العرب.. عاجزون ام متواطئون
الشعب الفلسطيني الذي يمثل اليوم اولى طلائعه ابناء غزة الميامين والشجعان ابتدع اسلوبا جديدا وناجحا في مسيرته الجهادية لمواجهة العدو الصهيوني وقهره عبر مسيرات العودة الذي زلزل اركانه وبات يعيش حالة من الرعب والقلق الشديدين واذا ما عمت هذه الظاهرة فالدول المحيطة بهذا الكيان فسيصبح كابوسا ويستحيل عليها مواجهة هذا الموقف لذلك باتت لا تطيق هذه الظاهرة التي تهدد وجوده وقد شهدنا بعض تجلي هذا الخوف عندما غلبت عليه الهستيريا في الاسبوع الثامن لمسيرات العودة واذا به يرتكب في يوم واحد مجزرة مروعة ذهب فيها اكثر من ستين شهيد وثلاثة آلاف جريح وهذا مشهد مأساوي قل نظيره في العالم ان تواجه تظاهرة سلمية بهذه الوحشية المفرطة التي تعد جريمة ضد الانسانية ويجب محاسبة مقترفيها كمجرمي حرب.
ولو لا تقاعس العرب وهنا المقصود النظام العربي من مسؤوليته وواجبه تجاة اخوانه الفلسطينيين لما تجرأ الصهاينة على اقتراف مثل هذه الجريمة البشعة التي المت بالبشرية وهكذا موقفه المخزي والجبان من قرار الرئيس ترامب بنقل السفارة الاميركية الى القدس والذي ظل متفرجا عليه لما تشجع الصهاينة على ارتكاب هذه المجزرة الرهينة ضد ابناء غزة. فقرار نقل السفارة الاميركية الذي صادق عليه الكونغرس الاميركي عام 1995 بقي مجمدا ولم يكن وليد اليوم، لكن الرؤساء الذين سبقوا ترامب لم يقدموا على ذلك وفقا لحسابات كانت بين ايديهم منها الدولية والاقليمية وكذلك الخشية من ردود الافعال، لكن ترامب المتظاهر بالجنون وجد الظروف مواتية لذلك وخاصة الاقليمية عندما وجد المملكة العربية السعودية ليس تقود عملية التطبيع نحو العدو فقط بل كانت تتسارع في دفع الاخرين للتطبيع بشكل أدهش حكام الصهاينة ولم يكونوا يصدقوا بما يحدث. رحم الله الكاتب المصري الكبير محمد حسنين هيكل الذي سؤل يوما متى تنقل السفارة الاميركية الى القدس قال: عندما "توافق السعودية وتصمت مصر".
والواقع ان السعودية كانت وراء تشجيع اميركا للتسريع بهذه الخطوة لتصفية القضية الفلسطينية مبكرا وتتخلص من اعباء هذه القضية حسب تصورها الواهي لان استمرار بقاء شعلة القضية الفلسطينية وهاجة تعتبرها خطرا على نظامها وتسبب لها المزيد من الفظائع.
وما يشاع في العالم العربي من ان العرب عاجزون ام متواطئون وهنا المقصود النظام العربي ليس امرا غريبا بل هو اقرب الى الواقع ولولا تواطؤهم لما وصلت القضية الفلسطينية الى هذه المأساة التي نشهدها اليوم وكم يتمنى ابناء فلسطين على العرب الذين لم يتوقعوا منهم اي خير ان يكفوا عنهم شرهم فقط وهذا افضل خدمة يقدموها اليهم.
ان مسيرات العودة احيت اليوم القضية الفلسطينية من جديد وجعلتها في الواجهة وهكذا قضية غزة المحاصرة التي ستستمر بنشاطها باذن الله حتى تكسر اولا قيود الحصار عنها وثانيا تحرير فلسطين كاملة من النهر الى البحر.
ان ذلك ليس على الله ببعيد...