عقد على الاستشهاد... وعماد لازال يؤرق بلمساته جفون الصهاينة
اعتقد الصهاينة إبّان اغتيال الشهيد القائد الحاج عماد مغنية أن أسطورة الفارس الذي أرّق جفونهم لما يزيد عن ثلاثة عقود من الزمن قد انتهت، لم تطل الفرحة حتى أيقنوا أن عماد لم يمتّ بل لا زال وخلفه الآلاف ممن يمشون على دربه ويحثّون الخطى لتحقيق حلمه بإزالة إسرائيل من الوجود. وكما اعتادوا عليه حوّل عماد الحدث لفرصة جعلت منهم يختبئون كالفئران خوفا من طيفه في كافة أرجاء العالم.
نعم على رغم مرور عقد من الزمن على استشهاد عماد مغنية لا زالت لمسات وجوده تظهر بين الحينة والفينة، أسّس عماد مغنية ما بعد نصر تموز 2006م لمرحلة جديدة من المواجهة مع الصهاينة، ضمن معادلة كسر التفوق على كافة الجبهات.
كان همّ عماد مغنية ومنذ اليوم الأول لانتهاء حرب تموز التفتيش عن الخلاصات واستخلاص العبر من تلك الحرب، أدرك جيّدا أن العدو لا يمتلك سوى السماء ساحة لصولاته وجولاته، فوضع نصب عينيه امتلاك ما يُسقط هذا التفوق. ما حصل من إسقاط طائرة الـF16 الإسرائيلية منذ أيام أكّد لقادة الصهاينة وأجهزتهم الأمنية أن عماد مستمرّ في سعيه وقد نجح في فرض المعادلة الجديدة وإسقاط ورقة التفوق الجوي لديهم.
يحكي بعض ممن عرف الحاج عماد منذ بداية العمل المقاوم في بيروت أنه ومنذ الأيام الأولى كان جلّ همّه فلسطين والأقصى، لم يغب يوما عن ذهنه الهدف الذي يمشي لأجله ولم يترك فرصة في التقدم باتجاه فلسطين إلا وفعل. عمل بعد حرب تموز ليل نهار من أجل الإعداد للحرب الكبرى ضد الصهاينة، فشرع في إعادة ترميم ما تضرّر في الحرب فاتحا عهدا جديدا من جهنّم التي ستحرق العدو بما يمتلك من قوة.
إنه "المبدع" كما سمّاه الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله، يقول كل من عرفه إن الحاج عماد لم تصعب عليه مسألة إلا وأبدع لها حلول لا تخطر بالذهن، تميّز بعدم تقليده لأي من المدارس العسكرية الشائعة في العالم، فبات بنفسه مدرسة عسكرية أمنية متنقلة يعطي غيض من فيض ما يكتنزه في ذاته.
إنجازات عماد الكثيرة العسكرية والأمنية أبقت جانبا من شخصيته خفيا للكثيرين، إنه الجانب الإنساني الذي بنى من خلاله كوادر المقاومة المستمرين على خطاه. نعم ليس من المبالغة القول أن من أهم ما أبدعته أيدي عماد مغنية كان تربية الأفراد والقيادات من بعده. كانت واحدة من أهم خصاله التي لازمته منذ شبابه اهتمامه الأكيد ببناء الكوادر البشرية الكفيلة باستمرار المسيرة. هنا يخطر على بالي قصة تواترت بين شباب المقاومة بعد حرب تموز وهي كيف أن الحاج عماد استطاع أن يُقحم بعد الحرب شريحة كبيرة من الشباب اللبناني ضمن برامج مختلفة تدريبية عسكرية وتثقيفية للمقاومة، تعجّب الكثيرين من سياسة الاستقطاب التي اتبعها الحاج عماد في حينها والتي لم يراعي فيها الكثير من الضوابط خاصة من حيث الإمكانات الشخصية والتي كانت تراعى سابقا، كان جواب الحاج عماد في حينها أنه سيحرّر فلسطين في هؤلاء الشريحة من الشباب الذين لا يؤمن الكثيرين بقدراتهم.
وبالفعل أثبت شباب الحاج رضوان أنهم الجيل الذي يمكن له دحر إسرائيل من الوجود. قد لا يكون القياس محبذا هنا ولكن اسمحوا لي أن أعرض مقاربة معيّنة تؤكد ما قاله الحاج عماد عن جيل الشباب ذاك. عندما اجتاح التكفير والإرهاب الذي لا يقلّ خطرا عن الصهاينة بلادنا هؤلاء الشباب من تلامذة عماد مغنية كان لهم حصّة كبيرة في تحقيق النصر عليهم وتطهير البلاد من غدة سرطانية زرعها أعداء الأمّة كخط دفاع أوّل عنهم.
لا زال عماد ولا زالت أنفاسه وطيفه ولمساته موجودة في كلّ مكان، وسيثبت الزمان ما أكّده التاريخ أن عماد لم يمتّ وسيحقّق النصر على الصهاينة وسيدحرهم من آخر شبر أرض من فلسطين الحبيبة.
الوقت