kayhan.ir

رمز الخبر: 79159
تأريخ النشر : 2018July18 - 20:05

الاضطرابات في العراق واعلام "ابن سلمان"


ابورضا صالح

الاضطرابات التي شهدها العراق على مدى الاسبوعين الماضيين وان كانت قد تأججت بداية بسبب القضايا المعيشية وسوء الخدمات العامة، وحظيت بدعم الحكومة والتيارات السياسية والدينية، الا ان الحكومة لم تنجح في احتوائها كما كانت تتوقع، هذا فضلا عن ان وسائل الاعلام السعودية لعبت دورا كبيرا في هذا المجال.

الهدوء الذي بدأ يعود الى المناطق الجنوبية في العراق شيئا فشيئا تحقق في حين ان الاضطرابات الاخيرة اسفرت لحد الان عن ثمانية قتلى ومئات الجرحى واضرار مادية ومعنوية كبيرة جراء تخريب الاموال العامة والحكومية، والاهم من ذلك هيمنة شبح الاضطرابات على مقدرات اهالي العراق لمدة اسبوعين.

خلال هذه الاضطرابات جرى تعطيل ميناء ام القصر لفترة قصيرة، شهد مطار النجف ايضا وضعا مماثلا، جرى اغلاق بعض الطرق الرئيسة مثل طريق الناصرية - بغداد ، استهداف مقار الاحزاب السياسية- بناء على الاحصائيات حوالي 17 مقرا حزبيا وسياسيا- ، واخيرا ثلاث مناطق رئيسة في العاصمة بغداد وهي الشعلة، العامل والتحرير شهدت اعمال شغب واضطرابات. ورغم ان المسؤولين السياسيين وقادة الاحزاب وبالتالي الشخصيات الدينية، وضمن تاييدهم لمطالب المحتجين، حاولوا تهدئة الاوضاع واعادة المياه الى مجاريها بغية الحيلولة دون وقوع اي خسائر بشرية او مادية، الا انه وللاسف فان هذه النصح لم تفعل مفاعيلها.

الان حيث اوضاع العراق تتجه نحو الهدوء والاستقرار وبدأت حمى الاحتجاجات تخمد تدريجيا فان السؤال الذي يطرح نفسه بقوة هو من المتضرر الرئيس في هذه الاحداث؟ وفي نفس الوقت من هو المنتفع الاول في هذه القضية؟

الحقيقة هي اننا ومن اجل الاجابة على هذه الاسئلة يجب ان نعود الى فترة ليست ببعيدة، اي فترة اقامة الانتخابات البرلمانية الاخيرة في العراق.

في تلك الفترة وحين تصدرت التيارات الشيعية نتائج القوائم الانتخابية اثر تصويت ابناء الشعب لها بشكل واسع، بدأت البؤر التي تشعر بالقلق حيال نتائج الانتخابات اي اميركا "اسرائيل" وخاصة السعودبةـ بدات تبذل ما بوسعها لتغيير هذه النتائج وفقا لمآربها وليس مصالح الشعب العراقي المظلوم، من خلال رصد اموال ضخمة لتحقيق هذا الامر. وخير دليل على ذلك الجهود التي بذلت لتشويه صورة "الحشد الشعبي" الذي لديه سجل ناصع على صعيد الدفاع عن العراق في مواجهة الارهابي الداعشي.

التركيز على الفساد الداخلي، شراء الذمم، الترويج لشخصيات خاصة في وسائل الاعلام السعودية و... شكلت الاضلاع الاخرى لهذه المحاولات آنذاك. بعد اعلام نتائج الانتخابات والفشل الذي اصاب اعداء العراق، وفي حين كانت وسائل الاعلام السعودية تسعى لمصادرة نتائجها، بدات في نفس الوقت جهود حثيثة للترويج الى مسالة التزوير في الانتخابات، لتبدا مرحلة جديدة تحت عنوان اعادة فرز الاصوات يدويا، وبهذه الذريعة وضمن اهدار مئات ملايين الدولارات التي صرفت لاقامة الانتخابات الكترونيا، حاولت عرقلة وتاخير تشكيل الحكومة في هذا البلد.

الان وحيث ان اهم اركان السيادة في العراق اي الحكومة وتباعا لها المجلس ومنصب رئاسة الجمهورية تدار على شكل تصريف الاعمال او مصيرها مجهول او معطل، فان نظام آل سعود يحاول ركوب هذه الموجة لكي ينتقم من الشعب العراقي وطبعا ايران. ولذلك نرى ان وسائل الاعلام السلمانية وخلال الاضطرابات الاخيرة كانت تتبع ولا زالت محورا اعلاميا خاصا جدا وتحاول ترسيخه والايحاء به للجميع.

ومن هذه المحاور الاعلامية للاعلام السلماني يمكن التنويه الى ان انقطاع التيار الكهربائي في جنوب العراق من قبل ايران هو سبب استياء الجماهير، الشعب العراقي ومن خلال احتجاجاته الاخيرة يحاول تسوية حساباته مع الاحزاب الموالية والمقربة من ايران، المسؤولون الايرانيون يحاولون تأجيج اتون الاضطرابات الاخيرة لكي يحولوا دون مساهمة العراق في سد نقص النفط بالاسواق العالمية بعد تفعيل الحظر ضد ايران، اطلاق النار على المحتجين والمتظاهرين تم من قبل الاحزاب والتيارات الموالية لايران، ايران ومنذ عدة اعوام تصب المياه المالحة في نهر اروند ما ادى الى تدمير الاراضي الزراعية في البصرة، واخيرا ان ايران وبسبب معارضتها لاعادة تكليف العبادي لمنصب رئاسة الوزراء تحاول من خلال ممارسة الضعط على العراق الحيلولة دون تحققهذا الامر.

نظرة اجمالية على المحاور الاعلامية آنفة الذكر والتي يجري الترويج لها، تظهر بوضوح وبلا حاجة لاي ايضاح بان وسائل الاعلام السعودية تحاول استغلال الظروف التي تسود العراق واستمرارها من اجل الحيلولة دون سيادة القانون وتشكيل حكومة مستقرة، والا من الذي لا يعرف بان ايران وخلال الاعوام السابقة حيث لم تواجه اي ازمة على صعيد الطاقة كانت السباقة في تصدير الكهرباء للعراق. من الذي يمكنه انكار ان ايران وقفت جنبا الى جنب العراق في مجال التصدي لارهابيي "داعش" . ومن الذي يستطيع انكار ان غالبية جهود ايران بعد سقوط نظام الطاغية صدام كانت صبت في مصلحة وجود عراق آمن ومستقر وعامر، واي محلل او خبير سياسي بشؤون العراق يمكنه الادعاء بان هناك ثغرة في العلاقات بين رئيس الوزراء العراقي الحالي مع الجمهورية الاسلامية الايرانية...

على اي حال ونظرا الى ما سبق وفيما يبدو ان المتضرر الحقيقي من الاضطرابات الاخيرة هو الشعب العراقي، يظهر ان محاولات الاعلام السلماني السعودي وفي هذه الفترة العصيبة، يحاول الانتقام من الشعب العراقي بسبب انتخاباته الاخيرة من جهة، و التعويض عن هزائم السعودية في اليمن ولبنان وسوريا والبحرين وبالتالي العراق من جهة اخرى، وبمعنى اخر التعويض عن جميع الهزائم دفعة واحدة.