اميركا ظهيرة المستبد وعدوة الشعوب
ما اثار دهشة وحيرة الراي العام العالمي ونخبه وساسته حتى في الداخل الاميركي الممارسات غير المسؤولة وغير المتزنة للرئيس ترامب تجاه احداث الشغب والتخريب التي شهدتها ايران خلال الايام الاخيرة من قبل مناوئي الثورة الاسلامية والتي سرعان ما خمدت لانها كانت محدودة جدا ولم يتجاوز عدد المشاركين فيها المئات من المشاغبين الذين مارسوا القتل واحراق المحلات والسيارات والاعتداء على المواطنين بهدف زعزعة امن واستقرار ايران. ترامب المصدوم والمرتبك من شدة هزيمة المشروع الاميركي في المنطقة والذي تبنته "داعش"، اراد ان ينتقم من ايران لذلك خططت ادارته مع الكيان الصهيوني وبتمويل سعودي لاحداث اضطرابات داخل ايران بتصور واهم انهم يستطيعون ارباك النظام الاسلامي الذي هو ثمرة جهاد كل الشعب الايراني ودماء ابنائه البررة وبالتالي ابتزازه متناسين ان هذا النظام منبثق من الشعب برمته وليس طبقة خاصة لذلك هو كالجبل الراسخ من ينطح رأسه به يتهشم وينبطح ارضا.
ترامب المتهور والذي تغلب عليه حالات الجنون لم يتمالك نفسه واعصابه امام ما يجري في ايران من احداث شغب مكشوفة ومحدودة لايمكن اعتبارها تحرك شعبي باي شكل من الاشكال، الا ان الرئيس الذي فقد صوابه واصبح يشار اليه بالبنان في اميركا بانه مشكوك في قواه العقلية وهذا ما قاله "ستيف نانون" مستشار الاستراتيجيات السياسة السابق للرئيس ترامب وقد ذهب الى ابعد من ذلك في التكهن بانه "سيستقيل قبل ان تجبره الادارة الاميركية على ذلك لعدم اهليته لمهام الرئاسة وقد استند باتون في رايه هذا على استخدام المادة 25 من الدستور الاميركي لاقالة ترامب.
الرجل قد لا يلام على ممارساته وتصرفاته اللامسؤولة وعدم اتزانه في تقيمه للاحداث لذلك يتحاشى باستمرار الظهور امام الصحفيين لانه سيحرج نفسه واميركا لانه سيبوح بمزيد من الفضائح ومنذ ان دخل البيت الابيض قبل عام وحتى اليوم لم يظهر امام الصحفيين في المؤتمرات الصحفية المعتادة في البيت الابيض بل يوكل الامر باستمرار لـ "سارة ساندرز" الناطقة باسمه لئلا يحاصره الصحفيون ويحرجونه لتظهر عليه زلات اللسان التي تفقد فيها اميركا مكانتها ومصداقيتها على الصعيدين الاقليمي والدولي.
التداعيات الخطيرة لسياسة ترامب المنفلتة خاصة امام ايران دفعت بمجموعة من ضباط الاستخبارات الاميركيين المتقاعدين برفع مذكرة لمكتب الرئيس ترامب يعربون فيها عن قلقهم لمنسوب العداء لايران واعادة النظر في خطاب ادارته باتهام ايران بـ"رعاية الارهاب" مفصحين عن رأيهم بانه "ادعاء خاطئ وغير دقيق".
المذكرة التي وقعها 22 من خبراء وضباط الاستخبارات الاميركية والتي نشرها موقع "واشنطن بلوغ" يذكّرون الرئيس ترامب بانه "يواجه ظروفا مشابهة" للرئيس بوش عندما اراد ان يقوم بعمل عسكري ضد ايران لولا "تقديرات الاستخبارات الوطنية" التي زودته بمعلومات بان ايران لا تمتلك السلاح النووي.
وعلى اية حال فالموقف المخادع والنفاقي والمتناقض للرئيس ترامب تجاه الشعب الايراني لا ينطلي على احد وانه اصبح محل سخرية واستهزاء ليس لدى اواسط الشعب الايراني بل اوساط شعوب العالم. الرئيس ترامب الارعن والفاقد للذاكرة يعلن دعمه للشعب الايراني لنيل حقوقه متناسيا انه يواصل سياسته العدائية والحاقدة ضده من خلال عدم تنفيذ الاتفاق النووي ومنع الشعب الايراني من الاستفادة من الجوانب الاقتصادية لهذا الاتفاق والاكثر اشمئزازا وصفه قبل مدة لهذا الشعب بانه "ارهابي". الرئيس ترامب لم يشذ عن اسلافه من الرؤساء الاميركيين وسياستهم العدائية لشعوب العالم، الا في تكتيكه الاحمق.
فمن من الرؤساء الاميركيين الذين اشتهروا في دعم الانظمة المستبدة وتدبير الانقلابات ضد الحكومات الثورية ان دعموا شعبا لنيل حقوقه وممارساته الديمقراطية حتى يكون الرئيس ترامب هو الرئيس الثاني.
ترامب الذي يتباكى على الشعب الايراني زورا وبهتانا اين هو من قضايا الشعوب المضطهدة اليوم في المنطقة وفي المقدمة الشعب الفلسطيني والبحريني وبقية الشعوب.. انه كذاب اشر حيث فضحة نفسه وسياسات اميركا المتذبذبة والسلطوية فالشعب الايراني وشعوب العالم تتذكر كيف وقفت الادارة الاميركية في عهد كارتر ضد ثورة القرن العشرين ثورة الشعب الايراني العارمة ووقفت مع المستبد والدكتاتور الشاه ضد الشعب الذي انتفض عن بكرة ابيه،الم يكن ذلك اليوم شعبا بل اصبح اليوم من خلال خروج بعض المجاميع من الشرذمة والقتلة لاحداث عمليات الشغب والاضرار بمصالح الشعب الايراني هو شعب يستحق الدفاع؟!