السياسات الأميركيّة... عين «إسرائيليّة» وأخرى إرهابيّة
النائب د. مروان فارس
مقدّمات العام 2018، تشي بأنّ الولايات المتحدة الأميركية المعادية مستمرة على سياساتها العدوانية ضدّ شعوب العالم، وبأنّ الرئيس الأميركي دونالد ترامب ماضٍ في ترجمة هذه السياسات بعنجهية غير مسبوقة، ما يضع العالم أمام احتمالات نشوب حروب كبيرة !
إنّ التصعيد الأميركي ضدّ كوريا الشمالية، يكشف كيف أنّ السياسات الأميركية تدفع باتجاه حصول نزاعات عالمية كبرى، ذلك أنّ بيونغ يانغ التي تمتلك ترسانة صواريخ عابرة للقارات، أعلنت أنها لن تقف مكتوفة الأيدي في حال تعرّضت لعدوان أميركي، حتى أنّ الرئيس الكوري الشمالي كيم جونغ أون أطلق في بداية هذا العام تحذيراً شديداً من خلال إشارته إلى أنّ «الزر النووي» موجود دائماً على مكتبه.
كما أنّ التصعيد الأميركي ضدّ إيران، لا يقلّ خطورة، فإيران دولة تمتلك قدرات كبيرة، ولها حلفاء وأصدقاء في العالم والمنطقة، وبالتالي، فإنّ تدخل الولايات المتحدة الأميركية في الشؤون الإيرانية، ووقوفها وراء التظاهرات التي انطلقت مع بداية العام في عدد من المدن الإيرانية، سيجعلها في مواجهة مباشرة مع إيران، وقد سبق للمسؤولين الإيرانيّين أن أعلنوا بأنّ القواعد الأميركية في المنطقة تحت مرمى الصواريخ الإيرانية.
والسؤال، ماذا ترمي الولايات المتحدة من وراء التصعيد ضدّ كوريا الشمالية وإيران، وهما دولتان تتمتعان بكلّ عناصر القوة والردع؟
صحيح، أنّ الولايات المتحدة قوّة عظمى، لكن ليست هي القوة العظمى الوحيدة في هذا العالم، فهناك روسيا والصين ودول أخرى عديدة تمتلك كلّ القدرات للدفاع عن نفسها، وبالتالي فإنّ السياسات الأميركية الغوغائية ستقود إلى الحرائق، وحين تندلع الحرائق لن يسلم منها الأميركيون.
السياسات الأميركية تجاه الساحتين الدولية والإقليمية، لا تقتصر على تهديد كوريا الشمالية وإيران، بل إنّ روسيا والصين وفنزويلا وكوبا ودولاً أخرى على قائمة الاستهداف، وهذا إنْ دلّ على شيء فإنه يدلّ على احتضار سياسات الدولة العظمى الأميركية، لأنّ خوض مواجهات مع دول مثل روسيا والصين، ــ وإنْ اقتصرت على جوانب سياسية واقتصادية وإرهابية ـ هي مواجهات غير محسوبة وأميركا ستكون الخاسر الأكبر.
واقع الحال، أنّ الولايات المتحدة لم تقرأ جيداً، تداعيات اعترافها بالقدس عاصمة لكيان الاحتلال الصهيوني، فعلى الرغم من «الفيتو» الذي وضعته في مجلس الأمن ضدّ مشروع قرار يُبطل قرار رئيسها بشأن القدس، وعلى الرغم من الضغوط التي مارستها على العديد من الدول للامتناع عن تأييد قرار بوجه قرار ترامب في الجمعية العامة للأمم المتحدة، فإنها لم تنجح في ضغوطها، وقد صدر قرار عن الجمعية العامة للأمم المتحدة يُبطل قرار ترامب، بتأييد أكثر من مئة دولة، من ضمنها دول حليفة لها.
وعليه، فإنّ انكفاء دول حليفة للولايات المتحدة عن مجاراة القرار الأميركي بشأن القدس، يؤشر إلى أنّ السياسات الأميركية لا تأخذ بعين الاعتبار التغييرات الحاصلة في الواقع الدولي والإقليمي، وأنّ الإدارة الأميركية في سياساتها تنظر فقط بعين «إسرائيليّة» وأخرى إرهابيّة!