kayhan.ir

رمز الخبر: 73395
تأريخ النشر : 2018March17 - 19:11

الجنوب السوري يشتعل من جديد.. لماذا الآن وماذا عن موازين القوى!؟

هشام الهبيشان

تزامناً مع استمرار عمليات الجيش العربي السوري بعمق الغوطة الشرقية ، ومع المؤشرات العسكرية المتولدة من الميدان والتي تؤكد قرب انطلاق معركة تحرير بلدة "دوما ” والتي ستكون من كبرى المعارك التي سيخوضها الجيش العربي السوري ضد المجاميع المسلحة المتحصنة بالبلدة،بدأت على محور أخر معلومات و تقارير محلية ودولية تؤكد أنه تمّ حشد آلاف المسلحين المتطرفين و»المعتدلين» – حسب التصنيف الأميركي ـ مدجّجين بعشرات الأطنان من الأسلحة الفتاكة، والذين سيكونون هم النواة الرئيسية لـ»غزوة» القنيطرة ودرعا ” وهذا ما سيسقط بالمحصلة ما كان يسمى بمناطق خفض التصعيد ".

هذه المجاميع المسلحة تسعى من جديد لـ»غزو جديد لدرعا والقنيطرة»، طبعاً هذه الغزوات يحضّر لها من قبل أجهزة الاستخبارات الصهيونية السعودية الأميركية إلخ وهذه الأجهزة من الواضح أنها جهّزت الأرضية والدعم العسكري لهذه المجاميع المسلحة المتطرفة لتتحرك بهذا الدعم العسكري والتسليحي واللوجستي بهدف خلط الاوراق من جديد بمجمل المعادلة العسكرية السورية بشكل عام ولتخفيف الضغط عن الغوطة الشرقية بشكل خاص .

القيادة العسكرية السورية بدورها استشعرت خطورة ما هو قادم ويستهدف القنيطرة ودرعا ،كجزء من مشروع أكبر يستهدف المنطقة الجنوبية ككلّ، والتي تعوّل عليها واشنطن وحلفاؤها في تل أبيب والرياض ، كهدف أول يتيح لهم الوصول إلى مسار عسكري يضمن على الأقلّ تعديل مسار التوازنات العسكرية على الأرض السورية ، وبدورها القيادة العسكرية السورية دفعت بتعزيزات عسكرية ضخمة إلى ريفا درعا الشمالي والشمالي الشرقي وحصنت بلدة خربة غزالة وبعض الاحياء بمدينة درعا وصولاً للدفع بتعزيزات عسكرية إلى بلدات خان ارنبة والبعث بمدينة القنيطرة ، استعداداً للمواجهة الحتمية المقبلة .

وهنا وعند الحديث عن القنيطرة ودرعا ،فـ لا يمكن إنكار حقيقة أنّ محافظتي القنيطرة ودرعا بموقعهما الاستراتيجي في جنوب سورية تشكلان أهمية استراتيجية بخريطة العمليات العسكرية السورية، وتحتلان أهمية استراتيجية باعتبارهما مفتاحاً لسلسلة مناطق تمتدّ على طول الجغرافيا السورية، فهما نقطة وصل بين مناطق جنوب سورية ووسط سورية، امتداداً على طول شريط المناطق الحدودية الأردنية السورية -الفلسطينية اللبنانية المحتلة ، إضافة إلى كونهما تشكلان نقطة ربط بين المناطق الجغرافية السورية المرتبطة بالعاصمة دمشق غرباً والحدود الأردنية والفلسطينية واللبنانية جنوباً، وهذا ما يعكس حجم الأهمية الاستراتيجية الكبرى لدرعا والقنيطرة بخارطة المعارك في الجنوب والوسط السوري بشكل عام وبغوطتا دمشق بشكل خاص.

واليوم وتزامناً مع دعوة الأمريكي لاجتماع عاجل بخصوص الجنوب السوري، عادت من جديد دوائر صنع القرار الدولي المنخرطة بالحرب على سورية ، لتراقب مسار العمليات المتوقعة بالجنوب السوري وأسلوب ردّ الدولة السورية وحلفائها عليها، لأنها تعتبر في توقيتها ونتائجها المستقبلية عنواناً لمرحلة جديدة من عمر الحرب على الدولة السورية، وخصوصاً مع الحديث عن استعدادات كبرى يجريها الجيش العربي السوري رداً على مشروع أمريكا ومن معها لخلط الاوراق من جديد وتفجير جبهة الجنوب السوري ،فاليوم الجيش العربي السوري وبعض الحلفاء سيردون على أي تحرك بالجنوب السوري بـ معركة كبرى لتحرير ريفي درعا الشرقي والشمالي الشرقي وصولاً لتحرير كامل درعا المدينة ، فاليوم بات لا خيار أمام الدولة السورية إلا الاستمرار بالحسم العسكري لتطهير أرض سورية من رجس الإرهاب ومتزعّميه وداعميه ومموّليه، وأنّ تقرّر سورية مصيرها بنفسها بعيداً عن تقاطع مصالح المشروع الأميركي الصهيوني وأدواته من الأنظمة الرجعية العربية والمتأسلمة في الإقليم، وجزء من هذا الحسم هو حسم معركة «القنيطرة ودرعا».

وهنا بالتحديد،فـ لا يمكن لأيّ متابع إنكار حقيقة الدعم الصهيوني – السعودي – الأميركي، للمجاميع المسلحة المتطرفة أو المعتدلة حسب التصنيف الأميركي في الجنوب السوري، وكذلك لا يمكن لأيّ متابع أن ينكر أنّ الاعتداءات الصهيونية المتكرّرة على الجنوب السوري، قد تمّت وستتمّ بتعليمات من غرف عمليات إقليمية وعربية، وهنا لا أستبعد نهائياً أن تتدخل «إسرائيل» في أيّ وقت بمجريات المعركة بالجنوب السوري بشكل مباشر، لدعم وإسناد المتطرفين الذين تدعمهم «إسرائيل» بدءاً من سلسلة جبال حرمون وانتهاء بـ القلمون االشرقي، الذين راهنت عليهم «إسرائيل» طويلاً على أمل أن يشكلوا للكيان الصهيوني حزاماً أمنياً «جداراً طيباً» يعزل الجولان العربي السوري المحتلّ عن عمقه الجغرافي السوري، وبالطبع ينسحب هذا الدعم «الاسرائيلي» للمجاميع المتطرفة بدرعا والقنيطرة على السعوديين والأميركيين وغيرهم.

ختاماً، اليوم من المؤكد، أننا بانتظار «عواصف جنوب جديدة» على غرار عواصف مضت، الموجة الجديدة يصفها البعض بـ»الهستيرية«، لأنها على الأغلب ستكون عبارة عن هجمات انغماسية كبرى، وسيصاحبها اندفاع كبير للمجاميع المسلحة المتطرفة بهدف تحقيق أيّ خرق أو إنجاز استراتيجي تحديداً في محافظة القنيطرة، وعلى المحور الآخر تؤكد معلومات واردة من القيادة العسكرية السورية، انّ هذه الهجمة وهذه الموجة، سيكون مصيرها كمصير الغزوات التي سبقتها، وسيكون الفشل هو عنوانها، مع تأكيد القيادة العسكرية السورية، على وجوب التحرك لتحرير الجنوب السوري وعلى مراحل، لأنّ بعض مناطق محافظة القنيطرة تحديداً أصبحت مركزاً ورأس حربة لأعداء سورية، يديرون منها عملياتهم التي تستهدف سورية كلّ سورية.