا أصبحت فى قبضة روسيا"، بسبب استيرادها للغاز وانتقد رئيس الوزراء البريطانية، تيريزا ماي، على خطتها للخروج من الاتحاد الأوروبي.
البيت الأبيض يدافع عن نتائج قمة ترامب مع بوتين
وفي موجز صحفي، قالت المتحدثة باسم الإدارة الأمريكية، سارة ساندرز، إن ترامب "يريد جعل الوضع في العالم أكثر استقرارا وأمنا، وهذا ما لا يمكن تحقيقه إلا بالتوصل إلى نوع من التوافق مع روسيا.
وبحسب ساندرز، فإن الرئيس الأمريكي يعرف أن "الولايات المتحدة وروسيا تسيطران على 90 في المئة من الأسلحة النووية في العالم، ولا يرى ضررا في أن يبني علاقات مع الإنسان الذي يسيطر على مثل هذا الجزء الكبير من الترسانة النووية العالمية".
وتناولت ساندرز أيضا ملف "التدخل الروسي" في الانتخابات الأمريكية، مؤكدة أن ترامب لا يشكك فيه، بل ولا يزال مقتنعا بأن روسيا ستحاول التدخل في انتخابات 2018 المرتقبة في الكونغرس الأمريكي في نوفمبر المقبل. وذكرت أن ذلك يدفعه إلى القيام بـ"خطوات وإصلاحات حازمة لمنع ذلك، وهو يعتقد أنه (الروس) سيستهدفون مجددا الانتخابات في الولايات المتحدة". وأضافت أن إدارة ترامب، خلافا للإدارات السابقة، تتخذ "إجراءات لضمان منعهم من أن يفعلوا ذلك مجددا".
تفسير "لا" الترامبوية
ولدى تطرقها إلى موضوع تمسك الرئيس الأمريكي بموقف واشنطن الرسمي القائل إن روسيا تتدخل في العمليات السياسية الأمريكية، خاضت ساندرز في تفسير معنى كلمة "لا" التي قالها ترامب ردا على سؤال إحدى الصحفيات عما إذ كانت روسيا لا تزال تستهدف الولايات المتحدة، وقد تم تفسير هذه الكلمة من قبل الصحفيين على أنها نفي ترامب لحقيقة التدخل الروسي.
وبحسب ساندرز، فإن الرئيس قال للصحفيين: "شكرا جزيلا" وأضاف "لا" في إشارة منه إلى رفضه الإجابة عن الأسئلة. وأضافت أن ترامب "وجّه رسالة واضحة لبوتين بأن التدخل في الانتخابات الأمريكية لا يجوز".
كما نفت المتحدثة أن يكون ترامب قد استجاب لعرض بوتين بتعاون موسكو في التحقيقات الجارية ضمن قضية 12 مواطنا روسيا اتهمتهم السلطات الأمريكية غيابيا بقرصنة حواسيب الحزب الديمقراطي، لصالح الاستخبارات العسكرية الروسية، عشية انتخابات العام 2016.
وقالت ساندرز: "لقد قال (ترامب) إنها فكرة مثيرة للاهتمام.. لكنه لم يعط أي وعود.. إنه يريد أن يعمل مع فريقه ويحدد الخطوات التي يمكن أن تساعد في ذلك.. لكنني أكرر فأقول إننا لم نأخذ على عاتقنا أي التزامات. كانت هي فكرة مطروحة من قبلهم".
وكان بوتين أعلن، عقب محادثاته مع ترامب، أن موسكو يمكن أن تقبل حضور ممثلين أمريكيين استجوابات المواطنين الروس المذكورين، بشرط أن تجري السلطات الأمريكية استجوابات مع عملاء الاستخبارات الأمريكية الذين تشتبه موسكو بضلوعهم في قضية رجل الأعمال البريطاني الأمريكي، بيل براودر، رئيس صندوق "أرميتاج كابيتال"، والذي تتهمه روسيا بالتهرب الضريبي.
وواجه دونالد ترامب موجة من الانتقادات بعد قمة هلسنكي. وأدلى عدد من السياسيين الأمريكيين بتصريحات تتهم ترامب بـ"الاستسلام التام لبوتين" وعدم الدفاع عن مصالح الولايات المتحدة.
ماذاعن تقييم الساحة السياسية و الاعلامية لقمة هلسنكي
اعتبر دبلوماسيون عريقون أن رئيس روسيا بوتين فاز على رئيس أمريكا ترامب في قمة هلسنكي بنتيجة واحد- صفر، وأن بوتين أظهر نفسه "لاعبا ماهرا جدا"، بينما بدا نظيره ترامب عكس ذلك.
وقالت السفيرة البولندية السابقة في موسكو، كاتارزا بيلتشينسكا-نالنتش، العريقة في العمل الدبلوماسي، في مقابلة مع قناة TVN24 التلفزيونية : " هناك شعور بأن بوتين وروسيا هما واحد أحد لا يتجزأ، لقد مثل بلاده بأفضل طريقة ممكنة، بينما انتقد ترامب بلاده، وهذا ما لا ينبغي السماح به في اللقاءات والاتصالات مع الجانب الروسي".
وأضافت قائلة في تقييمها للقمة الروسية-الأمريكية في هلسنكي: إن "نتائج الاجتماع بين دونالد ترامب وفلاديمير بوتين مثالية لروسيا .. لكنها سيئة بالنسبة لنا"، حسب تعبير السفيرة البولندية السابقة في موسكو.
وفقا للسفيرة بيلتشينسكا-نالنتش ، بينما أظهر الرئيس الروسي "الهوية الكاملة لوحدته مع بلاده". و"خلق شعورا بأنه لا يمثل هذا البلد فحسب، وإنما هو وإياه وحدة لا تنفصم"، كان الرئيس ترامب مضطربا على نحو واضح. ولم يتوان عن توجيه انتقاداته لبلاده، زاعما بأن العلاقات مع روسيا كانت سيئة، لأن أحد الأشخاص في الولايات المتحدة كان السبب في ذلك".
وشددت بيلتشينسكا نالنش على القول لقد "فاقم ترامب بشكل كبير الصراع القائم بالفعل عبر الأطلسي، وبعد ذلك عقد لقاء وديا للغاية مع بوتين".
وخلصت كاتارزينا إلى اعتبار: "أن هذا يشكل خطأ كبيرا عند التعامل مع روسيا". فرئيس الولايات المتحدة في العلاقات مع روسيا يجب ألا يظهر بمثل هذه الثنائية التي أبداها ترامب.
أمّا السفير البولندي السابق في واشنطن، ريتشارد شنبفف، فأكد أن "بوتين فاز بهذه اللعبة بشكل حاسم، على الأقل بنتيجة واحد-صفر".
وأشار ريتشارد شنيفف إلى أن اجتماع ترامب مع بوتين عقد تحت شعار "المصالحة والمصالح المشتركة"، وكذلك في جو من الاتفاق والتفاهم.
وقال :"لقد تكلم وجه ترامب عن كل شيء، كان مبتهجا وكان ممتنا. في رأيي، سيطر فلاديمير بوتين بحذاقة على هذه القمة. أظهر أن الخبرة والمعرفة العظيمة يمكن أن تلعب دورا كبيرا في مثل هذه اللحظات. كان ترامب متوتراً، على الرغم من تقديم نفسه كمنقذ للعالم بأسره".
وصف السناتور الأمريكي عن الحزب الجمهوري جون ماكين لقاء الرئيس الأمريكي دونالد ترامب مع نظيره الروسي فلاديمير بوتين في هلسنكي بأنه "خطأ مأساوي".
وقال ماكين في بيان له إن "الرئيس ترامب لم يفشل في قول الحقيقة عن الخصم فحسب، بل حتى عندما تحدث نيابة عن الولايات المتحدة للعالم، فشل رئيسنا في الدفاع عن كل ما يجعلنا من نكون، أي جمهورية الأحرار المتمسكين بقضية الحرية في بلادنا وفي الخارج".
وأضاف أنه "من الواضح أن القمة في هلسنكي كانت خطأ مأساويا".
كبير الديمقراطيين في مجلس الشيوخ الأمريكي تشاك شومر قال خلال مؤتمر صحفي له "السؤال الوحيد الذي يطرح الآن على البيت الأبيض: ما الذي دفع الرئيس ترامب لوضع مصالح روسيا فوق مصالح الولايات المتحدة؟"، واصفا تصرف ترامب بـ "الخطير"، وأن التفسير الوحيد له هو أن "الرئيس بوتين يمتلك مستمسكات محرجة عن الرئيس ترامب".
ودعا شومر قادة الجمهوريين في الكونغرس إلى استدعاء مسؤولي الفريق الأمني الذي رافق الرئيس دونالد ترامب أثناء لقائه بالرئيس الروسي فلاديمير بوتين لحضور جلسة الاستماع بالكونغرس فورا.
من جانبها، قالت زعيمة الديمقراطيين في مجلس النواب، نانسي بيلوسي إن "ضعف ترامب أمام بوتين كان مخجلا ويؤكد أن لدى الروس شيئا عن الرئيس" مرجحة أن يكون ذلك "معلومات شخصية أو مالية أو سياسية".
وأضافت أن هذا "يوم محزن لأمريكا".
و اعتبر السفير الأمريكي الأسبق لدى موسكو، مايكل ماكفول، أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين حقق انتصارا كبيرا في قمته مع نظيره الأمريكي دونالد ترامب.
وغرد ماكفول على صفحته في "تويتر"، اليوم الثلاثاء: "الآن حقق بوتين انتصارا خياليا في هلسنكي".
ووصف ماكفول القمة الروسية الأمريكية بـ"الفظيعة"، أما التقييم العالي لنتائجها من قبل وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، فاعتبره دليلا على "الاستسلام التام من قبل الولايات المتحدة".
الصحف العربية علقت ...
تناولت الصحف العربية بصورتيها الورقية والإلكترونية القمة التي جمعت لأول مرة بين الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ونظيره الروسي فلاديمير بوتين في العاصمة الفنلندية هلسنكي.
ويقول عريب الرنتاوي في الدستور الأردنية: "هيمن الأداء 'المخزي' و 'الضعيف' للرئيس الأمريكي دونالد ترامب في هلسنكي على التقارير والتغطيات وردود الأفعال التي صاحبت القمة وأعقبتها".
ويضيف: "ثمة إجماع في أوساط المراقبين والمتتبعين على أن القمة 'التاريخية' المنتظرة انتهت بتسجيل فوز كاسح للرئيس الروسي على نظيره الأمريكي. الأول بدا منتشياً بما أنجز، والثاني بدا تبريرياً دفاعياً".
وتحت عنوان "بوتين دمَّر ترامب"، يصف راجح خوري في النهار اللبنانية الرئيس الأمريكي بأنه خرج من القمة مع بوتين "أشبه بحطام سياسي".
وفي الصحيفة ذاتها، تقول موناليزا فريحة: "سيكون صعباً على الأمريكيين مسامحة رئيسهم على ما فعله بهم وببلادهم خلال إطلالته في هلسنكي".
وتضيف أن ترامب "وقف في صف الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ضد أمريكا وأجهزة استخباراتها، مقوضاً هيبتها".
وتحت عنوان "ترامب في جيب بوتين"، يقول أحمد جميل عزم في الغد الأردنية: "ما حدث في هذه القمة وما أعقبها لن ينسى بسهولة ... وأنّ هناك ممارسة لرئيس أمريكي لا يقدم عليها حتى رئيس دولة في العالم الثالث، من أن ينصِّب نفسه محامياً لرئيس بلد آخر تتهمه أجهزة الأمن في بلد هذا الرئيس (المحامي)، ومن دون أن يوضح حقاً الفائدة المتوخاة من أدائه المتراخي مع موسكو".
يرى رامي الخليفة العلي في عكاظ السعودية أن القمة "حققت مسألتين حتى قبل أن تبدأ. أولاهما أنها أعادت مرة أخرى روسيا باعتبارها قوة عالمية تناقش القضايا الدولية والتوازنات الاستراتيجية مع الدولة الأقوى على الصعيد العالمي من موقع الند للند".
ويقول: "أما الأخرى فقد أبانت أن التفاهم الروسي-الأمريكي يمكن أن يكون بديلاً عن تفاهمات موسعة تخص قضايا متفجرة، وقد أثبتت هذه التفاهمات عدم جدواها خلال السنوات القليلة الماضية".
عبر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ونظيره الأمريكي دونالد ترامب عن تفاؤلهما بالمحادثات "الناجحة جدا والمفيدة". وكان ذلك خلال مؤتمر صحفي مشترك في هلسنكي بعد انتهاء القمة بينهما.
قال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في مؤتمر صحفي مشترك مع ترامب بعد انتهاء القمة بينهما أن "المحادثات جرت وسط أجواء من الصراحة والعمل، واعتبرها ناجحة جدا ومفيدة للغاية".
وتابع بوتين "بشكل عام نحن مرتاحان لهذا اللقاء الفعلي الأول (...) لقد تحادثنا بشكل جيد (...) وآمل بأن نكون قد بدأنا نفهم بعضنا البعض بشكل أفضل". وقال أيضا "لم نتمكن من حل كل شيء، إلا أننا أنجزنا خطوة مهمة في هذا الاتجاه".
كما أشاد الرئيس الأمريكي بالحوار "المباشر والصريح" مع بوتين وقال "لقد اختتمت للتو اجتماعا مع الرئيس بوتين بشأن سلسلة من القضايا المهمة لبلدينا، أجرينا حوارا مباشر وصريحا ومثمرا للغاية".