سورية: نحو حسم البؤر وطرد الاحتلال
غالب قنديل
حدد الرئيس بشار الأسد اولويات المرحلة باستعادة سيطرة الدولة الكاملة على التراب الوطني السوري قبل أشهر بعد الإنجازات الباهرة التي حققها الجيش العربي السوري وحلفاؤه والواضح ان الفصل القادم في المسيرة الوطنية الكبرى التي يقودها الرئيس الأسد سوف يتركز على طرد قوات الاحتلال الأميركي والتركي من سورية دون قيد او شرط ما جعل الرئيس يصف تحديات ذلك الفصل المسمى بالربع الأخير على أنه الأصعب والأدق بعد القضاء على بؤر الإرهاب واوكاره في الداخل السوري.
هذه النظرة توضح خلفية الاستنفار الشديد الأميركي والخليجي والصهيوني حول معركة تحرير الغوطة التي يعني حسمها شوطا كبيرا في طريق بسط سيطرة الجيش العربي السوري على كامل تراب الوطن وقد بدا واضحا ان سرعة اندفاع الجيش واكتساحه لمواقع الفصائل التي تحتل الغوطة كانت مؤشرا لحقيقة توق الأهالي إلى التخلص من سلطة المسلحين الغاشمة وتطلعهم إلى انتشار وحدات الجيش في قراهم وبلداتهم ومحيطها ليستعيدوا حياتهم الطبيعية كما حصل في سائر المناطق التي تم تحريرها من سورية وتابعوا وقائع عودة الدولة إليها واسترجاع شبكات الخدمات العامة على وجه السرعة بعد استتاب الأمان وتخليص السكان من اهوال التوحش والإرهاب ومنظومة السلب اللصوصية.
العتبة الأولى لتحرير الغوطة الشرقية كانت ردع الطيران الحربي الصهيوني الذي كان يتوقع تدخله المباشر لمنع قوات الجيش السوري من الزحف والتقدم كما درج في سائر المعارك القريبة من جبهة الجولان ومع السيادة الكاملة للطيران الحربي السوري في الأجواء وفاعلية قوات الدفاع الجوي التي حدثت تجهيزاتها القديمة وطورتها كما برهنت عملية إسقاط الطائرة المعادية ومع تكرار المطالبات الشعبية من الغوطة بدخول الجيش ورفض المسلحين وبعدما لعبت وسائل الإعلام الوطنية السورية دورا مهما في كشف الوقائع ومتابعة الأحداث وفضح الاعتداءات الإرهابية وتسليط الضوء على تحضيرات الفبركة الإعلامية استباقيا ... هكذا تكاملت عناصر معركة تحرير الغوطة وباتت الظروف مهيأة واقعيا لاندفاع وحدات النخبة المقاتلة في عمق البلدات والقرى والمزارع التي يحتلها مسلحو فصائل الإرهاب وحققت قوات الجيش العربي السوري إنجازات هامة وقياسية خلال أيام.
تصريحات الرئيس بشار الأسد يوم امس فضحت وظيفة الاتهامات المفبركة واوضحت حقيقة التدخلات الأميركية والغربية والخليجية الداعمة لفصائل الإرهاب وقد اظهر خلالها تصميما حاسما على مواصلة المعركة حتى تحقيق هدفها المقرر أي تحرير الغوطة من سيطرة عصابات الإرهاب المدعومة من حلف العدوان ومرة اخرى تظهر شخصية القائد المقاوم الصلبة والحازمة القادرة على تعيين الهداف والمهام بكل دقة ووضوح.
اللفتة المهمة في كلام الرئيس كانت إشارته إلى التكامل بين الجيش العربي السوري والقوات الشعبية انطلاقا من مشهد الدفاع عن عفرين في التصدي للعدوان التركي والقوات الشعبية او الوحدات الرديفة التي تشكلت وتكاملت مع الجيش العربي السوري في معارك عديدة خلال السنوات السبع المنصرمة هي الذراع الوطني الشعبي المقاتل في إطار استراتيجية الدفاع السورية ومن المتوقع ان تضطلع بأدوار واسعة وهامة في المرحلة المقبلة التي تستدعي نمطا من المبادرات القتالية لتحرير الوطن واستنزاف قوات الاحتلال الأميركية والتركية التي ينكشف وجودها وتتعرى اطماعها مع تهاوي معاقل الإرهاب مما يسقط ذرائع تدخلها البائسة وهي التي حضنت الإرهابيين ودربتهم ويسرت لهم موارد التمويل والسلاح.
يعتقد جميع الخبراء ان الحسم في الغوطة والتخلص من بعض البؤر الباقية في مناطق سورية اخرى ستكون مهمة الجيش العربي السوري بينما تقوم القوات الشعبية بمبادرات التصدي للغزاة المحتلين من القوات الأميركية والتركية التي لن ترتدع او تنسحب مالم تذق طعم الاستنزاف الذي يمكن للقوات الشعبية السورية ان تفرضه عليها بأسلوب قتال يوظف خبرات الحرب الطويلة لتي خاضتها سائر الوحدات الرديفة في جميع مناطق سورية وتدربت عليها واكتسبت خبرات متنوعة تقنية وقتالية من خلال الشراكة مع وحدات المقاومة اللبنانية التي ساهمت في الدفاع عن سورية.
باختصار تتأهب سورية لاسترجاع سيادتها بتصفية البؤرالإرهابية وهي تستعد للتحرر التام بطرد القوات الغازية وهي معركة ليست نزهة عابرة بل إنها أشد فصول الملحمة السورية قيمة واهمية وسوف تكون فيها وحدات شعبية فدائية صانعا رئيسيا لتغييرات الميادين تمهيدا لانتشار الجيش العربي السوري فوق كل حبة تراب سورية.