فلسطين تكشف الحقيقة بين شيخ الرفض وملك التطبيع
إيمان شمس الدين
جاءت زيارة الوفد البحريني الأخيرة للكيان الصهيوني تتويجا لمسار التطبيع العلني للبحرين، وتأييدا لقرار ترامب أن القدس عاصمة للكيان الصهيوني، وقام النظام البحريني بمنع البحرينيين من التظاهر تعبيرا عن رفضهم لهذا القرار الخطير.
و كلنا يدرك أن المحرك الرئيسي للكيان الصهيوني بل الداعم له بالمال والسلاح والتكنولوجيا والتدريب هي أمريكا.
للشيخ عيسى قاسم موقف واضح من الولايات المتحدة الأمريكية صرح به في خطب الجمعة قائلا"أميركا لها ميزان واحد ومقدس واحد ليس هو إلا مصلحتها المادية وقبل ذلك المصلحة المادية لكبار ساستها والطامعين في رئاستها والمراكز السياسية العليا فيها".
ومن تصريحاته في يوم القدس العالمي: " يوم القدس العالمي هو يوم فلسطين التي نسيتها الأكثرية من الحكومات العربية أو باعتها رخيصة لحساب تبعيتها لخارج الأمة وتنكرا لها". واهتم الشيخ بقضية الاضطهاد والظلم الذي تعانيه الشعوب وطالب بعملية إصلاح وتغيير شاملة ترفع ظلم الأنظمة عن شعوبها، و تنهض بالأوطان لتضعها على سكة التقدم والتطور. فكان يرى الشيخ قاسم أن القضية الفلسطينية ذات أبعاد إشكالية متعددة تحتاج مقاومة ونهضة:
- البعد الخارجي المتعلق بأمريكا والغرب ودعمهم للكيان الصهيوني دعما متحيزا ضد الفلسطينيين.
- البعد الداخلي المتمثل في:
1. تواطؤ أغلب الأنظمة الحاكمة مع أمريكا والغرب في دعم الكيان الصهيوني وبيع القضية الفلسطينية في مقابل البقاء في الحكم. وكانت أمريكا تشكل غطاء داعما لهذه الأنظمة رغم استبدادها، وقد تساءل قائلا : "ما تفسير الموقف الأمريكي المتباين من حكومات تتساوى ظلما وتسلطا ودكتاتورية واستبدادا ونهبا وسرقة وعبثا بمصير الشعوب، ومن شعوب تشترك في المعاناة والمأساة من هذه الحكومات وتصادر حريتها وتوؤد إرادتها وتحارب وتجهل وتمزق بثرواتها على يد الساسة المتسلطين عليها"
2. تواطؤ هذه الأنظمة على شعوبها من خلال الظلم والاستبداد والاضطهاد ومنع أي حركة تصحيحية وتغييرية حقيقية لنهضة الأوطان، وهو ما يدخل هذه الشعوب في انشغالات داخلية، تشغلها عن قضايا الأمة المصيرية وعلى رأسها فلسطين. فالغرب وأمريكا يدعم الكيان الصهيوني من جهة و يدعم الأنظمة المستبدة من جهة أخرى، التي تعزز وجود هذا الكيان الغاصب وتقتل قضية فلسطين في ضمير ووجدان شعوبها.
هذه الأنظمة تتبع أشكال عديدة للتطبيع:
- التبادل الدبلوماسي المباشر بين الدول والكيان الصهيوني.
- التبادل التجاري
- زيارات متبادلة للمسؤولين من الجهتين.
- التنسيق الأمني ونقل الخبرات وهو ما شاهدناه بشكل جلي في السجون البحرينية، التي مارست ممارسات شبيهة بشكل كبير لتلك التي يمارسها الكيان الصهيوني في سجونه ضد الفلسطينيين، وهو ما أوضحه الشيخ عيسى قاسم في أحد خطاباته قائلا: "لقد فرغت السجون الإسرائيلية من عدد من أحرار فلسطين وبقي منهم الكثير في ظلماتها وفرغت أو كادت تفرغ من الحرائر الفلسطينيات المجاهدات ، وهذا خير والحمدلله ، ونسأل الله عز وجل أن تفرغ سجون الظالمين من كل المظلومين ، في كل مكان وما حصل للأخوة الفلسطينيين والفلسطينيات من استعادة للحرية إنما كان على رغم أنف "إسرائيل" ، وتحت ضغط الجهاد والمقاومة التي تتحمل أتعابها الساحة الفلسطينية مجاهديها وأهلها الأحرار".
وأضاف آية الله قاسم "إذا جئت لسجوننا في البحرين فإن نزالها يزيدون يوما بعد يوم والتدفق عليها من أبناء الشعب في استمرار وهي لا تشبع منهم ولا تكتفي والجديد في سجوننا التي لم تر المرأة المؤمنة لها ظلا من قبل أنها صارت تغيب الحرائر المسلمات ويحكم عليهن في الخلود فيها وكل الذنب إبداء الرأي السياسي والمطالبة بالحق والإعتزاز بالحرية والكرامة".
الشيخ عيسى قاسم كرجل دين من المناضلين لأجل شعوبهم و قضايا الأمة المصيرية كفلسطين والكاشفين بشكل علني لمواقف الأنظمة وأمريكا والغرب، و له تأثيره الواسع في وجدان الشعب البحريني وفي وجدان كثيرين من الشعوب العربية والإسلامية، وقد بدا ذلك جليا بعد طرد فلسطينيي غزة للوفد البحريني الأخير، فقاموا وقتها برفع صور الشيخ عيسى قاسم الذي يعرفونه من خلال نصرته لقضية فلسطين ومواقفه العلنية الجريئة من أعداء فلسطين والشعوب العربية.
أما مواقف النظام البحريني وعلى رأسه ملك البحرين من القضية الفلسطينية، نجد:
- قبوله بالتطبيع العلني مع الكيان الصهيوني، والاعتراف به كدولة.
- تبادل الزيارات العلنية في عهده من خلال زيارة علنية لوفد صهيوني إلى البحرين، وزيارة علنية وفد بحريني إلى الكيان الصهيوني، دون أي تجريم منه كسلطة رغم الممارسات التعسفية لذات السلطة ضد شعبها والمعارضة لمجرد مطالبتهم بالإصلاح.
- تبادل الزيارات على مستوى المسؤولين في البحرين والكيان الصهيوني في عهده .
- عدم الاهتمام بقرار ترامب الأخير رغم مصيرية القرار بالنسبة للفلسطينيين وللشعوب العربية والإسلامية. ومنعه لخروج تظاهرات بحرينية منددة بالقرار، وقمعه لكل من حاول التظاهر والتعبير عن الرفض للقرار.
- تغيير بوصلة العداء في النظام البحريني لتصبح متجهة ضد إيران وهي ذات بوصلة عداء الصهاينة،. وهذه محاولة لكي وعي الشعب البحريني وليهيئ قابليته للتعايش مع هذا الكيان تحت شعارات محاربة الإرهاب والعداء لإيران.
ففلسطين جهاز الكشف الواضح لزيف ادعاءات النظام البحريني ضد زعيم المعارضة الشيخ عيسى قاسم وما تم تلفيقه ضده وضد المعارضة، ومن يقف وراء هذا التلفيق ويدعم هذا النظام ولماذا يدعمه. الثمن الذي دفعه هذا النظام ليبقى على سدة الحكم هو بيعه لفلسطين وللقدس، و اعترافه بالكيان الصهيوني كدولة. وكان مقابل هذا البيع، ضوء أخضر للنظام البحريني من أمريكا، للانقضاض على آخر معاقل المعارضة البحرينية في الدراز، ووضع زعيم هذه المعارضة الشيخ عيسى قاسم تحت الإقامة الجبرية لدعمه للمعارضة والقضية الفلسطينية .
فكان لزاما إسكات الشيخ لعدة اعتبارات:
1. الانقضاض على آخر معاقل المعارضة وأقواها لإضعاف الحراك والقضاء عليه، والتفرد أكثر بالمعارضين.
2. إسكات صوت الشخصية المؤثرة داخليا وخارجيا، تمهيدا للمزيد من التطبيع، و تمهيدا لإعلان ترامب القدس عاصمة لفلسطين، وهو الإعلان الأكثر استفزازا للبحرينيين الشرفاء وأبرز دليل الشاب البحريني محمود الجزيزي الذي قتل بيد القناصة بسبب مسيرة غضب لأجل فلسطين عند السفارة الأمريكية.
وكان قرار كهذا لن يمر إلا وقد ألهب الشيخ عيسى قاسم من خلال منبر الجمعة الجماهير ودعاها للنفير العام ضد هذا القرار. وهو ما لا ترغب به أمريكا، خاصة في الخليج (الفارسي) الذي يمثل ثقل الطاقة و المال لديها وسوقا للاستهلاك، بالتالي على الخليج (الفارسي) الثري أن يطبع لتتبعه باقي الدول والجماهير التي يسكتها مال الخليج (الفارسي) ويشتري ذمتها لبيع فلسطين.
لذلك كان يجب إسكات صوت الشيخ عيسى قاسم صوت الرفض والمقاومة.
ففلسطين كشفت للشعوب التي انطلت عليها حيلة مذهبة الحراك البحريني، فلم تساند الحراك لا إعلاميا ولا نضاليا ولا بالموقف. لتعلم هذه الشعوب من هم رموز الحراك المطلبي في البحرين، وما هي مواقفهم التاريخية تجاه فلسطين وقضايا الأمة ، و ليكتشفوا من هو النظام البحريني ومن يدعمه وكم الزيف الذي ادعاه على المعارضة والمعارضين.