التناقض التركي بين الممارسة والإدعاء
ما اقدمت عليه تركيا بالامس ومعها القوى المتحالفة وعلى رأسها ما يسمى بالجيش الحر باحتلال مدينة عفرين ذات الاغلبية الكردية خطأ كبيرا في مسلسل اخطائها السابقة طيلة سبع سنوات من الازمة السورية التي خرجت منها بخفي حنين، لكنها اليوم وبهذه الخطوة غير الشرعية وعبر تواجدها المرفوض والمدان في الاراضي السورية، تريد التعويض عن خسائرها السابقة والحصول على مكاسب غير شرعية بالقوة وهذا ما ترفضه سوريا حكومة وشعبا لكن يبدو انقرة لا تريد ان تتعظ من دروسها الماضية ودروس الاخرين في غزوهم لاراضي الغير.
وما كان لافتا ومخالفا للقوانين والاعراف الدولية والذي ادهش المراقبين في العالم هو رفع العلم التركي في مدينة عفرين السورية وهذا خطا اخر ترتكبه تركيا والخطأ الاكبر ان الرئيس اردوغان هو من يعلن الخبر ويتبجح به مما يشكل ذلك انتكاسة في عالم السياسة لتحدية للقوانين الدولية والاعراف الانسانية في الاعتداء الصارخ على سيادة بلد مستقل ومجاور واحتلال مدنه تحت ذريعة محاربة الارهاب.
والامر الاخر الذي اثار انتباه الاوساط الاقليمية والدولية هو الاعتداء غير المبرر على تمثال "كاوه حداد" احد رموز الاكراد وتحطيمه وهذا امر مرفوض جملة وتفصيلا لانه تطاول على ثقافة وتاريخ شعب باكمله ولايمكن حصر الموضوع بالمجموعات الكردية المسلحة وكأنها تريد الانتقام منها.
وبالطبع ان احتلال تركيا لمدينة عفرين وبعد شهرين من القتال الضاري بينها وبين الفصائل الكردية المسلحة وتكبد الطرفين لخسائر فادحة ووقوع مئات الضحايا من المدنيين الابرياء وتشريد اكثر من 150 الف من ابناء المدينة، ليس مفخرة للجيش التركي الذي يعد نفسه الاكبر في دول الناتو وقد يعتبر ذلك نكسة اخلاقية له لعدم قدرته على التحكم بتجنيب المدنيين الابرياء المزيد من الخسائر في الارواح والممتلكات والاضراربالمنشآت المدنية لهذه المدينة التي كانت في غنى عن هذه العملية غير المبررة.
على انقرة ان تعلم ان اي تواجد لقواتها واية قوات اجنبية على الارض السورية دون تنسيق مع حكومتها تواجد غير شرعي و مخالف للقوانين الدولية وعلى قوات التركية ان تخرج من الارض السورية قبل ان تجبر على الخروج منها بالقوة لانها بمثابة قوات احتلال ستتحمل المزيد من الخسائر ناهيك عن الانطباع السيئ الذي سيتعمق لدى الشعب السوري تجاه جارته تركيا التي لم تترك اية فرصة للايقاع به وهذا ما سيترك تاثيره السلبي على العلاقات المستقبلية بين البلدين ومن الصعب محو آثاره على الامد القريب.
من يسمع التصريحات التركية الرسمية ومسؤوليها ويقارنها بالممارسة العملية لهم على الارض يجد بونا واسعا بين ما يقولونه ويفعلونه. فقبل ايام فقط اعلن اوغلو وزير الخارجية التركية في مؤتمر صحفي مع نظيره الروسي في موسكو بان تركيا كروسيا وايران حريصة على الحفاظ على وحدة الاراضي السورية وهذا تناقض فاضح بين ما جرى على الاراضي السورية من انتهاك صارخ لاحتلال مدينة عفرين واعلانها صراحة بانها لا تسلم عفرين للحكومة السورية! فهل هناك انتهاك للسيادة السورية اكبر من ذلك؟!