الجزائر: رفض لزيارة أردوعان
- روعة قاسم
انقسمت الجزائر بشأن زيارة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إلى بلد المليون شهيد بين رافض ومرحّب ولا مبالٍ أصلًا وحتى لا علم له بها. تعدّدت حجج كل طرف واختلفت إلى حدّ التناقض، حتى اعتبر البعض أنها أطاحت بورقة التوت وكشفت ميول وارتباطات كل جهة.
ولعلّ الجبهة الرافضة لهذه الزيارة هي التي علا صوتها وطغى على المشهد الجزائري، وهي التي استطاعت أن تلفت إليها الأنظار بالنظر إلى استماتتها ورغبتها الجامحة في إلغاء الزيارة. وتتكون هذه الجبهة من أغلب الأحزاب الوطنية التي لا ارتباطات لها خارج أرض الجزائر إضافة الى عدد هامٍّ من مكوّنات المجتمع المدني والإعلاميين.
أفعال تقتيل
وصف بعض المعارضين لزيارة أردوغان جرائم الأخير في سوريا وإقليم كردستان وحتى في بلاده بأنها "أفعال تقتيل" ارتكبها رجب طيب اردوغان ومن المفروض أن يحاسب عليها ولا يستقبل إستقبال الأبطال الفاتحين. هذه الأطراف لا تميّز على ما يبدو بين مشاعر الحب والكراهية، من جهة وبين المصالح الإقتصادية التي تفرض على رجل الدولة التعاون حتى مع ألدّ الخصوم إذا توفرت المصلحة العامة، فما حصل في تركيا من انتهاكات لحقوق الإنسان إثر الإنقلاب الفاشل لم يغب عن بال الرافضين لزيارة أردوغان حيث رفعت شعارات تندد بسجنه لمعارضيه واعتدائه على الحريات العامة والخاصة. كان المشهد شبيهًا بزيارة أردوغان إلى تونس حين رفعت تقريبًا ذات الشعارات منذ قرابة الشهر أو يزيد عن ذلك بقليل، وهو الأمر الذي أزعج كثيرًا من أحباء أردوغان في الجزائر.
ترحيب واتهامات في المقابل، رحّبت أطراف إخوانية بزيارة أردوغان واتهمت معارضيها بخدمة التوجه الفرنكوفوني والاستعمار الفرنسي القديم. ويتحجّج هؤلاء باستمرار، وحين يُوَاجهون بجرائم أردوغان في سوريا وغيرها، بأن رئيس تركيا قد حقق أروع الأرقام الإقتصادية في بلاده و كأنه علينا أن نقبل بظلم كل من كان اقتصاده قويًا وبتدخله في شؤوننا على غرار الولايات المتحدة مثلًا.
إن الرافضين لزيارة أدوغان في الجزائر ليسوا بالضرورة أنصار الفرنكوفونية على حدّ تعبير المختار بلعربي الكاتب والمحلل السياسي الجزائري في حديثه لموقع "العهد الإخباري"، فأغلب هؤلاء بحسب الأخير هم أبناء التيار الوطني الذين يستلهمون توجهاتهم السياسية من ثورة تشرين الثاني/نوفمبر المجيدة التي طردت الاستعمار الفرنسي بتضحيات ودماء مليون ونصف المليون من الشهداء الجزائريين.
ويضيف بلعربي: "لا يمكن لوطني حرّ يعتبر نفسه سليل مناضلي الثورة الجزائرية أن يقبل بما يفعله أردوغان في سوريا من تدمير خدمة لأجندات أمريكية وصهيونية تسعى لخلق ما يسمى الشرق الأوسط الجديد"، ويجزم بأن "القيادة الجزائرية التي تحتفظ بعلاقات جيدة مع سوريا ستوصل هذه الرسالة إلى أردوغان الذي قد يلجأ إلى قطع زيارته مثلما حصل في تونس حيث لم يلق أردوغان الترحاب فاضطر إلى اختصارها".