نعمل سويةً مع إسرائيل لمنع التدّخل الإيرانيّ بالضفّة والقطاع والجنرال سليماني أغضب عبّاس ونتنياهو
زهير أندراوس
كشفت صحيفة "إسرائيل اليوم” العبرية، نقلاً عن مصادر رفيعة جدًا في ديوان رئيس السلطة الفلسطينيّة محمود عبّاس، كشفت النقاب عن نشاطٍ أمنيٍّ تبذله الأجهزة الأمنيّة الإسرائيليّة والفلسطينيّة للحيلولة دون المحاولات الإيرانية للتسلل إلى الضفة الغربية وقطاع غزة. ونقلت الصحيفة عن مصادر في مكتب رئيس السلطة الفلسطينية، تأكيدها على أنّ التنسيق الأمني مع الاحتلال الإسرائيليّ قائم ولكن بمستوياتٍ منخفضةٍ، وأقرب للسريّة، لكي لا تمس المصالح الأمنية للطرفين.
وتابعت المصادر عينها قائلةً، بحسب الصحيفة، إنّ قيادة السلطة غاضبة جدًا من الجنرال قاسم سليماني، قائد قوة القدس في الحرس الثوريّ الإيرانيّ، والمسؤول عن القضايا الأمنيّة خارج حدود إيران، والذي تدّعي أنّ دعمه وتمويله لفصائل فلسطينية يشكل خطرًا على الأمن القومي الفلسطينيّ، وعلى استقرار قيادة السلطة، لذلك يجب منع المحاولات الإيرانيّة بكل ثمن حتى لو كان بالتعاون الأمني مع الإسرائيليين، على حدّ تعبيرها.
علاوةً على ذلك، نقلت الصحيفة عن مصدرٍ أمنيٍّ فلسطينيٍّ رفيع قوله إنّ الأجهزة الأمنيّة التابعة للسلطة قامت بحملة اعتقالات ضدّ نشطاء من حركتي الجهاد الإسلاميّ وحماس في شمال الضفّة العربيّة وفي مدينتي رام الله والخليل، أكّد المصدر.
وكان قائد فيلق القدس في الحرس الثوريّ الإيرانيّ اللواء قاسم سليماني اتصلّ هاتفيًا أواسط الشهر الماضي بقيادتي حماس والجهاد العسكريتين في غزة، معربًا عن استعداد طهران لتقديم دعمٍ شاملٍ للمقاومة الفلسطينيّة، وأكّدت المصادر أنّ سليماني أجرى اتصالين هاتفيين مع قائد كتائب عز الدين القسام، وقائد سرايا القدس الذراع العسكري لحركة الجهاد الإسلامي في غزة، أعرب فيهما عن استعداد بلاده لتقديم الدعم الشامل لقوات المقاومة الإسلاميّة الفلسطينيّة. ونُقل عنه تأكيده في هذين الاتصالين أيضًا استعداد سائر فصائل جبهة المقاومة في المنطقة للدفاع عن المسجد الأقصى.
وكانت رئيسة حزب "ميرتس″ الـ”يساريّ” الإسرائيليّ زهافا غالؤون قد التقت عبّاس الشهر الماضي وقالت إنّه بدا على غير عادته وغير دبلوماسيّ ومباشر في أقواله وتعبيره.
وأضافت أنّ اللقاء مع عبّاس كان جيدًا والأجواء كانت إيجابية، إلّا أنّ رئيس السلطة كان قلقًا، وأنّها شعرت أنّه مختلفًا، معربة عن تفهمها له لأنّ السياسة التي ينتهجها نتنياهو وطبيعة الإدارة الأمريكية الجديدة وعلاقاتها مع إسرائيل إلى جانب الأزمات التي تمر بها إدارة ترامب والتوتر مع كوريا، تجعل عدم الوضوح هو المسيطر.
وقالت إنّ عبّاس أخبرها بأنّه التقى مبعوثي ترامب أكثر من 20 مرة منذ تولي الأخير منصبه، وأنّه لم يفهم كيف يديرون ويعالجون ظروف الصراع الفلسطينيّ-الإسرائيليّ، مُوضحًا أنّهم كانوا يقولون بأنّهم يؤيدون حلّ الدولتين ووقف البناء في المستوطنات، ولكنّهم رفضوا التصريح عن ذلك علنًا، أوْ أنْ يضعوه شرطًا أمام رئيس الوزراء الإسرائيليّ بنيامين نتنياهو.
وفي شهر تموز (يوليو) الماضي كشف وفد من حزب ميرتس الإسرائيليّ الـ”يساريّ” المعارض أنّ عباس أبلغهم أنّه اقترح استئناف التنسيق الأمنيّ مع إسرائيل بعد تعليق استمر نحو شهر، لكنّ الحكومة الإسرائيلية لم ترد على مبادرته. وأوقف عباس التنسيق الأمني في 21 تموز (يوليو) الماضي مطالبًا إسرائيل بإزالة أجهزة كشف المعادن التي نصبتها خارج المسجد الأقصى.
وجاء في بيان من أعضاء (ميرتس)، الذي التقوا رئيس السلطة في رام الله، أنّ عباس أبلغ الوفد الضيف أنّ السلطة الفلسطينيّة حاولت مؤخرا الاتصال بقوات الأمن الإسرائيليّة في محاولة لاستئناف بعض من أوجه التعاون. ونقل البيان عن عباس قوله إنّه لم يتلقَ ردًا، ممّا حال دون إحراز تقدم في مجال تحسين العلاقات.
ويشعر كثير من الفلسطينيين، ولا سيما حركتي حماس والجهاد الإسلامي وكذلك عناصر في حركة فتح، بالاستياء من علاقات عبّاس مع إسرائيل، معتبرين أنّ حالة مقاومة الاحتلال لا تستقيم ولا تنسجم مع التنسيق الأمنيّ.
وقال مساعد لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، طلب عدم نشر اسمه،في تصريح لوكالة (رويترز) إنّ التصريحات المزعومة هي ببساطة غير صحيحة. ورفض المصدر الإسهاب، مشيرًا إلى سياسة عدم نشر تفاصيل الاتصالات الأمنيّة مع الفلسطينيين.
ومن الجدير بالذكر أنّ التنسيق الأمنيّ بين الأجهزة الأمنيّة الفلسطينيّة والإسرائيليّة هو أحد بنود اتفاق أوسلو الموقع بين منظمة التحرير وإسرائيل عام 1993، والذي ينص على تبادل المعلومات بين الأمن الفلسطينيّ وإسرائيل.