مُستشرِقٌ إسرائيليٌّ: السعوديّة تٌقيم معنا علاقاتٍ وطيدةٍ وتُدفعنا لمُهاجمة إيران وحزب الله
زهير أندراوس
يُعتبر المُستشرق الإسرائيليّ، د. إيدي كوهين، الباحث في مركز بيغن-السادات للدراسات الإستراتيجيّة في تل أبيب، من المُقرّبين جدًا لوزارة الخارجيّة التي يقودها رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، وينشر بين الفينة والأخرى على وسائل التواصل الاجتماعيّ أخبارًا عن علاقات دولة الاحتلال مع دول الخليج، يتبيّن فيما بعد أنّ مصدرها كان تسريبًا مقصودًا من دوائر صنع القرار في إسرائيل.
د. كوهين، تناول في مقالٍ نشره اليوم الثلاثاء في صحيفة (يسرائيل هايوم)، لمالكها الثريّ اليهوديّ-الأمريكيّ، شيلدون أديلسون، الذي ينفي وجود الشعب الفلسطينيّ، تناول فيه العلاقات بين كيان الاحتلال والمملكة العربيّة السعوديّة، حيث هاجم الرياض بشكلٍ سافرٍ ولاذعٍ واتهمها بأنّها تُكيل بمكيالين في علاقاتها مع إسرائيل.
وبحسبه، فإنّ السعودية وإسرائيل، لا تُقيمان علاقاتٍ رسميّةٍ، ولكن في العام 2002 مع طرح المُبادرة السعوديّة من قبل وليّ العهد آنذاك، الأمير عبد الله، بدأت تُنسج العلاقات بين الدولتين، لافتًا إلى أنّه في العام 2015 تزايدت الاتصالات بين تل أبيب والرياض، زاعمًا أنّ قسمًا منها كان رسميًا، بحسب تعبيره.
وشدّدّ المُستشرق الإسرائيليّ على أنّ المُحفّز الرئيسيّ للجهد المُشترك للدولتين كان مُحاربة البرنامج النوويّ الإيرانيّ، مُشيرًا في الوقت عينه إلى أنّ تقارير نُشرت حول قيام رئيس الموساد (الاستخبارات الخارجيّة) الأسبق، مئير داغان، بزيارة السعوديّة لتنسيق المواقف ضدّ الجمهوريّة الإسلاميّة، وتابع قائلاً إنّ العلاقات بين إسرائيل والسعوديّة سجلّت في السنتين الأخيرتين رقمًا قياسيًا، وتحديدًا بعد نشر أنباءٍ في الصحافة العالميّة حول لقاءٍ عُقد بين نتنياهو ووليّ العهد السعوديّ، محمد بن سلمان.
ولكن، على الرغم من ذلك، تابع د. كوهين، إنّه إذا كان الحديث في الماضي عن حلفٍ للدول العربيّة السُنيّة ضدّ إيران، فإنّ هذا الأمر بات في عداد الماضي، إذا رأى أنّ الشرق الأوسط مُقسّم اليوم لقسمين: الأوّل يشمل تركيّا، قطر، إيران والسودان، أمّا الثاني، فيشمل السعوديّة، الإمارات العربيّة المُتحدّة، البحرين ومصر، هذه الدول التي تتلقّى المُساعدات من إسرائيل وأمريكا، مؤكّدًا على أنّ هذين الحلفين وُلدا بعد حصار قطر، وتقرّب الأخيرة لكلٍّ من إيران وتركيّا، خشية قيام السعوديّة باجتياح الإمارة، على حدّ تعبيره.
علاوة على ذلك، شدّدّ على أنّ العداء السعوديّ لإيران، ساهم كثيرًا في تعزيز العلاقات بين الرياض وتل أبيب، فإيران لا تتورّع عن مهاجمة المملكة في جميع النواحي، مُستخدمةً أيضًا الحرب الالكترونيّة وزرع الفيروسات في الحواسيب السعوديّة، مثلما فعلت عام 2012 عندما هاجمت حواسيب شركة "أرامكو” السعوديّة، بالإضافة إلى قرصنة حساباتٍ بنكيّةٍ تابعةٍ لأمراءٍ سعوديين، بهدف الكشف عن الأموال التي بحوزتهم.
وتابع المُستشرق الإسرائيليّ قائلاً إنّه على خلفية الهجوم الإيرانيّ الالكترونيّ ضدّ السعوديّة، قامت الأخيرة بتأسيس وحدة "الردع السعوديّ”، والتي تهدف لمُواجهة القرصنة الإيرانيّة، وفي العام 2017، تمّ توكيل الوحدة المذكورة، بحسبه، بالعمل على المسّ بسمعة قطر، وتأليب الرأي العّام العربيّ ضدّها، لافتًا إلى أنّ الوحدة، التي يعمل فيها 4000 موظّف، تقوم بشكلٍ يوميٍّ بنشر تغريدات على تويتر ضدّ إيران وقطر، زاعمًا أنّ هذه التغريدات هي مُعادية للساميّة، وهي نفس الخطّة التي انتهجتها مصر في فترة الرئيس المصريّ الرحال، جمال عبد الناصر، كما أكّد د. كوهين.
وعلى سبيل الذكر لا الحصر، قال المُستشرق الإسرائيليّ إنّه مؤخرًا نُشرت تغريدة من الحساب السعوديّ المذكور جاء فيه أنّ "صفقة القرن” هي مؤامرة قطريّة، وأنّ قطر تعمل على تفتيت العالم العربيّ لكي تخدم أعداء الأمّة: إسرائيل وإيران، مُوضحًا أنّ هذه المنشورات تؤثّر على الجماهير العربيّة وتزيد من كراهيتها لليهود ولإسرائيل على حدٍّ سواء.
وبحسبه تقوم السعوديّة باللعب على وتيرن مُنفصلين ومُتناقضين، فمن وراء الكواليس يقوم حكّام المملكة بإقناع إسرائيل بأنّ إيران هي العدّو، ويُحفزّونها على مُحاربة إيران وحزب الله، ولكن في المملكة يؤكّدون وبالفم الملآن أنّ العدّو الرئيسيّ هو إسرائيل أوّلاً وإيران ثانيّةً، وبرأيه فإنّ المُعادلة واضحة، علاقات سريّة بين السعوديّة وإسرائيل في الخفاء، وفي العلن مُعاداة الدولة العبريّة إرضاءً للسواد الأعظم من الشعب، الذي يكّن الكراهية لإسرائيل.
واختتم المُستشرق د. كوهين تحليله بالقول إنّ التصرّف السعوديّ يُذكّر جدًا بالنموذج المصريّ، حيثُ تُنشر يوميًا في بلاد الكنانة عشرات المقالات المُعادية لإسرائيل، لافتًا إلى أنّ هذه الأمور تحدث في ظلّ صمتٍ رسميٍّ إسرائيليٍّ، ومُوضحًا أنّ هذا التحريض تحوّل إلى قاتلٍ، وبات يُوظّف كسلاحٍ لحركة المقاطعة (BDS)، وبالتالي من الممنوع على إسرائيل التسليم مع هذا التحريض ضدّها، حتى وإنْ كان مصدره السعوديّة، لأن التحريض يُترجم عاجلاً أمْ آجلاً إلى أعمالٍ، وهذه الأعمال ستُكلّف الدولة العبريّة الدماء الكثيرة، على حدّ قوله.