المعركة الحاسمة في مثلث الموت
بعد ان اقفل الجيش العربي السوري وقوى المقاومة ملفي مخيم اليرموك والحجر الاسود الاجراميين وما ان عاد الأمن والهدوء الى ربوع العاصمة السورية التي شهدت سبع سنوات عجاف من القصف والقتل والدمار والتي تسببت بها قوى التكفير والظلام المدعومة من القوى الدولية والاقليمية، حتى اتجهت الانظار الى الجنوب السوري درعا لترى ماذا سيقوم به الجيش العربي السوري وقوى المقاومة في استكمال مهامها لدحض الارهاب واستئصال جذوره مما تبقى على الاراضي السورية.
وفعلا صحت التوقعات والتكهنات حول العمليات القادمة للقيادة السورية لمستقبل المعارك، فبالتزامن مع القاء طائرات الجيش المنشورات على "انخل" بريف درعا تدعو فيها المسلحين الى القاء السلاح وتسوية اوضاعهم وتطالب كذلك السكان بالتعاون مع الجيش لطرد الارهابيين، ارسل الجيش السوري ومحور المقاومة تعزيزاته العسكرية الى هذه المنطقة التي هي بؤرة لمثلث الموت اميركا والكيان الصهيوني والفصائل الارهابية بهدف القيام بعملية عسكرية واسعة لتطهير هذه المنطقة الحساسة جدا لمجاورتها القنيطرة من البؤر الارهابية وسحقها تماما.
وفعلا بدأ العد العكسي لهذه العملية الكبيرة المقلقة لهذا المثلث باطرافه الثلاث وخاصة الكيان الصهيوني الذي سيجد نفسه وجها لوجه امام الجيش العربي السوري وقوى المقاومة وهذا ما يرعبه ويزعزع كيانه ويؤرقه بشكل كامل. وما قامت به اميركا خلال الايام الاخيرة من قصف لقواعد "تي2" و "تي 3" ومطار "الظبعة" يعكس تماما مدى تخوفها وقلقها من العمليات العسكرية للجيش السوري وقوى المقاومة التي ستقصم ظهر الارهاب وتخرجه من المعادلة وهي تدرك جيدا اهمية هذه العمليات العسكرية على الواقع الداخلي السوري بشكل خاص وعلى التوازنات الاقليمية التي تصب لصالح محور المقاومة بشكل عام.
وفي خضم هذه الاجواء وما تطالب به سوريا قيادة وحكومة وشعبا بخروج المحتلين الاميركان والاتراك وما صرح به مؤخرا الرئيس الروسي بوتين بضرورة خروج القوات الاجنبية من الاراضي السورية، احرج الادارة الاميركية بشدة التي لم تجد بدا سوى التشبث المزيف بحماية "الشعب السوري" وهي تقصد الارهابيين والفصائل المسلحة الكردية لتبرير تواجدها على الاراضي السورية خاصة بعد ان خسرت جميع اوراقها ومواقعها في الاراضي العراقية لدعمها لداعش.
وما اعلنته المتحدثة باسم وزارة الخارجية الاميركية "هيذر ناورت" في وقت متأخر من مساء الجمعة من تحذيرات لدمشق بان "الولايات المتحدة ستتخذ اجراءات حاسمة ومناسبة ردا على انتهاكات نظام الاسد بوصفه ضامنا لمنطقة عدم التصعيد تلك مع روسيا والاردن"، يؤكد مدى الخشية الاميركية من نتائج انهيار داعش واخواتها في درعا وبالتالي افلاسها من اي حل سلمي للازمة السورية لم تكن هي طرف فيها، ناهيك عن تداعياته الخطيرة على الكيان الصهيوني.
وما يثير السخرية والاستهزاء الشديدين هو مدى ضحالة الموقف الاميركي ولغته الفظة تجاه تحرك الجيش العربي السوري للسيطرة على ترابه وطرد الارهابيين منها، على انها انتهاكات يجب التصدي لها.
ادارة ترامب التي تضرب القوانين والاعراف الدولية عرض الحائط وضح النهار ولا تلتزم بالاتفاقيات الدولية ولا بعهودها ليس مستغربا منها ان تتدخل بهذا الشكل الفاضح في الشأن الداخلي السوري بحجج مزيفة وكانها مساندة للشعوب في وقت انها تدعم اشد الانظمة استبدادا وعلى رأسها السعودية التي تدمر اليوم اليمن حجرا وشجرا و شعبا وكذلك ممارساتها وتعاملها مع شعوب المنطقة المقهورة والمضطهدة خاصة الشعب الفلسطيني الذي يضرج بدمائه يوميا يثبت العكس تماما.
واخيرا لم يبق امام الدولة الاميركية العميقة ان لم تكن متسايرة مع سياسات ترامب الجنونية المنظمة ان تلملم فضائحه وتضع حدا لممارسته اللامسؤولة في الوسط الدولي وتحد من تداعيات سياساته الخطيرة على الواقع الاميركي الداخلي والعلاقات الدولية ومكانة ومصداقية اميركا التي لوثها ترامب بالوحل.