لقاء بوتين وترامب.. العقبات والتوقعات
المكان: هلسنكي "عاصمة فلندا"، الزمان: يوم الاثنين 16 يوليو 2018، الحدث: قمة القطبين "روسيا وأمريكا".
التوقعات كثيرة حول هذا اللقاء ولكن العقبات أكثر في ظل اختلاف وجهات النظر حول أكثر الملفات حساسية في العالم، وهناك خلاف جذري في سياسة كلا البلدين، ناهيك عن الاتهامات المتبادلة بين كلا الطرفين والشرخ الذي تشكّل بين الرئيس الأمريكي دونالد ترامب وشعبه على خلفية التهم الموجّهة له بالتواطؤ مع روسيا للفوز في حملة الانتخابات الماضية، وبكل الأحوال ما زال هذا الملف مفتوحاً ولا يمكن البت فيه طالما لا توجد أي حقائق تؤكد أو تنفي، كما لا توجد صحيفة اليوم تتحدث عن النتائج المشتركة الذي سيخرج بها الطرفان للتخفيف من حدّة ما يجري في هذا العالم، بل على العكس تماماً الجميع يتحدث عن المنتصر في هذا اللقاء لكون الجميع متأكد بأنه لا يوجد نقاط مشتركة يمكن أن يلتقي الزعيمان فيها لذلك فإن البحث اليوم يجري عن كفة الميزان ولأي جهة سترجّح.
العقبات
في الحقيقة هناك ملفات شائكة بين القطبين ولا يمكن حلّها لا في قمة ولا عشر قمم، ويمكن تشبيه العلاقة بين روسيا وأمريكا مثل العلاقة بين "الزيت والماء" فعلى سبيل المثال وقبل عدة أيام اتهمت وزارة العدل الأمريكية 12 ضابطاً في المخابرات الروسية باختراق حسابات مسؤولين في الحزب الديمقراطي إبّان انتخابات 2016 الرئاسية.
وتضمنت لائحة الاتهامات، أن نحو 12 ضابطاً من جهاز المخابرات العسكرية الروسي راقبوا سرّاً أجهزة الكمبيوتر التابعة للجان حملة المرشحة الديمقراطية هيلاري كلينتون، وسرقوا كميات ضخمة من البيانات.
من جانبها ردت روسيا على الادعاءات الأمريكية، قائلة: إنه "لا دليل على أن 12 شخصاً أعلنت أمريكا أسماءهم، ووجهت إليهم اتهامات بارتباطهم بالمخابرات العسكرية أو أنهم اخترقوا شبكات الكمبيوتر التابعة للحزب الديمقراطي الأمريكي" موضحة أن الاتهامات تستهدف إفساد الأجواء قبل القمة المرتقبة، وفقاً لـ"روسيا اليوم".
إذاً موضوع التدخل في الانتخابات الأمريكية يعدّ أكثر المواضيع حساسية في اللقاء، ومن المتوقع أن ينفي بوتين مجدداً أي دور للكرملين، وبالفعل تستعد موسكو للرد بطريقة لا تقوّض ترامب بينما تؤكد نفي بوتين السابق، بحسب ما أفاد مسؤول روسي رفيع المستوى.
الأمر الثاني والأهم هو اختلاف وجهات النظر حول الملفات الساخنة التي يشهدها العالم في كل من أوروبا والشرق الأوسط ولا سيما الاتفاق النووي الإيراني والحرب السورية وغيرها فضلاً عن الصراع على النفوذ بين الدولتين يضاف إلى ذلك العقوبات الاقتصادية الأمريكية التي تعتزم واشنطن فرضها على روسيا، والتي لن تكون محطّ ترحيب من الطرف الروسي وسيكون لها تأثير سلبي على اللقاء.
التوقعات
الجميع يعتقد بمن فيهم الخبراء الأمريكيون بأن اللقاء سيكون لمصلحة بوتين أكثر مما هو لمصلحة ترامب، لأسباب عديدة أبرزها قضية التدخل الروسي في الانتخابات الأمريكية لعام 2016، وانتقادات ترامب المتزايدة لحلفاء أمريكا التقليديين الأمر الذي يرى كثير من المراقبين أنه يحقق مكاسب كبرى لبوتين.
وحول هذا الموضوع تقول وكالة"بلومبرغ"، "إن بوتين لديه كل شيء يمكن الفوز به في قمته الأولى مع ترامب ويشعر منتقدو الرئيس الأمريكي وأيضاً حلفاء أمريكا بالقلق من أن الرئيس الروسي سيحصل على ما يريده".
رأي واشنطن
نبدأ من وجهة نظر الرئيس الأمريكي نفسه حول اللقاء، فخلال قمة الناتو، خرج ترامب بتصريحات سلبية نوعاً ما عن لقائه المرتقب مع نظيره الروسي حيث قال ترامب إنه لا يتطلع للكثير من هذا اللقاء ولا يتوقع أن يكون هناك الكثير على جدول الأعمال، وقال أيضاً إن بوتين ليس بصديقه ولا عدوه، ولكنه منافس.
كما أبدى البيت الأبيض قلقه من هذا اللقاء، فقد خرج السيناتور جيف فلاك ليؤكد هذا الأمر، ويقول إن البيت الأبيض مرتبك بشأن طبيعة التهديد الذي تواجهه أمريكا من بوتين كما أن الاجتماع بين الرئيس الروسي ونظيره الأمريكي سيكون أكثر إثارة للقلق، ووصف الإعجاب الذي أبداه ترامب إزاء بوتين بأنه غير معقول.
بينما قال السيناتور الجمهوري البارز جون ماكين إن ترامب يجب أن يثبت أنه قادر على أن يكون قوياً وصارماً مع بوتين.
بالمحصلة يمكن القول إن النخبة السياسية الأمريكية أصبحت اليوم على قناعة بأن رئيس بلادها ليس لديه ما يكفي من الاستعداد والخبرة للتفاوض حول قضايا دولية مهمة.
رأي الروس
لا يوجد هناك ترحيب كبير من قبل الجانب الروسي لهذا اللقاء، وقد رأينا هذا الكلام في تصريحات كل من وزير الخارجية الروسي لافروف والمتحدث باسم الرئاسة الروسية، ديمتري بيسكوف، الذي اعتبر أن اللقاء لن يكون مثمراً وليس على أحد توقّع الكثير من هذا اللقاء.
ولا يكفّ الرئيس الأمريكي عن استفزاز روسيا بتصريحاته النارية تجاهها، فخلال قمة الناتو قال ترامب إن ألمانيا، وليس هو، تخضع لسيطرة روسيا بسبب خط إمداد الغاز الذي توسّعه موسكو بين البلدين وترك الباب مفتوحاً أمام إمكانية الاعتراف بضم روسيا للقرم في عام 2014، في مقابل ذلك رفض الكرملين وصف الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لألمانيا بأنها "أسيرة" روسيا بسبب اعتمادها عليها في الطاقة قائلاً: إن موسكو وبرلين تعتمدان على بعضهما البعض بالقدر ذاته.
في الختام.. لقد أثبتت التجربة أن دونالد ترامب نشط بشكل سلبي في الاجتماعات الدولية المهمة، وينفعل أكثر من اللازم ويغرق في إثبات الذات أكثر من تركيزه على الحدث بحدّ ذاته وكيفية الاستفادة منه، وهذا النوع من الاجتماعات لم يحقق أي إنجاز للأمريكيين، وبالتالي هذا اللقاء لن يكون مستثنى عن غيره.
الوقت