أميركا بدأت تفقد نفوذها
مهدي منصوري
لم تعد اميركا اليوم القطب الاوحد في المنطقة والعالم كما كان لها قبل اربعة عقود من الزمن بعد انهيار وتشرذم الاتحاد السوفيتي وتمزيقه الى دويلات، ولكن ورغم ذلك فانها بقيت تسير بالاتجاه الواحد وهي السير على سياسة الهيمنة والسيطرة، ولما كانت واشنطن تتبع في سياستها هذه نظرية "الغاية تبرر الوسيلة" فانها دخلت في متاهات فرضت عليها اتخاذ مواقف معادية للشعوب والادلة في هذا المجال كثيرة لا تعد ولاتحصى، لانها وقفت الى جانب الحكام المستبدين بتقديم مايمكن تقديمه لهم من الدعم من اجل اخضاع واركاع شعوبهم، مما ولد هذا الامر ردود فعل متباينة وكبيرة ورافضة رفضا قاطعا لمثل هذه التصرفات التي هي بعيدة كل البعد عن ابسط قواعد حقوق الانسان، والبصمات الاميركية في هذا المجال واضحة خاصة في الاونة الاخيرة والتي تمثلت بتشكيل مجاميع ارهابية مجرمة هدفها القتل والتدمير من اجل ان تكون اداة بيدها لاخضاع الشعوب الرافضة لهيمنتها وعنجهيتها.
وكما قيل ان "رب ضارة نافعة" فان هذا الامر قد جاء بنتائج عكسية تماما لما كانت ترمي اليه وتتوقعه الادارة الاميركية اذ ان المعول الارهابي الذي اعتمدت عليه قد اخذ ينكسر وبصورة فاضحة بحيث لم يعد له ذلك التأثير او تلك الفاعلية التي يمكن الاعتماد عليه بعد اليوم، وبنفس الوقت فان الاميركان ولما انكشفت نواياهم السيئة عند الشعوب نجد ان كل القرارات التي تتخذها الادارة الاميركية خاصة في عهد المخبول ترامب تواجه رفضا قاطعا وعدم قبول ليس فقط من شعوب العالم، بل حتى من الداخل الاميركي الذي اخذ يرتفع صوته عاليا لايقاف تلك الاساليب الهمجية التي لاطائل تحتها والتي لا تنسجم مع روح الديمقراطية التي تدعيها واشنطن.
واخيرا صدر تقرير عن الخارجية الاميركية اكد ان الولايات المتحدة قد اخذت تفقد نفوذها وركز على باكستان كنموذج لهذا الفقدان، بحيث ان نفوذها في هذا البلد اخذ يتضاءل خاصة بعد تهديد ترامب بتقليص وقطع المساعدات المالية الاميركية متهما اياها بانها تدعم الارهابيين والتي واجهت رفضا باكستانيا وصفته الخارجية الباكستانية بان ادعاءات ترامب عارية عن الصحة.
ولم يقف الامر عند باكستان، بل ان الملاحظ اليوم ان النفوذ الاميركي اخذ يتضاءل في المنطقة وبصورة يشهدها الجميع خاصة بعد هزيمة الارهاب وبهذا الشكل غير المتوقع رغم دعم واشنطن اللامحدود اللوجستي والمالي وغيره. بحيث اعتبرته اوساط سياسية واعلامية بانه انهيار فاضح وتراجع كبير للسياسة الاميركية، فضلا ان تضاءل النفوذ ا لاميركي لم يقتصر على المنطقة بل انسحب على اغلب دول العالم خاصة في اميركا اللاتينية والقوقاز وشبه الجزيرة الكورية.
اذن وفي نهاية المطاف فان واشنطن التي وضعت بيضها في سلة واحدة تشاهد اليوم ان حالة الرفض لسياستها قد اخذ بالتزايد والاتساع، وهاهي العراق وسوريا وفلسطين ولبنان وغيرها من الدول في المنطقة لم تستجب لما تريده واشنطن، بل ان الشعوب وفي تظاهراتها الغاضبة اثبتت ان السياسة الاميركية قائمة على تدمير وحدتها من خلال زرع الفتن والاحقاد والعمل على استمرار الاقتتال والاحتراب الداخلي من اجل تحقيق اهدافها في نهب ثرواتها واستعبادها والاخلال بسيادتها والهيمنة على مقدراتها.