العالم ينتصر للقدس
ما خرجت به الجمعية العامة للامم المتحدة لمداولتها حول قرار الرئيس ترامب الجائر بالاعتراف بالقدس عاصمة للكيان الصهيوني، كانت صفعة قوية لسياسات ترامب المتهورة ونكسة للكيان الصهيوني الذي تصور عبثا ان التهديدات الاميركية بقطع المساعدات عن الدول التي ستصوت ضد قراره ستكون فاعلة لدرجة ان تسقط الثلثين في التصويت بالجمعية العامة وهو النصاب المعتبر لاية قضية سياسية تناقشها وان كان قرارها غير ملزم قانونيا الا انه يحمل اعتبارا سياسيا واخلاقيا يفضح على الاقل الجهة المعارضة التي تقف بوقاحة ضد المجتمع الدولي الذي مثّل 128 دولة انتصرت للقدس وعارضت قرار ترامب غير الشرعي المعارض للقوانين الدولية، اما المضحك وللنكته ان الدول التي عارضت القرار هي 9 دول قد يسمع بها العالم لاول مرة مثل "ناورو وبالاو وميكرونيزيا..." ام الدول الممتنعة فهي الدول المرعوبة من قطع المساعدات الاميركية عنها مثل دول اوروبا الشرقية والدول الافريقية حيث خضعت للتهديدات الاميركية وداست على عزتها وكرامتها من اجل حفنة من الدولارات.
فتصويت 128 دولة لصالح مشروع القرار في الجمعية العامة للامم المتحدة يبرهن على ان العالم لم يعد يخضع للتهديد والوعيد الاميركي ولم يكترث بذلك مهما بلغ سقفه من الوقاحة الفجة حيث خرجت هايلي المندوبة الاميركية في الامم المتحدة بتصريح تذكر العالم بزمن العبودية عندما تقول: "ان اميركا اكبر من كل الدول وتستطيع ان تشتري حرية العالم"، لكن نتيجة التصويت برهنت للسيدة الفاقدة للباقة الدبلوماسية انها وسيدها ترامب مخطئان وفاشلان في تقيمهما للامور.
ومن المؤكد ان قرار الامم المتحدة يشكل صدمة لاميركا التي كشفت عن نفسها في الساحة الدولية وبان حجمها وهذا ما يسبب لها خسارة كبيرة سياسيا ودبلوماسيا على الصعيدين الاقليمي والدولي وبالتالي يضعف من دورها ويزيد من عزلتها.
ان تصويت اكثر من ثلثي دول العالم بما فيها حلفاء اميركا من الاوروبيين ضد قرار ترامب نصرة للقدس" يعني تغييرا في النظام العالمي ويكتسب اهمية كبيرة بان اميركا لم تعد تلك القوة التي تفرض سياستها واملاءاتها على العالم وهذا يشكل ضربة قوية لهيبة اميركا وغطرستها وهذا ما يفرض عليها اعادة النظر في موقفها وان كان الرئيس ترامب رجلاً عنيدا ومتزمتا في مواقفه لكن مراكز القرار في اميركا لم تقف مكتوفة الايدي امام هذه الصفعة التي تلقتها الولايات المتحدة الاميركية ولابد من معالجة الموضوع. ويتوقع الكثير من المراقبين ان قرار الامم المتحدة سيترك تاثيره على ممارسات ترامب ومن المستبعد جدا ان ينفذ ترامب تهديده بنقل السفارة الى القدس حتى نهاية دورته الحالية على الاقل، واذا ما استمرت الضغوط الداخلية والخارجية والتهبت الانتفاضة الثالثة وزلزلت الارض تحت اقدام الصهاينة سيتراجع عن قراره.
الصحف الاميركية كانت السباقة في توجيه انتقادات لاذعة لفشل سياسة ترامب وقراراته المتهورة التي اضرت بالولايات المتحدة الاميركية وسمعتها لدرجة ان صحيفة "يو اس توداي" كتبت ان "ترامب غير لائق لينظف المرحاض" .
واذا ما تجاوزنا النتائج السلبية لهذا القرار على الولايات المتحدة الاميركية والكيان الصهيوني الذي اعد ذلك خيبة امل له فان من نتائجها الايجابية لصالح القضية الفلسطينية ان احرجت العرب المتخاذلين الذين يهرولون نحو التطبيع مع العدو الصهيوني وفي المقدمة السعودية والبحرين وهم اليوم في موقف لا يحسدون عليه.