الانفراجة في هذا المضيق
حسين شريعتمداري
تسور لص حائطة بيت وشرع في لملمة متاعه، فانتبه صاحب البيت واتصل بالشرطة طالبا النجدة لاعتقال اللص. فسأل الضابط: هل انت متأكد من وجود لص في البيت؟! فاجاب، نعم سيدي! متأكد من ذلك. فسأل الضابط: لربما هو من معارفك! فقال صاحب البيت: ان الاهل والاقرباء لا يأتون منتصف الليل من فوق الجدار ويهموا بجمع ما في البيت! فسأل الضابط: لربما انت واهم او هو حالة منامية؟! فانفجر صاحب البيت غضبا وقال: سيدي! هل تسمح ان اعطي السماعة للص ليبين لكم انه جاء ليسرق لربما هكذا تصدقني؟!
ويطرح على الحكومة المحترمة هذا السؤال، اي خيانة ونقض للعهد وارتكاب للجريمة ينبغي ان تصدر من اميركا واوروبا كي تصدقوا اميركا ليست صديقا ولا منافسا بل هي عدو متجبر شحذ همته لابادة ايران والايرانيين، ولا طريق سوى المواجهة؟ اي نفس المسار الذي سلكناه منذ اليوم الاول بعد انتصار الثورة الاسلامية وهو نفس النهج الذي سلك في غرب آسيا واوصل الخصم الى الهلاك باعتراف العدو والصديق. واليوم ينبغي ان لا نضع يدا على يد قبال الاستبداد الاميركي الاوروبي والاستفادة من جميع الآليات في الحرب الاقتصادية على ايران الاسلامية، بل ان نقدم على حركة تردع العدو وتذيقه الندم، كما وسنتابع:
1 ـ في ديسمبر من عام 2011، وحين كان الكونغرس الاميركي يحضر لعقوبات نفطية على بلدنا اشرنا في حينها بمقال الى انه اذا فرضت عقوبات على تصدير النفط الايراني فان افضل سبيل لمواجهته هو في غلق مضيق هرمز أمام حاملات النفط، وحسب البنود 14 الى 23 من معاهدة جنيف 1958، والبنود 17 ـ 37 من معاهدة جامايكا 1982، كنا قد قلنا انه في ظل الظروف الحالية فان غلق مضيق هرمز هو حق قانوني لنا. هذا الاقتراح ووجه مباشرة بردود وسائل الاعلام الاميركية والاوروبية وبعض الدول العربية.
فقد كتبت صحيفة لوموند الفرنسية: ان لايران القدرة في غلق مضيق هرمز والمصادقة على قانون حظر النفط الايراني في الكونغرس يمكن ان يكون لاميركا واوروبا وحلفائهما الاقليميين مبعث ندم.
وكتبت صحيفة "بوستون غلوب" الاميركية؛ ان بامكان ايران وفي اي لحظة غلق مضيق هرمز مما سيؤدي الى قطع تصدير النفط وتقدر بملايين البراميل في اليوم. وان غلق المضيق سيكون اشد رد على المصالح الاميركية، اضافة لذلك فان صعود اسعار النفط سيؤدي خلال ايام بكارثة لايمكن السيطرة عليها بالنسبة للاقتصاد الغربي.
وقال "احمد العطار" الخبير ا لاماراتي للشؤون الدفاعية والطاقة: "ان تلغيم الخليج الفارسي لاسيما مضيق هرمز لهو اهم تهديد يمكن تصوره، ففي عام 1988 اصيب الاسطول الاميركي "صاموئيل بي رابرتز" بلغم بحري من قبل الايرانيين، وتعرض لدمار كبير. فزرع البحر بالالغام سيتسبب بايقاف الحركة وترانزيت النفط والتجارة في الخليج الفارسي، ولايمكن مواجهة هذا الامر.
وقد قيمت وكالة الطاقة الاميركية، وفي اشارة الى ان المضيق هو الممر الوحيد لثمان دول تطل على الخليج الفارسي، قيمت غلق المضيق بالكارثي. كما وكانت ردود من الغرب تنم عن هلعه من غلق المضيق. ويقال ان هذه الردود معجونة بقلق الدول الغربية وبعض الدول العربية في وقت لايمكن مقارنة قدرات الجمهورية الاسلامية الايرانية في حينها عن وضعها اليوم.
2 ـ رغم مرارة الموقف ولكن ينبغي الاقرار ان الصورة التي عكستها الحكومة الحادية عشرة والثانية عشرة عن مكانة ايران الاسلامية على المستوى الدولي لا تنسجم ليس فقط مع ما يتوقع من نظام الجمهورية الاسلامية وحسب بل هي ليست منسجمة في كثير من موارد مع الوهن والانفعال قبال القوى الاجنبية، والتقليل من عزة واقتدار ايران والايرانيين، واثر هذا الوهن كررت اميركا واوروبا، دون ادنى قلق، عزفها معزوفة مزعجة ردا لايران، وضمن الاستهزاء بعزة الشعب المسلم لهذه البلاد، يقومون بمصادرة المصالح القومية لبلدنا! ولا يواجهوا برد مقابل من قبل الحكومة قبال هذا الاستبداد والتعنت، حتى بلغ الامر حين يواجه وزير خارجية فرنسا "جان مايك آيرو" خلال استضافته في السفارة الفرنسية لدى طهران بتساؤل لاحد التجار الفرنسيين: الا تعتقد ان مشاركة فرنسا في مناورات مع اميركا وبريطانيا في الخليج الفارسي ستؤثر على علاقاتنا التجارية مع ايران ولانتمكن من عقد صفقة في هذه الزيارة؟ فيرد الوزير بثقة عالية: "كلا لا اشعر باي قلق، فالحكومة الايرانية بحاجة لمثل هكذا زيارات، وانا واثق ان لا نسمع اي اعتراض في اجتماع غد"!
كما وكتبت وسيلة اعلامية غربية اخرى في وصف رئيس جمهورية بلدنا: "إنه بائع مقروض وراغب حين يرى نفسه مضطرا لبيع الحقوق الوطنية."
وتوصي الدول الغربية ان لا تتسرع في الشراء فوضع البائع سيزداد سوءاً والاسعار ستهبط اكثر!! و...
3 ـ ان ما يثلج الصدور اتخاذ رئيس الجمهورية المحترم مؤخرا مواقف تبعث على الاكبار والاجلال قبال عنجهيات اميركا وحلفائها، بحيث يمكن تغيير البوصلة باتجاه مصالح الجمهورية الاسلامية. كما وتفضل في اجتماع بالرعايا الايرانيين في سويسرا وردا على الحظر الاميركي على تصدير النفط الايراني، قائلا: "ان الاميركيين ادعوا محاولتهم منع تصدير النفط الايراني انهم لا يفهمون ماذا يعنيه ها الكلام، اذ لا معنى لعدم تصدير النفط الايراني فيما يتم تصدير نفط المنطقة. فان تمكنتم من ذلك فجربوا لتجدوا نتيجة ذلك". وهكذا ووجه موقف رئيس الجمهورية بترحيب واسع من قبل الجبهة الثورية، لاسيما دعم فيلق قدس "قاسم سليماني" لهذا الموقف المشرف، فاكمل الخطاب وافحم الخصم بان التهديد جاء وسنده قوة الحرس الثوري الالامي.
4 ـ ان غلق مضيق هرمز حق قانوني للجمهورية الاسلامية الايرانية وقد صرح به في المحافل الدولية الحقوقية.
اذ تختص المواد 14 ـ 23 من معاهدة جنيف لعام 1958، والمواد 17 ـ 37 من معاهدة جامايكا لعام 1982، بموضوع الدول المتشاطئة وحق عبور السفن، ونشير الى جوانب منها؛
الف؛ جاء في المادة 14 من معاهدة جنيف 1958: "يمكن لسفن جميع الدول سواء الدول الساحلية ام غيرها ان تعبر من الممرات المائية دون اي ضرر".
باء: وجاء في البند الرابع من نفس المادة "ان العبور سيكون محروزا من الضرر اذا لم يصب امن الدول المتشاطئة او نظمها واستقرارها باي خلل".
جيم: في البند الرابع من المادة 14، وفي البند الاول من المادة 16 لمعاهدة جنيف 1958، اعتمد مسألة عدم الحاق الضرر بالسفن العابرة من مضيق هرمز امكانية الدولة المتشاطئة ـ ايران ـ الاسلامية ـ .
دال: وجاء في البند الاول من المادة 16 لمعاهدة جنيف 1958؛ "ان الدولة المتشاطئة يمكنها ان تقوم باجراءات ضرورية للحؤول دون الاضرار بمرور السفن".
هاء: كما وتم البيان في البند الثالث من المادة 16؛ بأن "الدولة المتشاطئة يمكنها ان توقف بشكل مؤقت العبور الآمن للسفن الاجنبية لاجل حفظ امنها من دون ان تفرض بين هذه السفن".
واو: واخيرا، فان البند الرابع من المادة 16 لمعاهدة جنيف 1958، وضمن الاعتراف رسميا بحق الدول المتشاطئة ـ وهنا المعنية هي ايران الاسلامية ـ انه لاجل الحؤول دون عبور السفن والتي لم يشخص عدم ضرر عبورها، يفصح البند انه في حال اتخاذ هذا القرار من قبل الدولة المشاطئة فمن الضروري الاعلان عن قرارها بشكل عام مسبقا.
وبالنظر لما جاء في المواد المذكورة اعلاه في معاهدتي جنيف وجامايكا، فان السفن التي يسمح لها عبور مضيق هرمز، هي التي تشخص الجمهورية الاسلامية الايرانية عدم اضرارها بالامن والنظم والثبات والحقوق القومية.. وينبغي ان نقول الآن؛ انه في حال منع صدور النفط الايراني من قبل اميركا والدول الاوروبية، فهل تعتبر السفن الناقلة للنفط المذكورة آنفا؛ بمثابة عدو "العبور غير المخل"؟ فمن البديهي ان الجواب سيكون سلبيا ولايران الاسلامية الحق ويمكنها بمنع عبور هذه السفن ان تحول دون اقتدار العدو في تهديد امنها القومي، وهذه المعادلة تصدق على تصدير نفط سائر الدول من مضيق هرمز، اذ ستكون ارضية لاجراء عدائي للدول المتخاصمة. فعبور السفن والقادمة من الدول الفارضة للعقوبات ومقصدها دول الخليج الفارسي وهي تحمل الاسلحة والمعدات العسكرية، تعتبر بطريق اولى وحسب نفس مواد معاهدة جنيف وجامايكا، مخلة وتتقاطع مع الامن القومي لبلدنا، ولذا فان اغلاق مضيق هرمز بوجه هكذا سفن حق قانوني لايران الاسلامية.
5 ـ بالاضافة لحق ايران القانوني في اغلاق مضيق هرمز حسب معاهدتي جنيف وجامايكا، فيمكن لايران وحسب منصوص حق المواجهة بالمثل او الانتقام ـ REPRISAL ـ والتي تم الاعتراف بها ضمن الحقوق الدولية، ان تغلق مضيق هرمز. وقد عرف الاجراء الانتقامي قبال نقض القانون من قبل دولة ثالثة، والتي تتضمن الضرر بمصالح الامن القومي لدولة اخرى.
وبالامس غادر الدكتور ولايتي، وهو حامل لرسالة قائد الثورة، الى روسيا وقد شدد في حديثه انه اذا لم تتمكن ايران من تصدير نفطها فلايمكن لاي دولة في الخليج الفارسي بتصدير النفط. هذا التصريح وفي ما اذا نزل على الارض ليس سيكون الاجراء الاكثر تاثيرا قبال تخرصات اميركا وحلفائها وحسب بل سيكون السبيل الفاعل الذي ينبغي الاعلان عنه والعمل به بسرعة.
ففي حال اغلاق مضيق هرمز، فلا قدرة لاميركا واوروبا، وعلى العكس مما يدعون، مواجهة هذا الاجراء القانوني والخطوة الثورية. انهم جالسون في غرفة زجاجية ضمن منطقة رهن اشارتنا. فواحدة من وسائل الاعلام قد كتبت انه في حال اغلاق مضيق هرمز، يمكن لاميركا ان تهاجم ايران بصواريخ بعيدة المدى من المحيط الهندي ولا حاجة للحضور في الخليج الفارسي، وهنا ينبغي القول ان اوروبا كذلك هي تحت رحمة صواريخنا بعيدة المدى فضلا عن السعودية والبحرين وتل ابيب وحيفا و...!