هدوء بطهران وقلق في العالم
ما هي الا وساعات ليعلن الرئيس الاميركي ترامب موقفه المبكر من الاتفاق النووي، لكن حينها تكون الصحيفة قد اخذت طريقها الى الصدور دون العلم بمحتواه وبعيدا عما سيتخذه الرئيس الاميركي من قرار سواء بالغاء الاتفاق او تجميده او تمديده لفترة معينة ليفسح المجال امام الاوروبيين بحسب ظنه الخائب التفاوض مع الايرانيين لتكميل الاتفاق النووي او الحاق اضافات به للخروج من المأزق الذي هو فيه لحل القضايا المحتملة والمطروحة على بساط النقاش.
لكن طهران الواثقة من نفسها والتي تتعامل مع القضايا المصيرية بترتيب وهدوء تام لا تعير اي اهتمام لهذا الصخب الاعلامي وتهديدات الرئيس ترامب الذي يتعامل بسياسة الحافة الهاوية كما تعامل مع كوريا الشمالية، هي قد استعدت لمواجهة كافة الاحتمالات والسيناريوهات المطروحة لانها متيقنة بان الطرف المقابل هو من سيندم على فعلته ناهيك عن التداعيات السلبية التي ستلي ذلك والتي ستنعكس على الوضع الاقليمي والدولي والذي لايمكن التكهن بعواقبها.
النقطة الاهم في هذا الموضوع ان اميركا بموسساتها ومراكز قرارها لم تكن طارئة على الوضع الايراني بعد انتصار ثورة الاسلامية وتجربتها المريرة طيلة اربعة عقود، فهي تعلم جيدا من هي ايران؟ ومدى نفوذها في المنطقة؟ وهي صاحبة اليد الطولى فيها وبالتالي هي رقم صعب لا يمكن تجاوزها في المعادلات الاقليمية والدولية. وما نحب ان نشير اليه في هذا المجال ان القيادات العسكرية الاميركية في عهد الادارات الاميركية المتوالية نصحت ساسة البيت الابيض بعدم الصدام مع ايران لعواقبه الوخيمة.
ويوم امس وقبل ان يتخذ الرئيس الاميركي قراره المرتقب وجه 12 نائبا من رؤساء اللجان في الكونغرس الاميركي خطابا للرئيس ترامب يحذرونه من مغبة الخروج من الاتفاق النووي الذي سينعكس سلبا على بلادهم، واصفين قراره بالخطأ الاستراتيجي الكبير.
واي كان قرار الرئيس الاميركي في الاتفاق فان طهران لا تعلن بعد موقفها الصريح والنهائي الا بعد ما سيقدم عليه الرئيس ترامب تجاه الاتفاق النووي الا بعد ما تتطلع عليه تماما وذلك للاحتفاظ بعنصر المفاجئة الذي سيبهت العالم وخاصة الاوروبيين الذين مازالوا يغازلون الرئيس ترامب بالموضوع. لذلك ننصح الجانب الاوروبي الذي يتصور انه يستطيع عبر التفاوض اقناع بطهران للتغاضي عن خطوطها الحمر فانهم واهمون ونؤكد لهم اللاءات الثلاثة لا تفاوض و لا اتفاق جديد ولا مساومة على تكميل الاتفاق او وضع اضافات جديدة له.