kayhan.ir

رمز الخبر: 79094
تأريخ النشر : 2018July17 - 19:51

حكومة لبنان.. تواطأت ضد شعبها وتواصل الحرب على الناس


محمد الحسيني

حكاية الدولة والمواطن في لبنان فصول من المعاناة لا تنتهي، ولا تقف عند ملف معيشي هنا أو اقتصادي هناك، ولا تنحصر بالتقصير في تقديم خدمات رعائية هنا أو بفرض إجراءات عقيمة وقيود على الناس هناك، بل هي منظومة ممنهجة من الحرمان المقصود تاريخاً وراهناً، وآليات فساد وإهمال تجذّرت في المؤسسات المعنية التي من المفترض أن تكون في خدمة المواطن، وتشكّل له بيئة احتضان وانتماء، ولكنها بدل ذلك تدفع الناس إلى اليأس من هذه الدولة ودفعهم للسعي إلى تأمين الحد الأدنى من لقمة العيش، وحرف أنظارهم عن المطالبة بحقوقهم المسلوبة.

دولة مستقيلة من وظيفتها

وها نحن اليوم في تموز الانتصار، تعود قضية التعويضات المالية للمواطنين الذين تعرضت منازلهم وممتلكاتهم للتدمير والتضرّر من جراء العدوان الصهيوني في العام 2006 لتطفو على السطح، ومن نافل القول إن حزب الله استطاع عبر مؤسسة "وعد" من أن ينهي عمليات البناء وإعادة الإعمار ودفع التعويضات على المتضررين في فترة قياسية جداً مقارنة بمؤسسات الدولة الرسمية، وهي مهمة معنية بها الدولة بشكل أساسي، والتي من المفترض أن تؤدي دوراً محورياً في التخطيط والتصميم والإعمار والتنمية ومشاريع التطوير المختلفة على المستويين البشري والاجتماعي، إلا أن البيروقراطية الإدارية والمهنية في الوزارات والمؤسسات، والترهّل الإداري والفساد المالي الغارق في المحسوبيات والتحاصص يحول دون تحقيق الأهداف بشكل سليم، لا بل يؤدي إلى تشويه وظيفة الدولة والقطاع العام الذي يجب أن يتولى مهمة المخطط والمموّل والمنفّذ، لا سيما بعد توقف العدوان الصهيوني، فهذه حالة عامة وليست مشروعاً منفرداً وخاصاً، وتتطلب النهوض بكل الوطن والمجتمع.

السنيورة: المتواطئ الأول

عندما انبرى حزب الله واستنفر مؤسساته لمحو آثار العدوان في تموز 2006 انطلقت انتقادات كبيرة من قبل جهات في الحكومة اللبنانية وبعض المؤسسات التي تعنى بمشاريع البناء والعمران، فاعتمد حزب الله سياسة المواءمة بين ما يقدّمه من خدمات وبين ما تقدّمت به الجهات والدول المانحة العربية والدولية، وبين ما التزمت به الدولة اللبنانية، ولكن النتيجة كانت:

الحكومة لم تنه حتى اليوم دفع كامل التعويضات للمستحقين

• تبيّن أن الحكومة لم تنه حتى اليوم دفع كامل التعويضات للمستحقين، ولولا حزب الله فإن مصير المنازل في الضاحية كان يمكن أن يكون شبيهاً بمصير المنازل التي دمّرتها الحرب الأهلية، والتي لا تزال مدرجة حتى اليوم في جداول التعويضات دون دفع المستحقات للناس، مع العلم أن الأموال التي ارتأى المانحون تسليمها للدولة ذهبت إلى جيوب المتنفّذين، ما دفع بعض الدول إلى أن تشترط على الحكومة، والتي كانت برئاسة فؤاد السنيورة، أن تقوم بإدارة مشاريعها بنفسها دون أي مشاركة رسمية.

• تحوّلت حكومة السنيورة في مشروع التعويض على الناس وإعادة الإعمار إلى طرف معرقل بدل أن تكون طرفاً مساعداً ورئيسياً في محو آثار الحرب؛ وشكّل السنيورة لجنتين خاصتين، الاولى: مهمتها وضع تصور لإعادة إعمار المباني، والثانية: مهمتها البحث في قانونية البناء. ووصل الأمر إلى حد تعليق ملفات كثيرة تتصل بأبنية ومجمّعات سكنية بذريعة عدم وجود مخطط توجيهي وعدم توافق العقار مع الشروط المطلوبة، ولكن الهدف الحقيقي كان السعي إلى إنشاء ملفات وخطط تبتلع المبالغ المالية، وإطالة أمد المشكلة الاجتماعية للناس، وهذا كان واحداً من أهداف الحرب التي شنّها العدو على لبنان للضغط على الحاضنة الشعبية لحزب الله.

حكومة إرهاق الناس

• تولّت الحكومة عملية رفع الردم والأنقاض على مستوى الأرض، من دون رفعه من تحت الأرض، فتوّلت مؤسسة "وعد" تنفيذ هذه المهمة، مع ما استلزم ذلك من إجراء عمليات تدعيم واسعة للمباني المجاورة للمباني المهدّمة، وبلغ عدد المباني المدعّمة 150 مبنى، واستغرقت فترة إنجازها نحو 4 أشهر، ووصلت كلفتها الى 6 ملايين دولار، لم تلحظها الحكومة في التعويضات التي أقرّتها للضاحية الجنوبية، هذا فضلاً عن عدم قيام الدولة بأي شيء يتعلق بتأهيل البنى التحتية الملازمة لعمليات البناء.

الحكومة لم تعفِ المواطنين من دفع الضريبة على القيمة المضافة (TVA)

• دفعت الهيئة العليا للإغاثة ما يقارب 50 في المئة من الدفعة الاولى للتعويضات الخاصة بالمنازل، أي أنها سدّدت ما نسبته 25 في المئة من قيمة التعويضات الاجمالية، ولم تسدّد أي مبلغ من الدفعة الثانية، وتأخرت في دفع التعويضات الخاصة بالاقسام المشتركة داخل المباني، وقيمتها 50 مليون ليرة عن كل مبنى، لا بل إن الحكومة لم تعفِ المواطنين من دفع الضريبة على القيمة المضافة (TVA) في حين أقل ما كان يجب أن تفعله هذه الحكومة هو تخفيف الأعباء عن الذين يريدون إعادة بناء بيوتهم.

حزب الله فضح تآمر الدولة

لم تأخذ الدولة اللبنانية دورها في رعاية ناسها، ولم تحقق هويتها في أن تكون حاضنة لمواطنيها، بل لعبت في شكل من الأشكال دوراً في استمرار الحرب عليهم، ولا يخفى على أحد أن حكومة السنيورة وبعض الجهات والأحزاب السياسية، آنذاك وحاضراً، اتخذت جانب العداء للمقاومة وبيئتها ومجتمعها، وسخّرت أجهزة الدولة ومؤسساتها وطواقم عملها لتقف حجر عثرة أمام عجلة استنهاض المجتمع اللبناني، ليس فقط على خلفية حالة العداء السياسي، بل لأن نجاح حزب الله في مشروعه التنموي الذي يطال الحجر والبشر، سيؤدي إلى تعرية هذه الحكومة وفضح تقصيرها وكشف تورّطها في الفساد وتآمرها على مصالح الناس.