"صفقة القرن" ومصير المنطقة
في اطار ترجمة "صفقة القرن" المؤامرة الكبرى التي تستهدف تغيير معالم المنطقة برمتها والقدس مدخلا لذلك، نرى ان اميركا و بشخص رئيسها ترامب لم تألوا جهدا للوصول الى اهدافها الدنيئة والمقيتة في المنطقة لاعادة هيبتها الضائعة بعد تحقيق محور المقاومة انتصاراته الكبيرة والساحقة في العراق وسوريا ولبنان واليمن على الطريق، لكن السؤال الاساس هل تستطيع اميركا تحقيق احلامها الاستكبارية في ظل الاوضاع القائمة ووجود الانظمة العربية اليائسة والذيلية التي لا تمتلك اي ارادة او قرار وطني مستقل، قد يكون الجواب بنعم اذا ما حذفنا ثقل الشعوب ودورها وكذلك محور المقاومة الذي سجل الانتصارات المتوالية والحاسمة من هذه المعادلة.
ما يجري اليوم في المنطقة من خلط خطير ومتعمد ومعقد للاوراق، هو سابقة خطيرة للتلاعب بعقول شعوبها وتخديرهم عبر ردود الفعل الانفعالية والنارية في ظاهر الامر ممن هم حلفاء اميركا ويتمتعون بعلاقات سياسية وقوية مع الكيان الصهيوني بما فيها السلطة الفلسطينية التي سارعت لطلب انعقاد الجامعة العربية التي لم يتمخض عنها سوى بيان انشائي دون ان تتخذ اي اجراءات عملية تصدم الكيان الصهيوني في الطلب على الاقل تجميد العلاقات معه وليس قطعها. اما تركيا العضو في الناتو والتي تمتلك افضل العلاقات السياسية والاقتصادية مع الكيان الصهيوني ركبت الموجة هي الاخرى في دعوتها لعقد قمة منظمة التعاون الاسلامي دون ان تتخذ اية اجراءات عملية لردع اميركا او الكيان الصهيوني وهكذا حال مصر في دعوتها لعقد الجمعية العامة للامم المتحدة التي لن تكون نتائجها ملزمة لاحد.
واليوم فان الشارع العربي والاسلامي يتساءل على من يضحكون هؤلاء في اصدار بياناتهم الفضفاضة في التصدي لمشروع ترامب حول القدس في وقت اعلن ترامب بانه قد وضع حلفاءه في المنطقة على ما سيقدم عليه مسبقا ولو كان غير ذلك لاختلفت ردود الفعل جذريا.
فمن يريد ان يتصدى لمشروع ترامب ويدافع عن القدس بشرف ويحفظ حرمتها ووحدتها يبدأ من نفسه واول المتواطئين والمتخاذلين هي سلطة محمود عباس التي لم تتخل عن معاهداتها الخيانية مع الكيان الصهيوني وفي مقدمتها اوسلو او توقف تنسيقها الامني واتصالاتها مع هذا الكيان واليوم يمضي على قرار ترامب المهين للفلسطينيين وللعرب وللعالم الاسلامي برمته اكثر من ثلاثة اسابيع دون ان تعقد منظمة التحرير اجتماعا على الاقل لمناقشة مثل هذا الموضوع المصيري والخطير وان قرارات بهذا الشأن وهذا ما يفتح المجال للانظمة العربية والاسلامية ان تتذرع بالموقف الفلسطيني الرسمي بانهم لا يريدون ان يكون ملكيين اكثر من الملك.
وما يدهش الرأي العام العربي والاسلامي اليوم هو تهرب سلطة عباس المتعمد لاتمام مسيرة المصالحة التي تشكل احدى الركائز القوية لوحدة الشعب الفلسطيني في التصدي للعدو وهذا ما دفع بحركة حماس للاستنجاد بوجهاء غزة للتدخل لدى فتح لتحقيق هذه المصالحة لكن المريب ان يخرج بعض قادة فتح ليعلنوا بوقاحة بان المصالحة ليست لازمة في ظل الانتصارات التي يحققها محمود عباس في المؤسسات الدولية!!
يبدو ان الجميع متآمرين على تصفية القضية الفلسطينية وهذه حقيقة كشفت عنها مسار الاحداث التي شهدتها المنطقة وردود الفعل ولابد ان تتحمل شعوب المنطقة ونخبها ومثقفيها وفي الطليعة الشعب الفلسطيني المعني بالقضية اولا بهذه المسؤولية التاريخية لدفن قرار ترامب نهائيا ومحور المقاومة الفيصل في قضايا المنطقة سيكون اول الداعمين والمدافعين كما ثبت ذلك عمليا لحد الآن.
فاتصال القائد الميداني الكبير قائد "فيلق القدس" اللواء قاسم سليماني بقادة "كتائب الاقصى" و"سرايا القدس" وابلاغهم بوقوف ايران الاسلامية بكل امكاناتها وطاقاتها الى جانبهم حتى في اختيار شكل المقاومة التي هم يختارونها لردع العدو الصهيوني نصرة للقدس وهذا اتصال كان ردا حاسما للتصدي للمخططات الاميركية والتآمر السعودي ضد القضية الفلسطينية وفي مقدمتها القدس.
فحماس التي حاولت قيادتها السياسية السابقة ابعادها عن محور المقاومة بذريعة حفظ العلاقة مع الجميع حسمت اليوم موقفها واعلنت عبر قائدها في غزة "يحيى السنوار" في محور المقاومة واعلن بشفافية استعداد حماس لاي تحالف يخدم انتفاضة الشعب الفلسطيني من دون اي عوائق.