اوروبا ليست ندا لايران في استقلال القرار
انسحاب الرئيس ترامب من الاتفاق النووي تحت ذرائع سلسلة من الاكاذيب التي لا علاقة لها بالملف النووي، فضحت ضحالة الموقف الاميركي ورئيسه الذي يتعامل في القرن الواحد والعشرين بقانون الغاب وبعيدا عن المدنية والاسلوب الحضاري في التعامل بالوسط الدولي وذكرنا هذا بصدام ذلك الدكتاتور المستبد الذي مزق اتفاقية 75 مع ايران. هذا التصرف الارعن من رئيس دولة يحكم الولايات المتحدة الاميركية اساءة الى سمعة بلده وشعبه اولاً، والى المنظمات الدولية كالامم المتحدة والوكالة الدولية ثانياً، اضافة الى ظهوره كمتمرد على الوثائق والقوانين الدولية ومثل هذا الشخص لايصلح ان يكون مسؤولا في بلد ما فكيف ان يقود بلدا كاميركا، ولا نريد ان ندخل في تفاصيل شخصية هذا الرجل وتهوره في اتخاذ مثل هذا القرار الذي هو بمثابة من يطلق النار على قدميه، لكننا في نفس الوقت لا نشك بغبائه وعدم المامه بالسياسة والانكى من ذلك ان يحيط به مجموعة من المستشارين والوزراء الذين هم اغبى منه حين دفعوه الى الهاوية تحت وهم مزيف بان الحظر و الضغوط على ايران ستدفع بالشارع الايراني للانقلاب على نظامه وبالتالي استسلام ايران امامنا وكأنما اميركا كانت طيلة الاربعة عقود الماضية تداعب ايران في وقت لم تترك فرصة للوقعية بها ومنها استصدار 11 قرارا من مجلس الامن الدولي بفرض المزيد من العقوبات عليها وقد وصفتها هيلاري كلينتون وقتها بانها عقوبات الشلل التام.
لكن ما اشار اليه ترامب بعد خروجه من الاتفاق من العقوبات التي يعلم بعقمها تجاه ايران كان في الواقع موجها لاوروبا حيث استمهل شركاتها العاملة في ايران 6 اشهر والا ستطالها العقوبات الاميركية.
وهناك من يقرأ قرار ترامب المتهور في التعامل الايراني المعروف بذكائه السياسي وقدرته الخارقة على المناورة والتفاوض بانه استطاع استدراج ترامب لارتكاب هذا الخطأ التاريخي الذي اضر كثيرا بسمعة بلاده ومستقبلها واظهرها للعالم كدولة غبية ومتخلفة عن الركب الحضاري والانساني وما صدم الادارة الاميركية بشكل اكبر وغير متوقع لها هو رد طهران وهدوئه في التعامل بالمثل، بل اكثر من ذلك استقبالها لهذا القرار الذي اعتبرته هدية السماء لكنها في نفس الوقت اكدت انها ستواصل الالتزام بالاتفاق النووي شريطة ان تقدم اوروبا الضمانات العملية لذلك وان تعوض ايران الخروج الاميركي من الاتفاق النووي عندها سيكون ساري المفعول.
لكن السؤال المصيري والملح الذي يطرح نفسه هل يستطيع الاتحاد الاوروبي المشكل من 21 دولة بينها دولتين كبيرتين وعضوين دائمين في مجلس الامن الدولي كفرنسا وبريطانيا ودولة محورية مثل المانيا، ان يرتقي الى مستوى ايران في امتلاكها لكامل قرارها السيادي والسياسي، للدفاع عن مصالحه امام اميركا ويصبح ندا لها كما تفعل ايران امام اميركا، انه امر مستبعد لعلاقات الاتحاد الاوروبي الاقتصادية مع اميركا، لكن في حالة واحدة يمكن للاتحاد الاوروبي ان يقف امام اميركا ويضع حدا لتطاولها على استقلاله وقراره الوطني عندما يمتلك الجرأة والشجاعة ويغلب قراره السياسي والسيادي على مصالحه الاقتصادية، هذا ما ستثبته الايام القادمة.