القرار المغربي رهين اللعبة الدولية الاقليمية
رغم ابلاغ طهران الجانب المغربي رسميا بان ما يثيره من مزاعم حول اتصال احد الدبلوماسيين الايرانيين في الجزائر بمسؤولين في جبهة البوليساريو او قيام حزب الله بتسليح وبتدريب عدد من قوات هذه الجبهة يجافي الحقيقة وليس له اساس من الصحة، لكن يبدو ان الرباط المغلوب على امرها نتيجة لروابطها الودية مع الكيان الصهيوني وما ترتب على الزيارة الاخيرة التي قام بها وزير خارجيتها لهذا الكيان ودور الرياض المالي ولقاء الملك المغربي مع بن سلمان في باريس الشهر الماضي بهذا الموضوع، اقدمت على قطع علاقاتها مع طهران دون ان تفكر بعواقب سمعتها ومصداقيتها على انها دولة يجب ان تحترم قرارها ولا تضعه في مزاد سوق النخاسة. وقد سبق للمغرب ان اقدم على نفس الخطوة سابقا دون اي مبرر حين اقدمت البحرين على قطع علاقاتها مع طهران لالقاء تبعة ما يجري في داخلها من تحرك جماهيري واسع يطالب بحقوقه على ايران. وهذا ما اثار التساؤل والعجب حينها ما هو دور المغرب وعلاقته بالموضوع؟! ولم يجد المراقبون يومها اي مبرر سوى ارتباط ذلك بخارج الحدود.
فالمزاعم السخيفة التي ساقها ناصر بوريطة وزير الخارجية المغربي لتبرير قطع العلاقات مع ايران مثيرة للضحك والسخرية لارتباط موظف في السفارة الايرانية بالجزائر او تعاون بين حزب الله وجبهة البوليساريو، دون ان يعرض اي دليل او سند على ادعاءاته بالرغم من معرفته بانه ليس هناك اي اتصالات بين ايران وهذه الجبهة التي اغلقت سفارتها في طهران منذ التسعينات ولا يوجد فيها اي طاقم.
والامر الاخر الذي يتعلق بحزب الله الذي هو حزب لبناني فما دخل ايران بذلك اذا كان له اتصالات بجبهة البوليساريو ام لم تكن. فجبهة البوليساريو الصحراوية التي شكلت اول حكومة لها عام 1976 واستطاعت ان تصمد وتصد الهجمات المغربية لحد الان هل هي بحاجة لتسليح وتدريب عدد من قواتها من قبل حزب الله، امر في غاية السخافة وكان على الوزير المغربي ان يبحث عن حجج ووثائق مستندة يستطيع الدفاع عن خطوته وهو يعلم علم اليقين ان جبهة البوليساريو وحكومتها عضوة في الاتحاد الافريقي وتعترف بها الامم المتحدة طبعا ليس كدولة بل مفاوض للدفاع عن قضيته امام المغرب.
وقبل طهران جاء الرد السريع من قبل جهبة البوليساريو التي فندت المزاعم المغربية وصنفتها في خانة تملص النظام المغربي من الضغوط التي تمارسها الامم المتحدة عليها للتفاوض مع الجبهة حول الصحراء، لكنها في نفس الوقت اوعزت الموضوع الى تخلص النظام من الاعباء والمشاكل الداخلية التي تواجهها لحرف انظار الرأي العام الداخلي عن ذلك.
غير ان طهران العالمة والخبيرة بمغزى ما اقدم عليه النظام المغربي داخليا وخارجيا يعي جيدا من أين يحترق هذا النظام داخليا، تترك الموضوع للمستقبل ليكشف الحقائق.
لكن ما اثار دهشة واستغراب الاوساط العالمية والاقليمية والمراقبين هو توقيت الخطوة المغربية التي تتزامن مع التصعيد الاقليمي والدولي بقيادة اميركا في المنطقة وكذلك تحركات ابن سلمان المحمومة لاهداره المليارات من الدولارات من اموال وثروات ابناء الجزيرة العربية لاثارة الفتن والفوضى في المنطقة والاغرب من كل ذلك ان القرار المغربي يأتي بعد يوم واحد من المسرحية الهزلية لنتنياهو باتهام طهران لتطوير الاسلحة النووية. كل هذه المواضيع احرجت رئيس الوزراء المغربي بشدة، لذلك اضطر ان يظهر على الاعلام ويدافع عن قرار بلاده بقطع العلاقات مع ايران ويصفه بـ"مغربي خالص"!!