kayhan.ir

رمز الخبر: 79224
تأريخ النشر : 2018July20 - 19:28

’القاعدة’ وبلوشستان من جديد


محمد محمود مرتضى

في بداية الشهر الحالي (تموز - يوليو) 2018، أعلن تنظيم "داعش" عن مسؤوليته عن الهجوم الانتحاري الذي طال تجمعًا انتخابيًّا لحزب "العوامي الوطني" المناهض لحركة "طالبان-باكستان".

وقع هذا الهجوم في منطقة "ماكتوى" في بلوشستان الباكستانية؛ وأسفر عن سقوط 131 قتيلًا وأكثر من 150 جريحاً، وقد أدان مرصد الفتاوى التكفيرية، التابع لدار الإفتاء المصرية، الهجوم الإرهابي في ولاية بلوشستان الباكستانية.

كما أدانت الخارجية الروسية الهجوم، وأعربت - في بيان نقلته قناة "روسيا اليوم" - عن الأمل في الوصول إلى من يقف وراء هذه الجريمة بسرعة ومعاقبتهم عقابًا شديدًا، فيما ذكرت وكالة "الأناضول"، أن الهجوم هو الثالث خلال أسبوع، وقد أودت هذه الهجمات بمجملها بحياة 152 شخصًا على الأقل.

تسوق الجماعات الارهابية لما تسميه "معاناة الشعب البلوشي" وتتحدث عن تهميش السلطات لهم بهدف غرز ميولهم القتالية ضد السلطات

يعتبر إقليم "بلوشستان" من المناطق التاريخية في شبه القارة الآسيوية، والتي تضم أجزاءً من غرب باكستان وشرق إيران وجنوب غرب أفغانستان، ويلقب الإقليم بمنطقة "الألغام والتفجيرات الإرهابية".

تسوق الجماعات الارهابية لما تسميه "معاناة الشعب البلوشي" (إحدى كبرى القوميات التي تسكن بين باكستان وإيران وأفغانستان في إقليم بلوشستان) وتتحدث هذه الجماعات عن تهميش السلطات لهم، وذلك بهدف غرز ميولهم القتالية ضد السلطات الواقعة في الاقليم، وقد ظهر في العام 2010 تنظيم ارهابي يُدعى "جيش العدل" اضافة الى بعض التنظيمات الصغيرة، التي لم تستطع الاستمرار فلجأت اما الى الاندماج مع تنظيم "القاعدة"، أو "جيش العدل" أو "داعش".

وعلى أي حال، ففي كانون الاول ديسمبر 2016، تبنى "داعش" الهجوم الانتحاري الذي نفذ في بلوشستان، حيث كشف مسؤول محلي أن فتى انتحاريًا نفذ الهجوم الذي قُتل فيه 52 شخصًا، من أتباع طريقة صوفية، وتبناه التنظيم.

قصة وجود تنظيم "القاعدة" في إقليم بلوشستان بدأت في أعقاب أحداث 11 من سبتمبر 2001

يمكن اعتبار أن قصة وجود تنظيم "القاعدة" في إقليم بلوشستان بدأت في أعقاب أحداث 11 من سبتمبر 2001، حيث قامت الولايات المتحدة الأمريكية بشنِّ حرب شاملة على أفغانستان، ركزت فيها على مناطق انتشار "القاعدة" من أجل القضاء على هذا التنظيم، وبعد أن رأى زعيم تنظيم القاعدة حينها أسامة بن لادن حجم الهجوم وقوته أصدر الأوامر بإخراج العوائل من النساء والأطفال إلى مناطق آمنة في "وزيرستان وبلوشستان".

بحسب الرسائل التي وجدت في ابوت اباد حيث قُتل بن لادن، فان زعيم القاعدة لـ "وزيرستان" الباكستانية و"بلوشستان" الإيرانية، يعود لوجود "قبائل سنية" من جهة، اضافة الى الطبيعة الجغرافية التي تصعب مهام شرطة الحدود الايرانية من ضبط الحدود.

وبالعودة الى العام 2015 وتحديدا شهر آب أغسطس، فقد أعلن وزير محلي باكستاني أن قوات الأمن قتلت قائدًا بارزًا في تنظيم "القاعدة"، واعتقلت زوجته، في مداهمة ليلية لمخبئه في ولاية بلوشستان جنوب غرب البلاد، موضحة أن القيادي القاعدي هو المدعو "عمر لطيف"، الذي قتل خلال مواجهة مع قوات الأمن المحلية، وأن قوات الأمن نقلت ابنتيه إلى مركز رعاية، بعد عملية الدهم التي جرت في إقليم شاغي.

وقال الوزير الباكستاني: إن "لطيف" أنشأ شبكة لـ"القاعدة"، وكان يشرف على "الأنشطة الإرهابية وتقديم تسهيلات السفر والتسهيلات اللوجستية للإرهابيين في كل من بلوشستان وجنوب البنجاب بالإضافة إلى أفغانستان".

وفي 7 آذار مارس 2003م، نشرت صحيفة "الشرق الأوسط"، "أن الهواتف والوثائق وديسكات الكومبيوتر التي صادرتها الاستخبارات الأمريكية، بعد إلقاء القبض على خالد شيخ محمد، القيادي في "القاعدة"، في باكستان، قادت إلى تحديد مكان أسامة بن لادن- وفق ما ذكرته مصادر غربية وباكستانية".

وأكدت الصحيفة، على لسان مصادر استخباراتية باكستانية: "أنه تم تحديد مكان وجود (بن لادن) في إقليم بلوشستان الباكستاني ، إثر المعلومات التي قدمها قيادي "القاعدة" المعتقل خالد شيخ محمد".

كما أكد مسؤولون آخرون- حينها- أن المواد التي ضبطت بحوزة قيادي "القاعدة" المعتقل أظهرت أن (بن لادن) حي وربما موجود في روالبندي، (المدينة التي ألقي القبض فيها على خالد شيخ)، أو في بلوشستان.

وفي 20 حزيران يونيو 2010م، أعدمت السلطات الإيرانية الإرهابي "عبدالمالك ريجي"، زعيم جماعة "جند الله"، فتعهد رفقاؤه، وعلى رأسهم شقيقه عبدالرؤوف ريجي وعبدالرحیم ملازاده، على مواصلة العمل المسلح ضد الجمهورية الاسلامية في ايران، وتم تسمية "ملازاده" أميرًا للجماعة، وبعد عدة شهور أعلن "ملازاده وريجي" عن تأسيس ما يسمى بـ"جيش العدل" عبر توحيد الفصائل والحركات المسلحة التي تخوض حربًا ضد الجمهورية الاسلامية.

واشنطن والرياض تزعمان ان الجمهورية الاسلامية تساعد تنظيم "القاعدة" فيما يبدو انه ذر الرماد في العيون

ويتشكل "جيش العدل" من 3 كتائب تحمل أسماء 3 من عناصر جماعة "جند الله"، الذين قتلوا في مواجهات عسكرية مع قوات الامن الإيرانية، وهم "عبد الملك ملازاده"، و"نعمت الله توحيدي"، و"الشيخ ضيائي"، إضافة إلى كتيبة أمنية تقوم بمهام الرصد والاطلاع.

وتقوم قيادات "جيش العدل" بتجنيد وتدريب الصبية فكريًّا وعسكريًّا في المدن والقرى التي يقطنها البلوش؛ من أجل دعم الفكر المسلح للوصول إلى أهدافهم.

ورغم الحرب الشرسة التي يخوضها الامن الايراني مع هذه الجماعات، فان واشنطن والرياض تزعمان ان الجمهورية الاسلامية تساعد تنظيم "القاعدة"، فيما يبدو انه ذر الرماد في العيون لاخفاء التوجهات الاميركية في مساعيها لنقل عمل هذه الجماعات الارهابية التي مولتها وردبتها لسنوات، لنقلها الى بلوشستان لتكون شوكة في خاصرة الجمهورية الاسلامية في ايران.