ايران ومافيها خط احمر
تعود الغرب الاستعماري وعبر تاريخه الظالم والمظلم خاصة خلال القرون الاخيرة ان يتعامل بفوقية ومكابرة مع الدول الاخرى التي هي خارج محيطه من منطلق انها دول متطورة وتمتلك التقنية وكان الاسوأ يوم زج هذا العالم في حرب باردة بين اميركا والاتحاد السوفييتي حيث تقلصت ارادة دول العالم الثالث ومساحة تحركها فاما ان تكون في هذا المعسكر او ذلك. لكن دخول الامام الخميني (قدس سره) الى الساحة العالمية في سبعينات القرن الماضي ومن ابوابها الواسعة وهو يقود اكبر ثورة في عصر الحديث وقد شطب على القواعد المتبعة لدى المعسكرين وخط لنفسه طريقا ثالثا مستقلا وبنفس الهي وتحت شعار "لاشرقية ولاغربية جمهورية اسلامية". اي انه من الان فصاعدا لا تبعية ولا مهادنة ولا مساومة مع الاعداء وان قرارات ايران الاسلام وسياساتها المبدئية ترسم في طهران وليس في مكان آخر وان التعامل مع الاخرين سواء كانت دول عظمى او دول صغيرة سيكون على اساس الاحترام المتبادل وند بند وخارج ذلك سيضرب عرض الحائط.
وتجربة اربعة عقود في تعامل ايران الاسلام مع الغرب كافية لاخذ العبر خاصة وانها كانت مريرة ومؤذية للطرفين والعلامة الفارقة في ذلك هوان الغرب معجون على النفاق والمراوغة ولايمكن الوثوق به وبعهوده لطالما تعشعش في افكاره روح المكابرة والاستعلاء والتمييز العنصري ونظرته الدونية للاخرين وهذا لا يتعالج من خلال المفاوضات او الاتصالات معهم او اعطائهم دروسا في الاخلاقيات بل هم بحاجة الى صدمة قوية من قبل شعوبنا ليصحوا على انفسهم ويوقفوا عند حدهم.
واذا ما تجاوزنا كل الملفات العالقة بين الثورة الاسلامية والغرب والقينا نظرة على اخر هذه الملفات وهو الملف النووي لنرى كيف تعامل الغرب وعلى رأسه اميركا المجرمة مع هذا الملف
عبر الضغوط والابتزاز والتهرب من تنفيذه بحجج واهية لوضع ايران في حالة انفعال قد تضطر الخروج منه.
وبعد ما يئست اميركا وحليفاتها الغربيات من الاخلال بالاتفاق النووي عبر ما تسوقه من اتهامات وذرائع يرتد عليها لجأت الى زج قضايا اخرى في الملف النووي بهدف تغيير بعض بنوده للحصول على مكاسب من ايران وهذا ما ستشكل لها احلام اضغاث لا اكثر.
اما ان نشهد خلال الفترة الاخيرة حملة مسعورة تقودها فرنسا يتصدرها الرئيس ماكرون ووزير خارجيته لودريان حول البرنامج الصاروخي الدفاعي، فهو امر غريب يستدعي التوقف عنده خاصة ان فرنسا وبعد الاتفاق النووي اصبحت الشريك التجاري الاوروبي الاول لايران وهذا غير مقبول للشعب الايراني ومثقفيه ونخبه واذا ما ارادت فرنسا ان تحافظ على علاقاتها الثنائية مع ايران فعليها ان تتصرف بنزاكة وادب دبلوماسي رفيع وتحفظ احترامها ولا تتدخل في شأن لا يعنيها حتى لا يسمع وزير خارجيتها كلاما صادماً في طهران يضطر الى بلعها.
فايران قبل الاتفاق واثناءه وبعده اعلنت مرارا على الاشهاد وهذا ما اذعنتم اليه ايضا ان البرنامج الصاروخي شأن دفاعي لايرتبط بأي موضوع آخر واليوم تكرر مقولتها وبصوت ابلغ وهذا ما سيسمعه الوزير الفرنسي الزائر الذي خرج عن نزاكته وادبه الدبلوماسي عشية وصوله الى ايران "بان طهران لا تسمح حتى بالحديث عن قدرتها الصاروخية".
واذا تصورت باريس انها وعبر هذا السيناريو تريد ان تفرض نفسها ممثلة عن الاوروبيين للتفاوض مع ايران أو ان تبتز طهران عن هذا الطريق فهي واهمة او ان تصرف ذلك في السوق الاستهلاكية المحلية. فهذا يرتبط بها لكن عليها ان تحترم ارادة دولة قوية ومحورية في المنطقة ولا نغالي ان قلنا دولة عظمى قد تجاوزت تأثيراتها حدود المنطقة.