مطار العريش وتدشين الحرب الأمريكية السعودية على جيش مصر
ايهاب شوقي
الاحداث الاخيرة في مصر وتحديدا مذبحة مسجد الروضة واستهداف طائرة وزير الدفاع لهي احداث كاشفة على وصول الاستهداف لمرحلة تنبئ بانها جادة ومطابقة لما حدث في بداية الحرب على سوريا وكذلك الموصل، وان المراد هو اتخاذ قاعدة للارهاب في سيناء للانطلاق الى اجزاء اخرى لاستنزاف الجيش.
والمعلومات المتواترة من محللين وخبراء عسكريين موثوق بهم والتي تفيد بأن الصاروخ الذي اصاب طائرة وزير الدفاع المصري بمطار العريش هو صاروخ "تاو" أمريكي، مع التقارير التي تفيد بان هذه الصواريخ اشترتها السعودية واعطتها للجماعات الارهابية في سوريا، وانهم يمتلكون عشرات الالاف منها، والاخطر ان الارهابيين لديهم صواريخ غراد التي يصل مداها لنحو 40 كيلو متر، فإن كل ذلك يفيد بأن الوضع في غاية الحرج والخطورة ويتطلب وقفة اخرى تنطوي على تغييرات جذرية في التعاطي.
ويبدو رهان الارهاب وما وراؤه هذه المرة اكثر اطمئنانا لان مصر الرسمية ليست متحالفة مع محور المقاومة وانما تعاديه وتصفه بـ"الارهاب والتدخل في شؤون الدول"!
وقبل الشروع في اي رصد او اي محاولة للتحليل، ينبغي التذكير بقناعة قائمة على شواهد واسس لا على انطباعات، نقول بها دوما باعتبارها يمكن ان تفسر الكثير من الاحداث وتفض الاشتباك بين مشاهد متداخلة تبدو متناقضة.
وهي ان المستهدف هو الجيوش العربية لكامل الانظمة مهما تباينت توجهاتها ومهما تفاوتت علاقاتها بالولايات المتحدة والكيان الاسرائيلي.
فالجيش هو تعبير عن الدولة القومية، والمستهدف هو القضاء عليها، وهو بوتقة جامعة لمكوناتها، والمستهدف تفريقها وبالأحرى تشاحنها، وهو امل باق في المستقبل، والمستهدف هو قتله في قلوب ووجدان الشعوب.
ومهما كان سلوك الأنظمة سواء بالمهادنة او التبعية او التحدي، فإن مسألة استنزاف الجيوش مسألة منفصلة والشواهد تقول ان قرارا اتخذ بذلك بمعزل عن طبيعة الانظمة وسلوكها.
هذا يفسر استهداف الجيش السوري والعراقي والمصري، رغم تفاوت ظروف وتحالفات وسلوك ومستويات علاقة الدول الثلاث بأمريكا والصهاينة، فلم يمنع التحدي والممانعة في الحالة السورية، أو المهادنة بفعل البناء في ظل محتل لم يبرح مكانه في الحالة العراقية، او اعلان استراتيجية العلاقات واتباع خيار سلام دافئ في الحالة المصرية، من استهداف الجيوش الثلاثة وبذات التنظيمات وربما بذات الاسلحة والتكتيكات!
في نوفمبر 2015 اعتبر السيناتور الأميركي ريتشارد بلاك أن الشعب السوري لا يزال بأكثريته يدعم الرئيس بشار الأسد، مؤكداً ان قرار الحرب في سوريا اتخذته مجموعات مع أجهزة استخبارية لتغيير النظام.
ورأى بلاك في حديث تلفزيوني:"ان الحكومة الأميركية اتخذت مسلكاً خاطئاً بتسليح المجموعات المسلحة بصواريخ تاو"، لافتاً إلى أن تركيا وقطر من الدول التي ساعدت المجموعات المسلحة عسكرياً ومادياً في سورية ". مضيفاً :"ان الحرب في سورية تنتهي عندما ينتهي الدعم للمجموعات المسلحة".
وأكد أن جبهة النصرة التي تؤيد القاعدة باتت تحصل على دعم أميركي بطريقة مباشرة أو غير مباشرة"، كاشفاً عن أنه تم تسليم 500 صاروخ تاو من السعودية إلى الارهابيين في سورية.
وفي ديسمبر 2013 اعلن ان المملكة السعودية ترغب بشراء الصواريخ الأمريكية الموجهة المضادة للدروع من طراز "بي جي إم-71 تاو". وقد أعلم مكتب التعاون العسكري التابع لوزارة الدفاع الأمريكية الكونغرس عن الصفقة المحتملة بقيمة 1.07 مليار دولار.
بينما زاد العدد في تقرير اخر، حيث وضع موقع فورين بوليسي بعض التساؤلات كتبها معد التقرير الذي تحدث عن صفقه سعوديه من امريكا بعدد 15000 مضاد لدبابات دفعه واحدة!
وكان هذا ملخص التقرير وتساؤلاته:
- لااحد يتوقع قرب غزو السعوديه ولكن السعودية طلبت عدد 15 الف صاروخ مضاد لدبابات ولكن بعض المسؤولين الامريكيين (يحكون رؤوسهم) متسائلين هل هي لدعم "المقاومه السورية"!
- وفقا لتقرير المعهد الدولي عن الصواريخ المضادة للدبابات، ففي العقد الماضي، قد ابلغت وزارة الدفاع الكونجرس في صفقة عام 2009 أن ما يقرب من 5،000 صاروخ تم شحنها للمملكة.
- وقال جيفري وايت، وهو زميل في معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى ومحلل الاستخبارات السابق في وكالة الاستخبارات الدفاعية. "المشكلة هي: ما هو التهديد ؟" الذي يجعل السعوديه تطلب هذا العدد؟
- الاجابه صعبه والاشتباك العسكري مع إيران، والتهديد المحتمل الأكثر إلحاحاً الذي قد يواجه الرياض، سيكون إلى حد كبير بين التهديدات البحرية والجوية. وقد خاضت المملكة العربية السعودية سلسلة من المناوشات القاتلة مع مسلحين في شمال اليمن على مر السنين، ولكن هذه الجماعات ليس لديهم أكثر من حفنة من المركبات العسكرية.
- السعوديه اشترت للمعارضه السورية اسلحه من كرواتيا وقد تم تدريب السوريين في الاردن وقال المحلل تشارلز ليستر ان المعارضه تلقوا أيضا ما يصل الى عدد 100 م صواريخ HJ-8 الصينية المضادة للدبابات عبر الحدود مع الأردن - وبالفعل، ظهرت العديد من أشرطة الفيديو للمعارضه السورية تستخدم هذا السلاح ضد دبابات بشار الأسد.
- السعوديون لايمكن ان يرسلو اي سلاح امريكي الا بعد موافقة امريكا.
- يقول محللون آخرون أن الرياض تقوم بشراء الأسلحة للمحاولة على الإبقاء على العلاقات مع البنتاغون، فأنت لا تشتري الأسلحة فقط بل تشتري العلاقات.
وحديثا صدر تقرير اخر عن أصول الأسلحة التي يستخدمها مسلحو داعش في العراق وسوريا، يرصد ان تحقيقا كشف أن وكالة الاستخبارات المركزية اشترت صواريخ مضادة للدبابات، وقد سقطت في نهاية المطاف في أيدي مسلحي داعش.
وقد نشرت جريدة الشرق الاوسط المحسوبة على السعودية فقرات من التقرير لكنها تجاهلت بالطبع ان التقرير يكشف تورط السعودية في الصفقة!
ويسلط التقرير الجديد من بحوث تسليح النزاعات الضوء على كمية ونوع الأسلحة والذخائر التي حصلت عليها قوات داعش في سوريا والعراق. من عام 2014 إلى عام 2017، ووثق أكثر من 40،000 قطعة سلاح، بما في ذلك البنادق والصواريخ، والأجهزة المتفجرة المرتجلة.
ووفقا للتقرير، اشترت الولايات المتحدة والمملكة العربية السعودية الكثير من الأسلحة من دول الاتحاد الأوروبي في أوروبا الشرقية، والتي تم توزيعها، دون إذن، من الدولة المزودة للقوات المتمردة السورية التي تقاتل جيش الرئيس بشار الأسد.
وقال التقرير "على اقل تقدير فان تسريب الاسلحة الموثقة فى هذا التقرير قوّض الثقة التى وضعتها سلطات التصدير فى الحكومات المتلقية". "وفي أسوأ الأحوال، حدثت عمليات التحويل في انتهاك للاتفاقات الموقعة التي تلزم الحكومات المتلقية بعدم إعادة نقل العتاد دون موافقة مسبقة من المصدر".
في إحدى هذه الحالات، وجدت جمهورية أفريقيا الوسطى أن سلاحا مضادا للدبابات المتقدمة تم تصنيعه في الاتحاد الأوروبي تم بيعه إلى الولايات المتحدة، لمجرد إعطاؤه لطرف مشارك في النزاع السوري، الذي وجد طريقه إلى مسلحي داعش في العراق في عملية استغرقت شهرين.
مما سبق، يمكننا ان نقولها بثقة واطمئنان، ان كل خيارات الانظمة بمهادنة امريكا واسرائيل مظنة حماية جيوشها او انظمتها هي خيارات بائسة فاشلة، كل ماتفعله هو اتاحة الفرصة لان يكون الاستهداف اكثر اريحية واكثر عمقا وتأثيرا!
هذا بشكل عام ويسري تحديدا على الانظمة القومية ذات الجيوش المعتبرة والتي تشكل دولا للطوق حول اسرائيل، اما الانظمة الوظيفية والملكيات فهي تعرف دورها وتؤديه، والاصح انها اداة من ادوات الاستهداف تتمتع بدور وظيفي في انفاذه.